الخرطوم – لا تستبعد أوساط سياسية سودانية إمكانية إدراج الولايات المتحدة لجماعة الإخوان المسلمين والمجموعات المرتبطة بها على لائحة الإرهاب، في ظل قناعة سائدة بأن الجماعة هي من تقف حجر عثرة أمام التوصل إلى تهدئة إنسانية تمهد الطريق لمفاوضات تسوية في البلاد.
وتبني هذه الأوساط فرضيتها على الإشارة الواضحة التي تضمنتها المبادرة المعروضة من الرباعية الدولية، مؤخرا، والتي تنص على أن “مستقبل السودان لا يمكن أن تُمليه الجماعات المتطرفة العنيفة التي تنتمي أو ترتبط بشكل موثق بجماعة الإخوان المسلمين، التي أدى نفوذها المزعزع للاستقرار إلى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.”
وتزامنت مبادرة الرباعية التي قدمت الجمعة، وهدفها عرض هدنة إنسانية في السودان لمدة ثلاثة أشهر، مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية عن حزمة عقوبات جديدة بحق شخصيات وكيانات متورطة في الحرب السودانية، شملت كتيبة “البراء بن مالك”، التي تعد الذراع العسكرية الأبرز لجماعة الإخوان.
وتقول الأوساط إن الولايات المتحدة ذاقت ذرعا بسلوك “الإخوان” في السودان، وأن الدوائر الأميركية باتت ترى بضرورة تشديد الضغوط على الجماعة لكونها الطرف الرئيسي المعرقل للسلام في البلاد.
الدوائر الأميركية باتت ترى بضرورة تشديد الضغوط على جماعة الإخوان لكونها الطرف الرئيسي المعرقل للسلام في السودان
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أكدت على أنها ستستخدم كافة أدواتها لضمان عدم عودة جماعة الإخوان إلى السلطة في السودان. وأشارت إلى أن الجماعة لعبت دورا محوريا في تقويض الحكومة الانتقالية المدنية السابقة، وعرقلة الاتفاق الإطاري، كما ساهمت في اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
وأضافت الوزارة أن “المتشددين” يواصلون تعطيل الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار وإنهاء النزاع.
وقبضت جماعة الإخوان المسلمين على مفاصل الحكم في السودان لعقود طويلة، عبر ذراعها السياسي حزب المؤتمر الوطني قبل أن تنهار سلطتها في العام 2019 عبر انتفاضة شعبية، ويجري حل الحزب وسجن رموزه.
لكن الجماعة سرعان ما نجحت في التسلل إلى المشهد السوداني مجددا، مستغلة التنافس داخل السلطة الانتقالية والطموحات الكبيرة لقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقد لعبت الجماعة دورا بارزا في الانقلاب الذي قاده الجيش ضد الحكومة المدنية بقيادة عبدالله حمدوك في العام 2021.
وفي خطوة منها لقطع الطريق على تسلم المدنيين السلطة، تحت ضغط من المجتمع الدولي، عمدت الجماعة إلى دفع قيادة الجيش للدخول في مغامرة عسكرية ضد قوات الدعم السريع.
وعملت جماعة الإخوان على إجهاض كل التحركات والمبادرات الدولية والإقليمية للتسوية بسبب سيطرتها على مفاصل القرار داخل المؤسسة العسكرية، وحتى السلطة التنفيذية.
ويرى مراقبون أن قرار إدراج جماعة الإخوان على لائحة الإرهاب، قد تكون الخطوة التالية بعد بيان الرباعية، والعقوبات التي فرضت على إحدى أبرز الكتائب المسلحة الموالية للجماعة.
ويشير المراقبون إلى أن هذه الخطوة قد تخفف العبء على قيادة الجيش وتجعلها تنخرط فعليا في جهود السلام، في ظل صعوبة حسمها عسكريا أمام الدعم السريع.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الطيب الزين إن رفض الجيش السوداني لدعوة المجموعة الرباعية يعكس بوضوح أن المؤسسة العسكرية لا تزال واقعة تحت تأثير فلول النظام السابق، وعلى رأسهم تنظيم الإخوان المسلمين المعروف محلياً بـ”الكيزان”.
واعتبر الزين في تصريحات صحفية أن عرقلة التسوية السياسية ليست مجرد مناورة تكتيكية، بل هي امتداد لمحاولات اختطاف الدولة ومنعها من التعبير عن إرادة شعبها في حياة حرة كريمة.
وشدد المحلل السياسي على أن بناء السودان الجديد يبدأ بكسر قبضة الإخوان على مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش، وإعادة توجيه البوصلة نحو دولة مدنية تحترم الإنسان وتخدمه.
وانتقدت الحكومة السودانية الموالية للجيش، الأحد العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على كتيبة البراء بن مالك.
في خطوة لقطع الطريق على تسلم المدنيين السلطة، تحت ضغط من المجتمع الدولي، عمدت الجماعة إلى دفع قيادة الجيش للدخول في مغامرة عسكرية ضد قوات الدعم السريع
ونقلت وكالة الأنباء السودانية “سونا” عن بيان وزارة الخارجية السودانية “إن حكومة السودان تود أن تشير إلى أن مثل هذه الإجراءات الأحادية لا تساعد في تحقيق الغايات المنشودة في بيان الخزانة من تحقيق للسلام في السودان والمحافظة على السلم والأمن الدوليين.”
وتابع البيان أن “حكومة السودان تؤكد أن أفضل الطرق لمعالجة الأزمات يعتمد في الأساس على الانخراط المباشر وعدم الاعتماد على افتراضات تروج لها بعض الجهات التي تحمل أجندة سياسية خاصة لا تخدم المصالح العليا للشعب السوداني.”
وأضاف أن “الحكومة تشير في هذا الخصوص إلى أن تحقيق السلام في السودان ربما يكون غاية مشتركة للمجتمعين الإقليمي والدولي ولكنه في المقام الأول شأن سوداني مبني على تطلعات الشعب بكافة مكوناته، وأن حكومة السودان هي المسؤولة عن تحقيق هذه التطلعات عبر كل الوسائل بما فيها الانخراط والعمل المشترك مع كافة الجهات في إطار احترام السيادة الوطنية.”
وإلى جانب كتيبة البراء بن مالك، أعلنت الولايات المتحدة يوم الجمعة عقوبات على وزير المالية جبريل إبراهيم.
وفي بيان، قالت وزارة الخزانة الأميركية إن العقوبات تستهدف “جهات فاعلة إسلامية سودانية،” وهما إبراهيم والكتيبة، “لتورطهما في الحرب الأهلية الوحشية في السودان وصلاتهما بإيران.”
وأضاف البيان أن العقوبات “تهدف إلى الحد من النفوذ الإسلامي داخل السودان وتقليص الأنشطة الإقليمية لإيران،” والتي قال إنها ساهمت في زعزعة الاستقرار الإقليمي والصراع ومعاناة المدنيين.
يشار إلى أن إبراهيم هو زعيم حركة العدل والمساواة، وهي جماعة مسلحة من دارفور وقعت اتفاق سلام مع الحكومة السودانية في عام 2020 وتقاتل الآن إلى جانب الجيش.
ويتهم ابراهيم بالدوران في فلك جماعة الإخوان المسلمين.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.