الخرطوم ـ : اعتبرت شبكة أطباء السودان اعتراف منظمة «الصحة العالمية» أخيراً بوجود مجاعة في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، «متأخرا وصادما» سيما و أن المدينة تعاني من حصار خانق ونقص حاد في الغذاء والدواء منذ ما يقرب من عام ونصف.
وقالت المتحدثة باسم الشبكة، رزان المهدي، في تصريحات صحافية، إن الاعتراف الأممي رغم أهميته «لا يمكن أن يُعامل كمجرد بيان شكلي يضاف إلى أرشيف التصريحات» مؤكدة أن أكثر من نصف مليون مواطن في الفاشر «يواجهون الموت جوعًا ومرضًا كل يوم».
وأشارت إلى أن ما يجري في المدينة يمثل «إبادة جماعية مكتملة الأركان» متهمة قوات الدعم السريع بـ«منع دخول الغذاء والدواء» وفرض حصار خانق على المدنيين «بلا رحمة» على حد تعبيرها. ودعت المجتمع الدولي إلى تجاوز مرحلة التصريحات والانتقال إلى خطوات فعلية، تمارس ضغطًا مباشرًا لرفع الحصار عن المدينة.
وأكدت أن «كل دقيقة تأخير تعني مزيدًا من الضحايا، ومزيدًا من الأطفال الذين يختطفهم الجوع» محذرة من أن صمت المجتمع الدولي «لا يغتفر» وأن هذا التجاهل «يجعلهم شركاء في هذه الجريمة بصمتهم».
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت، السبت، أن السودان يواجه أزمة جوع خطيرة، مؤكدة وجود ظروف «مجاعة فعلية» في أجزاء من البلاد، ووصفت الوضع في ولاية شمال دارفور، خصوصًا في مدينة الفاشر، بأنه «شديد الخطورة».
وقال مدير المنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في منشور على منصة «إكس» إن مدينة الفاشر تخضع لحصار مستمر منذ أكثر من 500 يوم، ما تسبب في «نقص حاد في الغذاء والدواء وارتفاع كبير في الاحتياجات الصحية».
الشبكة دعت للانتقال من التصريحات إلى خطوات فعلية
ودعت المنظمة إلى فتح ممرات إنسانية «آمنة وغير مقيدة» بشكل فوري نحو مدينة الفاشر، لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، وإنقاذ الأرواح وسط التدهور المتسارع للوضع الإنساني.
وتعيش مدينة الفاشر منذ مايو/ أيار 2024 تحت حصار تفرضه قوات «الدعم السريع» أدى إلى شبه انهيار كامل في النظام الصحي ونفاد الإمدادات الغذائية. وتحدثت تقارير محلية عن حالات تسمم بين السكان نتيجة تناولهم «الأمباز» وهو علف مخصص للحيوانات، في محاولات يائسة لتجنب الموت جوعًا.
وقالت لجان المقاومة في المدينة إن «كل مقومات الحياة قد انعدمت» مشيرة إلى مشاهد مأساوية، منها إسعاف الجرحى بعربات خشبية تجرها الحمير، في ظل غياب عربات الإسعاف، ونقص المستلزمات الطبية، وتعطل المستشفيات.
وأضافت: «نقاتل الموت بالصبر. فعربة الحمار أصبحت سيارة إسعافنا، حيث تطوى الحياة على واقع القصف والجوع. لا تُسمع هنا أصوات سيارات الإسعاف، بل صوت العربة الخشبية وهي تنقل الجرحى أملافي إنقاذ ما يمكن إنقاذه».
وأكدت اللجان أن المدينة رغم ما تمر به، ما زالت «صامدة» قائلة: «لا نملك إلا الصمود رغم الجوع والمرض والرصاص، وما زلنا متمسكين بأرضنا كما يتمسك الجذر بالتراب في موسم الجفاف».
في ظل الانهيار الكامل لشبكات الإمداد والدعم، دعت لجان المقاومة إلى استمرار دعم المطابخ الجماعية التي وصفتها بأنها «شريان الحياة الوحيد» لعشرات الآلاف من الجوعى والنازحين في المدينة المحاصرة.
وقالت: «وجبة واحدة في اليوم قد تنقذ روحًا، أو تخفف معاناة أم ترى أطفالها ينامون جوعى» مؤكدة أن المطابخ الجماعية أصبحت الملاذ الأخير للسكان في مواجهة المجاعة. وأضافت: «الفاشر تنزف، لكنها لم تسقط. الفاشر تحتاجكم».
«القدس العربي»
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.