البندقية (أ ف ب) – منحَ مهرجان البندقية السينمائي مساء السبت الأسد الذهبي لفيلم أميركي مستقل لجيم جارموش عن العائلة، في ختام دورة كانت السياسة حاضرة فيها بقوة، فيما حصل “صوت هند رجب” عن غزة على جائزة ترضية
وحقق فيلم “فاذر ماذر سيستر براذر” Father Mother Sister Brother لجارموش مفاجأة بنيله الجائزة الأبرز في المهرجان، فيما اتسم الاحتفال الختامي بلفتات وتصريحات تضامن عدة مع غزة.

ويتناول هذا الفيلم العلاقات الأسرية من خلال لوحة ثلاثية تتوزع بين نيوجيرزي ودبلن وباريس، ويضم نخبة من النجوم من بينهم آدم درايفر وكايت بلانشيت وتوم وايتس.
ويقوم هذا الفيلم الروائي الطويل ذو الإخراج البسيط الذي غالبا ما تبدو فيه لحظات الصمت والإيماءات والنظرات أكثر أهمية من الحوارات، على معالجة رقيقة لمسألة العائلة، وهو “نقيض لأفلام الأكشن”، على ما وصفه مخرجه وكاتب السيناريو جارموش البالغ 72 عاما، وهو أحد أبرز وجوه السينما المستقلة.
وقال جارموش الذي كان يضع نظارة شمسية ودبوسا كُتب عليه Enough (“كفى”) إن “لا حاجة للتحدث في السياسة لتناول الشأن السياسي، إذ قد يهدد ذلك التعاطف والتواصل بين الناس، وهو الخطوة الأولى في حل مشاكلنا”.
كذلك شكر للجنة التحكيم برئاسة مواطنه ألكسندر باين تقديرها لفيلمه “البسيط”.
وفضلت اللجنة في نهاية المطاف هذا الفيلم على “صوت هند رجب” الذي كانت حظوظه الأعلى، ولكن اكتُفِيَ بمنحه الأسد الفضي، ثاني أعلى جائزة.
وأهدت مخرجة الفيلم، التونسية كوثر بن هنية، هذه الجائزة إلى عمال الهلال الأحمر الفلسطيني.
وقالت بن هنية بتأثر على المسرح لدى تسلمها الجائزة إن قصة هند رجب هي “قصة مأسوية لشعب بأكمله يعاني من إبادة جماعية ترتكبها حكومة إسرائيلية مجرمة تتصرف بإفلات من العقاب”.
وأوضحت لاحقا في تصريحات لوكالة فرانس برس “الجوائز رائعة، لكن الأهم هو أن يُشاهَد هذا الفيلم مرارا وتكرارا”، مشيرة إلى أن جيم جارموش هو “قدوتها” في صناعة الأفلام.
– تأثر كبير

فقد أثار هذا الفيلم موجة تأثر عارمة في المهرجان الإيطالي وأبكى الجمهور وحظيَ بالتصفيق لثلاث وعشرين دقيقة متواصلة لدى عرضه. واستندت مخرجة “صوت هند رجب” التونسية كوثر بن هنية إلى تسجيلات صوتية حقيقية للمكالمة بين الطفلة البالغة خمس سنوات وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، طلبا للنجدة قبل مقتلها. واثارت هذه التسجيلات تأثرا كبيرا لدى الكشف عنها.

وعُثر بعد 12 يوما على هند قتيلة داخل سيارة مثقوبة بالرصاص في مدينة غزة كانت فيها مع خالها وزوجته وأبناؤهما الثلاثة الذين قتلوا جميعا.
قبل مقتلها، ظلت هند ثلاث ساعات على الهاتف مع الهلال الأحمر الفلسطيني في 29 كانون الثاني/يناير 2024 فيما كان الجنود الإسرائيليون يطلقون النار على السيارة التي كان قد قتل كل من فيها.
ورغم وفرة النجوم المشاركين في هذه الدورة من المهرجان، كان لحرب غزة حضور قوي في الموسترا.

واتسم افتتاح مهرجان البندقية السينمائي برسالة مفتوحة كتبتها مجموعة “البندقية من أجل فلسطين” التي أسسها عشرة مخرجين إيطاليين مستقلين، تدين الحرب في قطاع غزة التي اندلعت إثر الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس في إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وترافَق انطلاق المهرجان بمشاركة الآلاف في تظاهرة في شوارع ليدو تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، فيما عبّر فنانون عن دعمهم بوضعهم دبابيس وحملهم لافتات خلال مرورهم أمام عدسات المصورين على السجادة الحمراء.
سيرفيلو فائزا

كما منح المهرجان جائزة أفضل مخرج للأميركي بيني صفدي الذي منح دواين جونسون المعروف باسم “ذي روك” دورا ذهبيا في فيلم “ذي سماشينغ ماشين” الذي يتناول قصة أخصائي في الفنون القتالية المختلطة يُعاني من الإدمان.
يُعتبر مهرجان البندقية منصة انطلاق لجوائز الأوسكار، وهو في الواقع يُتيح مساحة واسعة لأفلام هوليوود ومنصات البث التدفقي، على عكس مهرجان كان المنافس.
وفاز الإيطالي توني سيرفيلو بجائزة أفضل ممثل عن دوره كرئيس أرمل في نهاية ولايته يتخبط في إشكاليات أخلاقية في فيلم “لا غراتسيا”.
يُمثل الفيلم الذي يتناول ضمنيا مسألة القتل الرحيم، تعاونا جديدا مع باولو سورينتينو الذي حقق مثله شهرة عالمية بفيلمه “ذي غريت بيوتي” (“لا غرانده بيليتسا” بالنسخة الأصلية) الحائز جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية عام 2014.

حصلت الصينية شين شي ليه بفضل دورها في “ذي صن رايزس أون أس آل” للمخرج كاي شانغجون، على جائزة فولبي لأفضل ممثلة عن أدائها دور امرأة مُعذبة تعود بين أحضان حبيبها السابق.
كذلك، فازت المخرجة المغربية مريم التوزاني بجائزة الجمهور عن فيلمها “شارع مالقة” (Calle Malaga).
واختُتمت الأمسية برسالة من رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، دعا فيها عبر الفيديو إلى إنهاء “هذه الحرب في أسرع وقت ممكن”. وأضاف “نعلم أنه لم يعد من المنطقي أن يستمر ذلك. لقد حان الوقت لوقف هذه الدوامة المتدهورة”.

ويختتم المهرجان فعالياته بعرض الفيلم الفرنسي الضخم “شيان 51” (“الكلب 51”) وهو فيلم إثارة تدور أحداثه في باريس بمرحلة مستقبلية غارقة في المشكلات، من بطولة أديل إكزاركوبولوس.
وتضمنت الحفلة الختامية لفتة تكريمية للمصمم الإيطالي جورجيو ارماني، أحد آخر عمالقة الموضة في العالم، بعد يومين على وفاته عن 91 عاما.
مرتبط
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.