28.1 C
Khartoum

تقرير حقوقي يوثّق انتهاكات ضد اللاجئين السودانيين في مصر

Published:

القاهرة ـ «القدس العربي»: وثّق تقرير مشترك أعدته «منصة اللاجئين في مصر» و«المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» انتهاكات مارستها السلطات الأمنية في مصر بحق لاجئين سودانيين، شملت عمليات دهم وترحيل، وفصل أطفال عن عائلاتهم واحتجازهم.

انتهاكات واسعة النطاق

ووفق التقرير، دأبت السلطات على ممارسة انتهاكات واسعة النطاق لحقوق اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر، وتصر على الإخلال بالتزام الدولة بمبدأ «عدم الإعادة القسرية» للاجئين وطالبي اللجوء، في غياب الضمانات القانونية وتصاعد اتباع الوسائل الأمنية في التعامل مع ملف اللاجئين.
ووثقت المنصة والمبادرة تلك الانتهاكات منذ نهايات عام 2023 وحتى الربع الأول من العام الجاري 2025، في تقرير صدر أمس الإثنين، بعنوان «انهيار منظومة حماية اللاجئين في مصر: انتهاك منهجي وواسع النطاق لمبدأ عدم الإعادة القسرية وحق اللجوء».
وتحدث التقرير عن تحول خطير في تعامل الحكومة المصرية مع اللاجئين.
ولفت إلى أن مصر لطالما استضافت على طول تاريخها مئات الآلاف من اللاجئين من الدول المجاورة، وزادت هذه المسؤولية بشكل ملحوظ منذ عام 2023 بسبب الحرب المدمرة في السودان.
وتابعت المنظمتان في تقريرهما: سعت السلطات المصرية مؤخرًا إلى إرساء نظام داخلي يقيد الوصول إلى الأراضي المصرية، ثم بدأت في اتباع سياسات استهداف من أجل القبض والترحيل مع الأشخاص الذين وصلوا إلى مصر طالبين الحماية القانونية من الدولة المصرية.
وبين التقرير أن تلك السياسات تبدو مصممة لترسيخ صورة عن مصر على أنها «لم تعد مكانًا آمنا للاجئين والهاربين من الحروب والاضطهاد».
وحسب التقرير، تمثلت السياسات المرصودة في حملات اعتقال جماعية وترحيل قسري منظمة وعلى مستوى قومي، من دون مراجعة قضائية، إضافة إلى مداهمات للمنازل التي يسكنها لاجئون أو طالبو لجوء، واستهداف عنصري على أساس لون البشرة أو الحي السكني.

مداهمات وتوقيفات

وبينت أن هذه المداهمات والتوقيفات التي شملت في بعض الأحيان ما يصل إلى مئة شخص في الحملة الواحدة، أدت إلى العديد من حالات الاحتجاز والترحيل فيما بعد.
ولفت التقرير إلى أن العديد من اللاجئين المقبوض عليهم كانوا يحملون وثائق قانونية من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلا أن ذلك لم يمنع السلطات من احتجازهم وترحيلهم بعد مصادرة وثائق المفوضية.
ورصد التقرير تلك الممارسة الأمنية المنتشرة منذ العام الماضي، إذ رحَّلت السلطاتُ لاجئين وطالبي لجوء حاملين للوثائق، أو أحالتهم إلى القضاء بتهمة تتعلق بالوجود غير القانوني على الأراضي المصرية، بعد مصادرة أوراقهم التي تثبت قانونية وضعهم.
ووفق التقرير، في بعض الحالات داهمت السلطات منازل اللاجئين وطالبي اللجوء في الأحياء المعروفة بتجمع أعداد كبيرة منهم، وهي ممارسة أخرى تكاد تكون جديدة تمامًا على سياسات الدولة المصرية تجاه مجتمعات اللاجئين.
ونقل التقرير عن طالب لجوء سوداني تعرض للإعادة القسرية في ديسمبر/ كانون الأول 2024، حيث رفضت السلطات الاعتراف أو التعامل مع وثائق تسجيله لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

مداهمة منازل وترحيل… واحتجاز 64 طفلاً بينهم 9 دون العاشرة

وقال إن ضابط شرطة صادر بطاقة المفوضية الخاصة به عندما ألقي القبض عليه عند نقطة تفتيش في شمال مصر. وخلال مثوله الروتيني أمام النيابة العامة عقب اعتقاله، أبلغ وكيل النيابة طالب اللجوء أن النيابة لم تتسلم أيّا من وثائقه من مركز الشرطة الذي اعتقله، وأن النيابة سيتعين عليها التعامل مع قضيته كما لو كان مهاجرا غير نظامي من دون وثائق، وبالتالي سيتم ترحيله.
وأفاد طالب اللجوء بأنه حاول تذكير ضباط الشرطة بحمله بطاقة المفوضية، فما كان منهم إلا أن ردوا بأنهم لا يهتمون بالبطاقة، وأنه سيُعاد إلى السودان.
وعلى الحدود السودانية، أمره ضباط الشرطة بتوقيع وثيقة توافق على ترحيله إلى بلده.
وتناول التقرير كيف أدى تصعيد السلطات المصرية لعمليات الترحيل إلى حالات فصل لأطفال عن عائلتهم في ظروف مختلفة، منها تم ترحيل الأطفال بمفردهم، أو تُركهم دون مقدمي الرعاية الأساسيين لهم بسبب الاعتقالات.
ولفتت إلى أن حملات توقيف الأطفال تنوعت بين مداهمة المنازل، والبعض الآخر في الأماكن العامة مثل الحدائق أو في طريقهم من وإلى المدرسة.
ووثق التقرير احتجاز 64 طفلا، من بينهم تسعة دون سن العاشرة، و56 طفلا تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاما في الفترة ما بين 1 يناير/ كانون الثاني و23 مارس/ آذار الماضيين.
كما سجل التقرير أنماط انتهاكات طالت مئات الحالات، ومن تلك الانتهاكات استخدام ما تُسمى «العودة الطوعية» غطاءً للإعادة القسرية، إضافة إلى التسبب في تشتيت العائلات نتيجة ترحيل الأطفال أو ذويهم، واحتجاز لاجئين مسجلين لدى المفوضية وترحيلهم دون تمكينهم من أي ضمانات قانونية، وترحيل الأشخاص إلى بلدان ثالثة معرَّضين فيها للخطر.
وأمس الأول الأحد، أعلنت هيئة سكك حديد مصر، انطلاق خامس رحلات قطار العودة الطوعية من القاهرة، وعلى متنه المئات من الأسر السودانية، في اتجاه محطة السد العالي في جنوب البلاد، حيث يتم نقل الأسر في حافلات إلى السودان.
وحذرت المنظمتان من التداعيات الجسيمة المحتملة في حال تطبيق قانون اللجوء الجديد رقم 164 لسنة 2024 المعيب، خاصة مع غياب أي نصوص تتناول مرحلة الانتقال من النظام القانوني القائم إلى النظام الجديد.

ترحيل اللاجئين

وبينت أن نصوص القانون في شكلها الحالي تمنح السلطة التنفيذية صلاحيات موسعة في ترحيل اللاجئين، وتقلل من مركزية مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتكرّس بيئة قانونية وإدارية تجعل الوصول إلى الحماية والإقامة أمرًا بالغ الصعوبة، ما قد يفاقم من الأوضاع والأنماط المرصودة في السنتين الماضيتين، اللتين ظهر فيهما تحول غير مسبوق في سياسات الدولة تجاه اللاجئين والمهاجرين بشكل عام.
ويبرز التقرير أيضًا تعذُّر وصول ملتمسي اللجوء إلى الأراضي المصرية أو إلى مكاتب المفوضية للتسجيل، بسبب قرارات إدارية وقيود أمنية وتعسف في التعامل مع الفارين من الحرب في السودان بشكل خاص، ما يدفع اللاجئين إلى الدخول غير النظامي بما يترتب عليه من مخاطر تهدد حياتهم. ورصدت المنظمتان خلال الفترة الممتدة من فبراير/شباط إلى أغسطس/آب 2024، عشرات الحوادث التي أسفرت عن مقتل 19 وإصابة 165 مهاجرا سودانيا، فضلاعن تعرضهم لحملات قبض واسعة النطاق، حتى في حال امتلاكهم وثائق قانونية.
وواصل التقرير: كما يُظهر أن عمليات الاحتجاز والترحيل تلك لم يعد ممكنًا وصفها إلا بكونها ممنهجة ومقصودة لإسقاط الحماية عن اللاجئين، وتشتيت الأسر وتدمير حياة الهاربين من النزاعات. وقد وثَّقت الجهات المحلية الفاعلة في مجال الحماية ترحيل أكثر من 20 ألف لاجئ إلى السودان خلال عام 2024 فقط، وهو ما يعادل سبعة أضعاف عدد المرحلين في عام 2023. ما يؤكد التحول الجذري في السياسة الرسمية تجاه مجتمعات اللاجئين.
ورغم خطورة هذه الانتهاكات، يُسجّل التقرير تقاعس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن أداء دورها الرقابي والحمائي، واكتفاءها ببيانات رسمية وتصريحات دبلوماسية، في مقابل استمرار الاتحاد الأوروبي في تقديم الدعم المالي والسياسي للحكومة المصرية دون اشتراطات واضحة لحماية اللاجئين.
وفي ختام التقرير أوصت المنظمتان بالوقف الفوري للإعادة القسرية، ولا سيما إلى السودان التي تحظر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين رد اللاجئين إليها تحت أي ظرف، والإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيًّا من اللاجئين وطالبي اللجوء، وتأجيل تطبيق قانون اللجوء الجديد وإعادة صياغته بما يتوافق مع المعايير الدولية، وضمان الوصول العادل إلى التسجيل والإقامة القانونية، واحترام التزامات مصر الدولية، وعلى رأسها اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة