في ظل ضغوط شعبية متواصلة ومناشدات متكررة من المجتمع المحلي، أعلن رئيس الوزراء الانتقالي الدكتور كامل إدريس عن مبادرة حذرة تهدف إلى تنظيم التعدين التقليدي وتعزيز حماية البيئة.
اجتمع إدريس اليوم بوزير المعادن نور الدائم محمد أحمد طه، مشددًا على ضرورة إعادة تنظيم قطاع التعدين التقليدي، معالجة الآثار البيئية السلبية، تحسين أوضاع المعدنيين التقليديين وتوسيع استخدام التكنولوجيا الحديثة في عمليات الاستكشاف. وأكد وزير المعادن في تصريح صحفي أن الاجتماع ناقش أيضًا أداء الوزارة وشركاتها التابعة، إضافة إلى أبرز التحديات البيئية والتنظيمية التي يواجهها القطاع، وأهمية جذب مستثمرين جدد لتعزيز مساهمة التعدين في الاقتصاد الوطني.
وأضاف نور الدائم أن رئيس الوزراء أكد على ضرورة معالجة مخاطر التعدين التقليدي على البيئة، وتحسين ظروف العاملين، واتباع تقنيات حديثة لتحديد مواقع الامتياز والتركيز على المعادن النادرة. ووصف الوزير اللقاء بأنه مثمر وناجح.
تصاعد الاحتجاجات الشعبية
تزامنت قرارات الحكومة مع تصاعد الاحتجاجات في مدينة كادوقلي بمحافظة قدير – بولاية جنوب كردفان، حيث نظمت لجنة مناهضة السيانيد وقفة احتجاجية عقب اعتقال الناشط البيئي وعضو اللجنة، الشيخ أخرش، من قبل الاستخبارات العسكرية في مدينة تجملا بسبب رفضه لأنشطة الشركات التي تستخدم السيانيد في معالجة مخلفات التعدين (الكرتة).
احتشد المتظاهرون أمام مقر المحافظة مطالبين بالإفراج الفوري عن الشيخ أخرش، ومنددين بسياسات الاعتقال والتضييق التي تستهدف المناهضين لاستخدام السيانيد – والتي يرون أنها تهديد مباشر للصحة العامة والبيئة المحلية.
وأكدت لجنة مناهضة السيانيد، في بيان رسمي نقلته وسائل إعلام محلية، أن القضية ليست ذات طابع سياسي بل تمثل مطلبًا بيئيًا وحقوقيًا يخص جميع السكان، وأن الاحتجاجات ضد السيانيد متواصلة منذ أكثر من عشر سنوات. وحذرت اللجنة من محاولات تشويه الحراك البيئي واعتباره صراعًا سياسيًا.
ودعت اللجنة سكان المنطقة إلى المشاركة في مسيرة سلمية يوم الإثنين للمطالبة بإبعاد الشركات العاملة بالسيانيد وإطلاق سراح الشيخ أخرش. وأكدت أن تصعيد الإجراءات القمعية لن يثني المواطنين عن التمسك بمطالبهم المتعلقة بحماية البيئة وسلامة المجتمعات المحلية.
وأشارت اللجنة إلى رفضها مقترح الاستفتاء الشعبي الذي تقدم به المدير التنفيذي بخصوص استمرار الشركات، معتبرة أن قضايا البيئة لا تخضع لأي شكل من المساومة.
جدل واسع حول الشركات والآثار البيئية
حصلت اللجنة على وثائق تكشف أسماء بعض الشركات العاملة في مجال استخلاص الذهب بالسيانيد، منها شركة “باجون للأعمال المتقدمة” المملوكة لوالي جنوب كردفان السابق، ما أثار مخاوف حول تضارب المصالح وتأثير هذه الأنشطة على البيئة المحلية، في ظل استخدام مواد خطرة أبرزها السيانيد والزئبق، وتكرار حالات تلوث المياه ونفوق المواشي وتدهور الغطاء النباتي.
ويستمر الاعتماد على التعدين التقليدي في السودان كرافد اقتصادي رئيسي، حيث يشكل نحو 80% من إنتاج الذهب ويعمل فيه ملايين السودانيين، إلا أن غياب الرقابة المنظمة وانتشار تقنيات الاستخلاص العشوائية تسبب بأضرار بيئية كبيرة ودفع المجتمعات المحلية لتنظيم احتجاجات دورية للمطالبة بالتقنين والحماية البيئية ووقف الأنشطة الضارة.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.