الخرطوم –قتل 14 سودانيا، في مجزرة جديدة ارتكبتها قوات “الدعم السريع” شمال غرب مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، فيما اعتبرت وزارة الخارجية أن الحرب تحولت إلى نزاع عابر للحدود تديره جهات أجنبية بالوكالة.
وحذرت من ما وصفته بـ”تآمر واسع النطاق” تتعرض له الدولة عبر ما أسمته “ميليشيا الدعم السريع” و”قوات المرتزقة” التي تقاتل إلى جانبها منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/ نيسان 2023.
وثائق
وقالت إن الحرب تحولت إلى “نزاع إرهابي عابر للحدود تديره جهات أجنبية بالوكالة”، في إشارة إلى ما وصفته بتورط جهات إقليمية ودولية في دعم قوات “الدعم” التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وأكدت أن “الحكومة السودانية تملك وثائق تثبت تورط مرتزقة من دول مجاورة، ومن خارج القارة الإفريقية – من بينها كولومبيا” – مشيرة إلى أن “هذه القوات تشارك في الهجمات بدعم وتمويل من سلطات أبو ظبي”.
وذكرت بأن هذه الأدلة سبق أن قدمت إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ووثقتها منظمات دولية وإعلامية.
ووفقا لها فإن “استمرار هذا المنحى الخطير يشكل تهديداً مباشراً للسلم والأمن الإقليميين والدوليين، ويهدد سيادة الدول ووحدة أراضيها”، داعياً إلى وقفة دولية تجاه هذه “الظاهرة المتنامية”.
وفي 28 مارس/ آذار الماضي قدمت الحكومة شكوى رسمية في مجلس الأمن الدولي في مواجهة أبوظبي متهمة إياها بالعدوان والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وبعدها بعام قدمت شكوى أخرى في محكمة العدل الدولية.
وطالبت الإمارات بالوقف الفوري لتجنيد “المرتزقة” وقطع الدعم العسكري واللوجيستي والإمدادات والمؤن عن قوات الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معها.
وتتهم الحكومة، أبو ظبي، برعاية الهجمات على مقار الدولة والبنى التحتية للبلاد بالتحالف مع “الدعم السريع” وعناصر أجنبية. كما تتهمها بـ”شن حرب ضد الدولة فضلا عن احتجاز الرهائن وتدمير الطائرات المدنية والاعتداء على المستشفيات والمقار الصحية واقتحام الأعيان المدنية ودور العبادة ومساكن المواطنين فضلا عن تجنيد المرتزقة وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لقوات الدعم السريع”.
حصار وموت علني
بالتزامن مع تحذيرات الخارجية، كشفت مجموعة “محامو الطوارئ” عن مجزرة جديدة ارتكبتها قوات “الدعم” في قرية قرني شمال غرب مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
وقالت إن 14 مدنياً على الأقل قتلوا، بينما أصيب العشرات، وجرح واعتقل عدد غير معروف من المدنيين الذين لا يزال مصيرهم مجهولًا.
وقعت المجزرة، حسب المحامين، بعد دعوة أطلقها القيادي في تحالف “تأسيس” التابع لقوات “الدعم السريع”، الهادي إدريس، لسكان الفاشر بضرورة مغادرة المدينة عبر منطقة قرني، حيث وعد بتأمينهم إلى أن يصلوا إلى مناطق آمنة مثل كورما التي تسيطر عليها قواته. إلا أن القافلة المدنية، وفقاً لمحاميّ الطوارئ، واجهت قمعاً دامياً على يد قوات “الدعم”.
حاولوا الخروج من الفاشر عبر “طرق آمنة” أعلن عنها حليف لـ”حميدتي”
وأشارت إلى أن قرني الواقعة على طريق التموين ومرور السلع التجارية الرئيسي لمدينة الفاشر، كانت تخضع لقيود صارمة منذ مايو/ أيار الماضي، ما شمل منع الإمدادات والمساعدات الإنسانية وتقييد حركة المدنيين.
واعتبر المحامون أن ما جرى يأتي ضمن “سياسة ممنهجة لتجويع الفاشر وسكانها”، ومحاولة شيطنة المجتمع المحلي عبر تصويره كمجتمع حاضن للعمليات العسكرية. والأسبوع الماضي جدد الهادي إدريس الذي تقاتل قواته إلى جانب الدعم السريع التي تحاصر الفاشر، دعوة لسكان المدينة بالإخلاء، واصفاً إياها بـ”منطقة عمليات عسكرية”. وسارعت الحكومة الرسمية، إلى استنكار التصريح، واعتبرته محاولة لتهجير السكان أو تجنيدهم قسرًا.
وأكدت أن الفاشر، التي ترزح تحت حصار مستمر منذ أكثر من أكثر من عام، تشهد انهياراً شبه كامل في الخدمات الصحية، إلى جانب نقص حاد في الغذاء والدواء، وتفشي الأمراض، خصوصاً بين الأطفال، محملة قوات “الدعم” “المسؤولية الكاملة عن الجريمة والحصار والتجويع”. وطالبت بفتح ممرات إنسانية آمنة وفتح تحقيق دولي في الانتهاكات.
وتعد الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، كأكثر النقاط سخونة في المعادلة العسكرية والإنسانية. وتخضع المدينة لحصار خانق من قبل قوات الدعم السريع منذ أيار/ مايو 2023. وقد أطلقت لجان المقاومة تحذيرات متكررة، أكدت فيها أن الوضع بات كارثيًا، مع توقف المطابخ الجماعية، واعتماد السكان على “الإمباز” (علف حيواني) كمصدر غذائي وحيد.
وتشير التقارير المحلية إلى أن “الدعم السريع” حفرت خنادق حول المدينة، ومنعت دخول أي مساعدات، وهجّرت سكان القرى المحيطة بمصادر المياه، لمنع تهريب الغذاء. وفي ظل هذا الوضع، بات 518 ألف شخص في الفاشر يواجهون خطر المجاعة والموت البطيء.
تحرك خجول
في سياق متصل، عقد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي جلسة طارئة برئاسة الجزائر لمناقشة الأوضاع المتدهورة في السودان. وناقشت الجلسة تطورات النزاع، بما في ذلك إعلان تشكيل حكومة موازية في مدينة نيالا جنوب دارفور، والتحذيرات المتصاعدة بشأن خطر التدويل الكامل للصراع السوداني.
وأكدت على ضرورة الحفاظ على سيادة السودان وسلامة أراضيه ووحدته وتهدئة الاشتباكات المتصاعدة في إقليم دارفور وولايات كردفان، داعية إلى فتح الممرات الإنسانية وتعزيز الحوار والتنسيق لتوحيد جهود السلام.
ومع غياب موقف موحد، يظل دور الاتحاد الإفريقي محل تساؤل، خاصة في ظل ضعف الاستجابة الدولية لما يجري في إقليم دارفور غرب البلاد من انتهاكات جسيمة، وانهيار كامل في البنية التحتية للمدن والقرى المنكوبة.
المصدر: (القدس العربي)
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.