القاهرة – تحركت الحكومة المصرية لتوقيف الكثير من صناع المحتوى على منصة “تيك توك” خلال الأيام الماضية، بعد أن تسبب ما يبثه البعض على هذه المنصة مباشرة وبشكل عشوائي، في حرج شديد للسلطات، حيث لامست موضوعات تمت مناقشتها جوانب حساسة في منظومة القيم، بلا التزام بمعايير أو ضوابط، وطفت على السطح العديد من السلوكيات السلبية والمبالغات والأكاذيب والشائعات، من أجل حصد مشاهدات.
وأدى انتشار فيديوهات بعض المؤثرين والبلوغرز والتيكتوكرز وحصول أصحابها على أموال طائلة، إلى المزيد من التمادي في الحديث عن قضايا اجتماعية مثيرة، نقلت صورة قاتمة عن الهامشيين في المجتمع المصري، تناقلها آخرون كنموذج للتردي الذي وصلت إليه البلاد، ولم تواجه الأجهزة المعنية ذلك بصرامة مبكرا، وتهاونت معه كأداة للإلهاء وشغل الناس عن قضايا سياسية واقتصادية حيوية.
وبدأت كرة الثلج تتدحرج وتفضي إلى مشاكل، إذ تطرق الكثير من صناع المحتوى مجالات تضر بسمعة الدولة وتخرق قوانينها الراسخة، في سبيل الحصول على مكاسب مادية، وصلت حد وجود شبهات حول توظيف عدد منهم في غسيل أموال، وفساد، وتهريب آثار، وتجارة أعضاء بشرية، ما دفع الحكومة إلى ضرورة التحرك بشكل قانوني وفني، ومخاطبة منصة “تيك توك” التي كانت وسيلة رئيسية لجأ إليها الكثير من صناع المحتوى للربح، لأنها قصيرة وسريعة الانتشار وتجذب الشباب والفتيات الصغار وتحقق عوائد مغرية بعد حصد المشاهدات.
وحظي اعتقال الكثير من صناع المحتوى الرديء مؤخرا بأصداء شعبية إيجابية، واعتبرها مواطنون خطوة للتخلص من سلبيات ضربت المجتمع، وأضرت بسمعته في الداخل والخارج، وجاء في تعليق:
@PoseyAmer73
جماعة التغريدة دي انا هاثبتها
كل اللي شايف أو يعرف صاحبة أو صاحب
محتوى زي #ام_مكة و #ام_سجدة و #هدير أو #سوزي_الاردنيه وغيرهم
ينزل اسمه وفيديو له
علشان احنا عايزنها تنضف بجد
أي محتوى في إساءة أو تشويه
للمجتمع لازم صاحبه يتحاسب
وكله بالقانون
#فدوى_مواهب وكلنا عارفين محتواها
وكتبت ناشطة:
@so7051643976820
تطبيق زي اي تطبيق لكن تحول لشيطان تيك توك أكبر بلاء وقع الشعب المصري
كل يوم نجم/ه جديد مصيبه جديده شاكر وفاء عامر سوزي الاردنية أم مكه ام سجده أو اربعه وأربعين
كلهم أصبحوا بنك مصر وبنك الراجحي في نفسهم
بلاوي كتيييير خلف هذا التطبيق
وخطر على وزارة التعليم
وهاجم آخر موجة التيكتوكر:
@51343c77d22b4c5
بقينا نشوف ” #بلوجرز” بيطلعوا كل يوم هدفهم الوحيد عدد المتابعين و”اللايكس”، حتى لو كان الثمن هدم الأخلاق، والتطاول على الدين، والعادات، والحياء
ناس بتصدر صورة سطحية عن الحياة، فيها استعراض، وتفاهة، وتفكيك لكل شيء محترم.
ناس بتبيع كل شيء
وألقت الأجهزة الأمنية القبض على البلوغر المعروفة بـ”قمر الوكالة” لاتهامها بنشر مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي، بعد ورود شكاوى ضدها بسبب نشر مقاطع فيديو تتضمن ألفاظًا خادشة للحياء والخروج على الآداب العامة، معترفة بالنشر لزيادة المشاهدات وتحقيق أرباح مالية، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
وكشفت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها جوانب من كواليس القبض على عدد من مشاهير منصة “تيك توك” بتهم تتعلق بنشر محتوى “خادش للحياء العام والتحريض على سلوكيات منافية للآداب والتربح غير المشروع”، من بينهم البلوغرز “سوزي الأردنية” (مصرية) و”مداهم” و”شاكر محظور” و”أم سجدة” و”أم مكة” و”قمر الوكالة.”
واهتمت فئة كبيرة من المتابعين بالقبض على البلوغر “مروة” التي زعمت أنها نجلة الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك بعد شكوى تقدمت بها الفنانة وفاء عامر اتهمتها فيه بالتشهير والزعم باتجارها في الأعضاء البشرية، والمشاركة في الحصول على أعضاء من لاعب الكرة الراحل إبراهيم شيكا، وأحدثت فيويوهات “مروة” ضجيجا كبيرا، وأحرجت السلطات في مصر عقب حديثها عن نسبها للرئيس مبارك.
ولا تزل قضيتها تتفاعل في المجتمع، لأن محاميها طالب بتحليل “دي إن إيه” لنجلي الرئيس الأسبق علاء وجمال مبارك، ما يعني تحولها إلى قضية رأي عام، ولم يفلح القبض عليها في تهدئة ما أثارته من تكهنات، وأدى إلى لغط مضاعف، مطلوب من الأجهزة الأمنية حل ألغازه ووضع حد لتفاعلاته، وهي طريقة يلجأ إليها البلوغرز عادة لزيادة المشاهدات والأرباح، وما أزعج الحكومة أن هؤلاء نجحوا في توفير عدد كبير من المحامين للدفاع عنهم، في مواجهة آخرين رفعوا دعاوى ضد المؤثرين.
وتقدم عدد من المحامين والمواطنين بشكاوى رسمية، بلغ عددها نحو 32 شكوى، وجهت إلى الإدارة العامة وقطاع تكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، ومكتب النائب العام، ضد عدد من صانعي المحتوى على منصة “تيك توك”، واتهامهم بنشر مقاطع تحتوي على “إيحاءات لفظية وبصرية مسيئة، واستغلال الشهرة الزائفة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.”
32
شكوى تلقاها قطاع تكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، ضد عدد من صانعي المحتوى
وهذه أول مرة يتم فيها التحرك على نطاق واسع لوقف ظاهرة التعدي على الأخلاق والإساءة إلى القيم المستقرة، بهدف وقف البلوغرز عن انتهاك خصوصيات المجتمع، قد تفضي إلى أزمات، جراء التعقيدات التي بدأت تتكشف، وانخراط بعضهم في أعمال غير مشروعة، ربما تصعب السيطرة عليها، ما لم يتم وضع حد لها.
وأكد رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب أحمد بدوي في تصريحات إعلامية أن منصة “توك توك” أمامها مهلة نهائية مدتها نحو شهرين لتوفيق أوضاعها القانونية داخل مصر، وأن نسبة 75 في المئة من الحسابات المثيرة للجدل اختفت بعد بدء الحملة، وهي إشارة على نجاح الحملة الأمنية الأخيرة.
وكشفت وزارة الداخلية أن الهواتف المحمولة التي تم التحفظ عليها وكانت بحوزة صناع المحتوى المقبوض عليهم “تخضع لفحص فني لاستخراج بيانات قد تقود إلى متهمين جدد أو تثبت اتهامات بحق المقبوض عليهم”.
وتواصل الأجهزة الأمنية حملتها لضبط أي محتوى إلكتروني يتعارض مع القوانين المصرية ويهدد القيم الأخلاقية للمجتمع، وهناك رقابة مكثفة، في وقت تقوم فيه النيابة العامة بالتحقيق في القضايا المرتبطة بمن ألقي القبض عليهم من البلوغرز.
وأشارت تقارير محلية إلى وجود محادثات بين الجهات المعنية في مصر مع مسؤولي “تيك توك” لتحسين المحتوى المنشور على المنصة، وعقدت اجتماعات بحضور ممثلين عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بالقاهرة، والمدير الإقليمي لمنصة “تيك توك” لمنطقة مصر وشمال أفريقيا، وتمت مناقشة فكرة المحتوى غير الأخلاقي المنشور على المنصة، الذي لا يتوافق مع المعايير والضوابط.
وسيتم تطبيق قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بحسم في مصر، في حال عدم تحسين المحتوى وحجب المخالف، ويتيح القانون للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات اتخاذ الإجراءات اللازمة، منها حجب المنصة ذاتها، أسوة بما حدث في دول أخرى.
ويقول خبراء إن منصة “توك توك” تسمح ببقاء الفيديوهات لأنها تحقق مكاسب مالية كبيرة، وأن حوالي 75 في المئة من المستخدمين نشروا محتويات سيئة واختفوا تمامًا.
وأعلن محمد على محمد التيك توكر الشهير باسم “بالو الصعيدي” غلق حسابه، ومسح التطبيق عقب القبض على عدد من صناع المحتوى، وتقديم شكاوى ضدهم، قائلا على صفحته الرسمية على فيسبوك: “أنا حذفت التيك توك خالص يا شباب.. الوضع مش مطمِّن (غير مطمئن) اليومين دول (هذه الأيام).”
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.