اليراع- في تصعيد جديد يسلّط الضوء على خطورة الأوضاع المتفاقمة في شمال دارفور، أعلن الجيش السوداني أنه تمكن من صد هجوم مزدوج شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر باستخدام عناصر أجنبية، غالبيتهم من كولومبيا. ووصف الجيش الهجوم بأنه استمرار لانتهاكات الدعم السريع مسلسل التجاوزات العسكرية المستمرة، مؤكدًا تكبيد المهاجمين خسائر فادحة. تزامن الهجوم مع تصاعد التحذيرات الدولية من حدوث كارثة إنسانية وشيكة بمدينة الفاشر المحاصرة.
وأكدت قوات الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش في بيان لها أن المرتزقة الأجانب الذين شاركوا في الهجوم جاؤوا من دول جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا وكينيا، إضافة إلى أكثر من 80 مرتزقًا من كولومبيا، وأن العديد من الكولومبيين تم تحييدهم أثناء المعارك، حيث كانوا مكلفين بتشغيل الطائرات المسيّرة وتنسيق عمليات القصف المدفعي. وطالبت القوات في بيان للعقيد أحمد حسين مصطفى حكومات الدول المعنية بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والتواصل مع الحكومة السودانية فورًا لوقف الخطوة التي وصفتها بخطيرة والتي قد تورط مواطنيها في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوداني.
فيديوهات حديثة أظهرت وجود مرتزقة «كولومبيين» يقاتلون إلى جانب مليشيا الدعم السريع٬ وبحسب بيان القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش، فقد تم بالأمس صدّ هجوم شنّته المليشيا وقوات الحلو على مدينة «الفاشر» بولاية شمال دارفور، وأسفر الهجوم عن مقتل أحد القادة الكولومبيين. https://t.co/XPeItUt3jE pic.twitter.com/0aUs5nlCbE
— ذوالكــفـل ® (@HkZuk) August 3, 2025
وأشار البيان إلى أن استقدام مليشيا الدعم السريع للمرتزقة الأجانب سببه عجزها عن مواجهة القوات المسلحة السودانية، والقوى المشتركة وحركات المقاومة الشعبية ميدانيًا، وحمّل مسؤولية استهداف المدنيين المتواجدين في المدينة لمليشيات عبد العزيز الحلو المتحالفة مع الدعم السريع، خاصة عند محاولاتهم الخروج من المدينة بمن فيهم النساء والأطفال والمسنين، ما اعتُبر انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني.
ودعت القوى المشتركة الشعب السوداني إلى التوحد خلف الجيش والمقاومة، معتبرة أن البلاد تواجه مؤامرة تستهدف مواردها وترمي إلى تهجير السكان واستبدالهم بمرتزقة أجانب، وأكدت أن اللحظة تاريخية وتتطلب تجنب الخلافات الاصطفاف خلف القوات المسلحة.
المرتزقة الكولومبيون ليسوا مجرد مدربين، بل قادة ميدانيون في مليشيات الدعم السريع ،،
والآن هم يتجولون داخل معسكر زمزم للنازحين الذي تم حرقها وتدميرها من قبل مليشيات الدعم السريع..
The Colombian mercenaries are not just trainers, but field commanders for the Rapid Support Forces.… pic.twitter.com/fEYd2NJwT4— YASIN AHMED (@yasin123ah) August 3, 2025
وبثت الصفحة الرسمية للجيش السوداني مقاطع فيديو على “فيسبوك” قالت إنها تظهر مرتزقة أجانب، مرجحة أنهم من كولومبيا يقاتلون إلى جانب الدعم السريع، وقد لاقى عدد منهم مصرعهم في معارك الفاشر الأخيرة، ما أثار موجة تنديد واسع محليًا. وتُظهر المقاطع المرتزقة الكولومبيين في محيط مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر، وكذلك حول مطار نيالا بولاية جنوب دارفور، الذي أعادت دعم السريع تشغيله للعمليات العسكرية وتهريب الذهب والماشية.
وفي تطور لافت، قال متحدث باسم مخيم زمزم الأحد إن قوات الدعم السريع منحت السيطرة على المخيم لمرتزقة من كولومبيا بعد أشهر من سيطرتها عليه، موضحًا في بيان أن مشاهدتهم لتحركات مسلحة لأفراد يتحدثون الإسبانية بين أنقاض المنازل وجثث الضحايا غير المدفونة دليل جديد على وجود مرتزقة أجانب، معتبرًا ذلك جزءًا من استراتيجية إجرامية هدفها تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة ومحو وجود أهلها الأصليين.
وأفاد متحدث المخيم أن ما يجري ليس حادثة عابرة بل جريمة ممنهجة، مؤكدًا أن الدعم السريع حول المخيم إلى ثكنة عسكرية مليئة بالجنود والمعدات والآليات، بما فيها مدرعات إماراتية، واستخدم مدافع هاوتزر في قصف الفاشر. وقد أعلنت القوات المشتركة مقتل عدد من المرتزقة الكولومبيين الذين يقاتلون في صفوف الدعم السريع خلال معارك المدينة الأخيرة.
ووفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود، نزح نحو 499,000 شخص، يمثلون 99% من سكان مخيم زمزم جنوب غرب الفاشر، بعد الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على المخيم في 11 أبريل، واستكملت سيطرتها عليه في غضون ثلاثة أيام.
وفي ديسمبر 2024، أعلنت وزارة الخارجية السودانية عن تلقيها اعتذارًا رسميًا من الحكومة الكولومبية بعد ثبوت مشاركة مواطنيها في القتال إلى جانب الدعم السريع، وذلك خلال اتصال رسمي تناول سبل معالجة المسألة وضمان عودة المواطنين الكولومبيين. وكانت قوات الحركات المسلحة قد أعلنت في نوفمبر من نفس العام سيطرتها على قافلة إمداد لوجستي للدعم السريع تضم مرتزقة أجانب، بينهم كولومبيون.
تأتي هذه التطورات بينما تتواصل المعارك والقصف في مدينة الفاشر التي تعاني حصارًا خانقًا منذ أكثر من عام، أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بالمدينة التي تُعد قلب العمليات الإغاثية في دارفور، في ظل فشل متكرر للمحاولات الدولية للوصول إلى هدنة إنسانية.
ومنذ اندلاع القتال في الفاشر في 10 مايو الماضي، تتزايد المخاوف من تحول المدينة إلى ساحة معركة كارثية، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة ومصادر محلية إلى أن الحرب المستمرة بين الجيش والدعم السريع منذ أبريل 2023 أودت بحياة أكثر من 20,000 شخص، ويقدّر باحثون أمريكيون العدد الحقيقي للضحايا بنحو 130,000 شخص، فضلًا عن نزوح أو لجوء حوالي 15 مليون شخص داخل وخارج السودان، ما يجعل الأزمة واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا في الإقليم
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.