أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” تحذيراً شديد اللهجة يوم الأحد بشأن الأوضاع الإنسانية المتدهورة في ولاية شمال دارفور غربي السودان، مؤكدة أن أكثر من 640 ألف طفل دون سن الخامسة يواجهون مخاطر متزايدة من العنف والجوع والمرض، في ظل تفشي وباء الكوليرا الذي يهدد حياة الآلاف من السكان، خاصة في منطقة طويلة التي استقبلت موجات نزوح ضخمة نتيجة النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وفي بيان رسمي، أفادت المنظمة الدولية أن أول حالة إصابة بالكوليرا تم اكتشافها في 21 يونيو الماضي، ومنذ ذلك التاريخ تم الإبلاغ عن أكثر من 1180 حالة إصابة، بينها نحو 300 حالة بين الأطفال، وما لا يقل عن 20 حالة وفاة في منطقة طويلة وحدها. وأشارت إلى أن عدد الحالات في المنطقة يشهد ارتفاعاً سريعاً، خاصة مع استقبالها لأكثر من نصف مليون نازح فرّوا من مناطق القتال، ما فاقم من هشاشة الوضع الصحي والإنساني.
ووفقاً للبيان، بلغ إجمالي حالات الإصابة بالكوليرا في ولايات دارفور الخمس حتى 30 يوليو الماضي قرابة 2140 حالة، مع تسجيل ما لا يقل عن 80 حالة وفاة، وسط تحذيرات من أن حياة مئات الآلاف من الأطفال في شمال دارفور باتت مهددة بشكل مباشر نتيجة تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية. وأوضحت المنظمة أن النازحين في منطقة طويلة يواجهون ظروفاً بالغة الخطورة، تشمل نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والمأوى، إلى جانب تزايد خطر تفشي الأمراض المعدية، في ظل غياب الخدمات الأساسية والبنية التحتية الصحية.
ونقل البيان عن ممثل “اليونيسف” في السودان، شيلدون ييت، قوله إن الكوليرا، رغم كونها مرضاً يمكن الوقاية منه وعلاجه بسهولة، تنتشر بسرعة في منطقة طويلة ومناطق أخرى من دارفور، مهددةً حياة الأطفال بشكل خاص. وأضاف أن فرق المنظمة تعمل بلا توقف بالتعاون مع شركاء محليين لاحتواء التفشي وإنقاذ الأرواح، إلا أن استمرار العنف يفاقم الاحتياجات بوتيرة تفوق قدرة الاستجابة الإنسانية. وطالب ييت بتغيير عاجل في الوضع الميداني، مؤكداً أن الأطفال المحتاجين لا يمكنهم الانتظار يوماً آخر للحصول على المساعدة.
وفي إطار جهودها للحد من انتشار الوباء، أعلنت “يونيسف” أنها تسعى لتوزيع أكثر من مليون و400 ألف جرعة من لقاح الكوليرا، في محاولة لاحتواء التفشي ومنع المزيد من الوفيات. ووفقاً لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة السودانية، بلغ إجمالي الإصابات بالكوليرا في البلاد منذ بدء انتشار الوباء في أغسطس 2024 نحو 91 ألفاً و34 حالة، بينها 2302 وفاة، موزعة على 17 ولاية سودانية.
وتأتي هذه الكارثة الصحية في سياق حرب مستمرة منذ منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، بحسب تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما تشير أبحاث أجرتها جامعات أميركية إلى أن عدد القتلى قد يصل إلى نحو 130 ألفاً، ما يجعل من الأزمة السودانية واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيداً في العالم.
المصدر: هذا الصباح
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.