أطلق حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، تحذيرات شديدة اللهجة بشأن ما وصفه بمحاولات لتقسيم السودان إلى ثلاث حكومات منفصلة، متهمًا مسؤولين سودانيين كبارًا بالتخلي عن دارفور بعد استعادة العاصمة الخرطوم وولايات الوسط من قبضة قوات الدعم السريع. تصريحات مناوي جاءت خلال لقاء جمعه بزعماء قبائل في مدينة بورتسودان يوم الجمعة، حسب ما نقله (موقع الراكوبة)حيث عبّر عن قلقه من تجاهل الحرب المستمرة في دارفور، مشيرًا إلى أن بعض المسؤولين يعتبرون استعادة الخرطوم والجزيرة كافية، دون الاكتراث لما يجري في الإقليم الغربي.
مناوي نقل عن أحد كبار المسؤولين قوله إن الحرب خارج الخرطوم لا تستحق الاهتمام، منتقدًا هذا التوجه بشدة، ومؤكدًا أن دارفور ليست مجرد مساحة جغرافية، بل تمثل مركزًا للثروات والموارد الطبيعية، وتضم سكانًا على تداخل اجتماعي وثقافي مع دول الجوار، محذرًا من التعامل معها كمنطقة هامشية في سياق الصراع الوطني.
وفي سياق متصل، كشف مناوي عن اتصال تلقاه في بداية الحرب من سفير دولة كبرى لم يسمها، تساءل فيه عن احتمالات تقسيم السودان إلى ثلاث حكومات: الأولى في الوسط والشرق بقيادة عبد الفتاح البرهان، والثانية في دارفور بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، والثالثة في جنوب كردفان بقيادة عبد العزيز الحلو. وأكد مناوي أن هذا السيناريو لا يمكن أن يتحقق بإرادة قوات الدعم السريع وحدها، مشددًا على أن وحدة الأطراف الرافضة لهذا المخطط كفيلة بإفشاله، داعيًا إلى التمسك بوحدة السودان كخيار لا بديل عنه.
الجيش السوداني وحلفاؤه كانوا قد تمكنوا في مارس الماضي من استعادة السيطرة على ولايات سنار والجزيرة وأجزاء من النيل الأبيض، بالإضافة إلى العاصمة الخرطوم، ما دفع قوات الدعم السريع إلى الانسحاب نحو الغرب، خاصة إلى ولايات كردفان ودارفور. وقد لعبت “القوة المشتركة” التابعة لحركات الكفاح المسلح، والتي تضم قوات موالية لحاكم دارفور، دورًا محوريًا في المعارك التي دارت في وسط السودان والخرطوم، حيث تنتشر أعداد كبيرة من هذه القوات في تلك المناطق، وتشارك في الدفاع عن مدينة الفاشر إلى جانب الجيش السوداني.
ومع تعثر تقدم الجيش وحلفائه غربًا لفك الحصار عن مدينة الفاشر، بدأت تظهر تباينات داخل التحالف العسكري، سواء بشكل علني أو عبر همسات في الكواليس، خصوصًا بين مكونات “القوة المشتركة”، التي ترى أن الجيش وحلفاءه يركزون اهتمامهم على الوسط والشمال، متجاهلين ما يجري في الغرب.
وفي تطور موازٍ، أعلن تحالف “السودان التأسيسي”، الموالي لقوات الدعم السريع، في 27 يوليو الماضي من مدينة نيالا بجنوب دارفور، تشكيل حكومة موازية برئاسة حميدتي، وعبد العزيز الحلو نائبًا له، والسياسي محمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء. هذه الخطوة جاءت لتكرّس الانقسام السياسي والعسكري في البلاد، وتثير مخاوف متزايدة من ترسيخ واقع التقسيم الذي حذر منه مناوي، وسط دعوات من التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” إلى تصنيف الحركة الإسلامية السودانية، وواجهتها السياسية حزب المؤتمر الوطني، كجماعة إرهابية.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.