القاهرة/دبي (رويترز) – يقول محللون سياسيون إن القوات شبه العسكرية في السودان تشكل حكومة موازية للحكومة التي يسيطر عليها الجيش، مما يدفع السودان نحو مزيد من التقسيم بحكم الأمر الواقع.
وبعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب التي تسببت في موجات من القتل على أساس عرقي والمجاعة والتشريد الجماعي، يتقاتل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية حاليا للسيطرة على الفاشر، آخر موطئ قدم للجيش في إقليم دارفور معقل الدعم السريع في غرب البلاد.
وأعلن ائتلاف سوداني بقيادة قوات الدعم السريع يوم السبت الماضي أسماء أعضاء حكومة موازية. وفي حين أنها لم تُنشئ بعد أي مؤسسات ولم تحظ بأي اعتراف، يقول محللون إن الفصل المحتمل للأراضي التي يسيطر عليها كل من الطرفين ربما يعجل بتقسيم آخر للسودان الذي انفصل عنه جنوب السودان عام 2011.
* كيف حدث ذلك؟
عمل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معا في عام 2021 للإطاحة بساسة مدنيين تولوا السلطة بعد حكومة الرئيس عمر البشير التي أطيح بها قبل ذلك بعامين.
لكن الحرب اندلعت بينهما في أبريل نيسان 2023 بسبب محاولة لدمج مقاتلي الدعم السريع في القوات المسلحة. واستولت قوات الدعم السريع على مساحات شاسعة من البلاد لكن الجيش طردها من العاصمة الخرطوم في وقت سابق من هذا العام، دافعا إياها باتجاه الغرب.
وطوال فترة الحرب، تصف قوات الدعم السريع الحكومة التي يقودها الجيش والمعترف بها دوليا بأنها غير شرعية، وتتخذ خطوات لإنشاء إدارة موازية خاصة بها. وعين الجيش في شهر مايو أيار كامل إدريس رئيسا للوزراء الذي بدأ بدوره في تعيين وزراء فيما سمي “حكومة الأمل” الجديدة.
لكن خلافات بين قادة الجيش وقادة جماعات معارضة سابقة، انضمت إلى الحرب معهم في مواجهة قوات الدعم السريع، تعوق تشكيل الحكومة. ولبعض أعضاء الحكومة أيضا صلات بالحزب الذي كان يتزعمه البشير، مما يعكس حاجة الجيش إلى دعم من الإسلاميين.
* ما الذي يسيطر عليه كل طرف؟
من عاصمته في زمن الحرب بورتسودان، المطلة على البحر الأحمر، حافظ الجيش على سيطرته على ولايات السودان الشمالية والشرقية. واستعاد السيطرة أيضا هذا العام على ولايات وسط البلاد وعلى الخرطوم التي يقول إنه سينتقل إليها.
وسرعان ما سيطرت قوات الدعم السريع على معظم دارفور باستثناء الفاشر حيث لا يزال القتال مستمرا مما تسبب في تفشي الجوع.
تحالفت أيضا القوات شبه العسكرية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال المعارضة التي تسيطر على مساحات شاسعة من ولاية جنوب كردفان الواقعة على الحدود مع جنوب السودان. ويدور قتال أيضا على ولايتي غرب كردفان وشمال كردفان الغنيتين بالنفط.
وسيطرت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة على “المثلث الحدودي” الشمالي مع ليبيا ومصر، موسعة بذلك الحدود الدولية للأراضي التي تسيطر عليها.
* كيف شكلت قوات الدعم السريع حكومتها؟
شكلت قوات الدعم السريع في فبراير شباط تحالف “تأسيس” مع عدد من الفصائل السياسية السودانية والجماعات المتمردة بهدف تكوين ما قالوا إنه سيكون حكومة واحدة لكل السودان.
وفي مايو أيار، وقع التحالف على دستور ينص على تشكيل برلمان ومجلس وزراء. وفي يوليو تموز، أعلن التحالف عن تشكيل مجلس رئاسي بقيادة رئيس قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو ونائبه رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال عبد العزيز الحلو.
وضم المجلس أيضا حكام ولايات ورئيس وزراء، وهو المسؤول الحكومي السابق محمد حسن التعايشي.
* ماذا يعني هذا للسودان؟
يقول محللون إن تشكيل الحكومتين الموازيتين قد يؤدي إلى حالة من الجمود شبيهة بما حدث في ليبيا أو حتى إلى تفكك أسوأ من ذلك، مع مطالبة جماعات مسلحة أخرى بأراضيها الخاصة سيرا على خطى قوات الدعم السريع.
ويمكن أن تواجه الحكومتان أيضا صعوبة في حشد التعاون الدولي الذي تحتاجان إليه لإعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية المنهارة في السودان.
ولم تتحرك أي دولة حتى الآن للاعتراف بحكومة قوات الدعم السريع الموازية التي نددت بها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وانتشرت الميليشيات في أراضي قوات الدعم السريع، مما ساعد القوات شبه العسكرية على التقدم، لكنه أثبت أيضا مدى صعوبة فرض السيطرة.
وارتفعت معدلات الجريمة في مدينة نيالا، مقر حكومة الدعم السريع في جنوب دارفور، بما في ذلك أعمال خطف، فضلا عن احتجاجات السكان والجنود. كما كانت هدفا متكررا للقصف الجوي وغارات طائرات مسيرة.
وتحالف الجيش، الذي يضم جماعات متمردة سابقة وميليشيات قبلية، هش كذلك. ففي حين أن الجيش يحظى باعتراف دولي وبدعم من قوى إقليمية مثل مصر، فإن الكثير من الدول ما زالت مترددة في التعامل معه بسبب انقلاب 2021 ونفوذ الإسلاميين.
ومثل دقلو، يخضع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لعقوبات أمريكية.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.