32.6 C
Khartoum

بعد صد الهجوم 225: الفاشر مدينة تختنق في ظل تواطؤ عالمي

Published:

منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، مرحلة جديدة من المعاناة والتحول. لم تعد المدينة عنواناً للاستقرار النسبي في دارفور، بل صارت واحدة من أكثر المناطق اشتعالًا في السودان، بعد أن فرضت قوات الدعم السريع عليها حصارًا خانقًا يهدد بمحوها.

باتت الفاشر اليوم مرآة لانهيار النظامين السياسي والاجتماعي في السودان، وصورة حيّة للألم الإنساني المتفاقم وسط صمت العالم. ومع احتدام المعارك وتدهور الأوضاع الإنسانية، تحولت إلى رمز للمأساة الوطنية ونقطة مفصلية في الحرب السودانية، كما أصبحت أيقونة لصمود يعكس مدى تعقيد التحديات التي تواجه البلاد.

بدأت ملامح الحصار تلوح تدريجيًا، حين أغلقت قوات الدعم السريع طرق الإمداد والتموين، وامتد الخناق ليشمل استهداف الأسواق والمستشفيات ومقار الإغاثة، قبل أن يتصاعد إلى قصف جوي ومدفعي للأحياء السكنية. ومع دخول المواجهات إلى قلب المدينة، أصبحت الفاشر تعيش أجواء حرب شاملة، وازدادت معاناة الأهالي مع انهيار البنية التحتية وفشل جميع محاولات فتح ممرات إنسانية، وسط تجاهل دولي يثير الريبة.

كارثة إنسانية تزداد سوءًا

اليوم، تقف الفاشر على حافة المجاعة: الأدوية معدومة، الوقود نفد، المدارس والمستشفيات مغلقة. يقطع السكان عشرات الكيلومترات بحثًا عن المياه، بينما أصبح الخبز سلعة نادرة وأسعاره تفوق طاقة معظم الأسر. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 70% من سكان المدينة يواجهون انعدام الأمن الغذائي، في حين غابت معظم المنظمات الإنسانية بسبب انعدام الضمانات الأمنية.

ارتباك إقليمي وعجز دولي

إقليميا، يسيطر القلق على دول الجوار، إذ تخشى تشاد من موجة لاجئين جديدة، بينما تراقب ليبيا بحذر مخاطر تمدد الفوضى. وعلى الصعيد الدولي، تبقى الاستجابة دون المستوى المطلوب، رغم تصنيف الفاشر كواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

نداء استغاثة

ومنذ أبريل/نيسان الماضي، تخضع مدينة الفاشر لحصار صارم أدى لانهيار الخدمات الصحية والغذائية بشكل كامل. يعاني السكان من انعدام الغذاء إلى درجة دفعتهم للاعتماد على علف الحيوانات المعروف محلياً بـ”الأمباز” كمصدر طعام.

وفي ظل هذا الوضع القاتم، نقلت الجزيرة نت عن المواطنة فاطمة مكي، المقيمة بحي الرديف، قولها: “نطعم أطفالنا الأمباز كما لو كان طعامًا للبشر… لا دواء، لا غذاء، ولا حتى مياه. نحن نموت جوعًا أو تحت القذائف ولا أحد يسمعنا”. وأضافت: “تحولت حياتنا إلى جحيم، ويومنا يمر دون أمل. نناشد المجتمع الدولي أن يمد لنا يد العون قبل فوات الأوان”.

مستقبل مجهول

يرى محللون أن نجاح القوات المسلحة في صد الهجوم الأخير مؤشر على تحوّل تكتيكي في سير المواجهات بمدينة الفاشر. ويؤكدون أن التعاون بين الجيش والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمواطنين قد يشكل نقطة انطلاق نحو إعادة توزيع موازين القوى وبناء جبهة سياسية موحدة، إذا ما تم استثمار هذا النجاح ميدانياً بشكل فعّال.

ومع ذلك، يحذّر ناشطون محليون من أن الانتصار العسكري وحده لا يكفي لكسر الحصار أو إنهاء معاناة المدنيين، ما لم يُترجم إلى تحرّك عسكري حاسم ينطلق من شمال البلاد نحو دارفور.

أخيرًا، فإن ضعف التنسيق بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وتضارب المصالح بين القوى الدولية، جعلا من الفاشر ساحة اختبرت فشل النظام الدولي في التعامل مع الأزمات المعقدة.

 

اليراع\وكالات\ ومواقع محلية


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة