30.1 C
Khartoum

“كتيبة البراء” (حصان طروادة) الحركة الاسلامية تتسلل في حكومة كامل ادريس

Published:

الخرطوم – تداولت مواقع إخبارية سودانية معلومات عن تعيين أعضاء في كتيبة البراء بن مالك التابعة للحركة الإسلامية في حكومة كامل ادريس بعد أن أعلنت التخلي عن السلاح والعودة إلى المحاضن الاجتماعية والخدمية، في خطوة وُصفت من قبل متابعين لشؤون الاخوان في المنطقة بأنها “تكتيك جديد” وجزء من استراتيجية أوسع للحركة الإسلامية للتكيف مع التغيرات السياسية والعسكرية.

وقد يفتح هذا التحول من العمل عسكري إلى المدني الباب أمام التغلغل في المؤسسات المدنية والاجتماعية والخيرية، وهو تكتيك تاريخي استخدمته العديد من الحركات الإسلامية لتعزيز نفوذها.

وذكرت صحيفة ‘الركوبة’ السودانية نقلا عن مصادرها أن هذا التحول قد يكون محاولة للالتفاف على اتهامات للكتيبة الاخوانية بالتورط في العنف وفي أعمال قتالية إلى جانب الجيش السوداني ومحاولة استباقية لعقوبات غربية محتملة قد تطال الجماعة التي تعتبر من أذرع وميليشيات الاخوان التي دعمت الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.

“وكتيبة البراء بن مالك” هي جماعة مسلحة في السودان مرتبطة بالحركة الإسلامية السودانية، التي كانت جزءا أساسيا من نظام الرئيس السابق عمر البشير. وشاركت هذه الكتيبة في القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ويحمل إعلان تخليها عن السلاح والتحول إلى العمل المدني دلالات متعددة تشمل إلى جانب كونها تكتيكا جديد من قبل الإسلاميين، تحسين صورتها وتقديم نفسها ككيان مدني يساهم في بناء الدولة، في محاولة للتخلص من وصمة الارتباط بالعنف أو بالنظام السابق.

التغلغل عبر المجتمع المدني

وقد يتيح لها التحول المعلن من النشاط العسكري إلى المدني، فرصة للتسلل إلى المؤسسات المدنية والاجتماعية والخيرية من دون إثارة ضجيج أو جدل أو مخاوف من قبل المجتمع المدني السوداني الذي يتوجس من عودة الاخوان للحكم.

وقد يكون هذا الإعلان أيضا محاولة لتجنب العقوبات الدولية أو تصنيفها كجماعة إرهابية، من خلال الظهور بمظهر جماعة ملتزمة بالسلمية.

وترجح قراءات أخرى أن تكون “كتيبة البراء” قد تعرضت لانتكاسات عسكرية أو استنزاف في صفوفها، مما دفعها لإعادة تقييم استراتيجيتها القتالية أو أنها ربما تسعى لتفاهمات غير معلنة مع أطراف داخلية مثل الجيش أو خارجية، تضمن لها مسارا جديدا في الساحة السياسية مقابل التخلي عن العمل المسلح.

وثمة احتمال آخر أن يكون الجيش السوداني الذي يُتهم بارتباطه بالإسلاميين المتشددين وباستعانته بأذرع مسلحة تابعة للإخوان، قد طلب من هذه الجماعة التخلي عن السلاح في إطار ترتيبات أوسع لإعادة هيكلة المشهد العسكري والسياسي.

ولا يعتبر إعلانها في الوقت ذاته تراجعا كاملا أو تفريطا في سلاحها، بل إعادة تنظيم للصفوف ووضع خطط جديدة للعمل السياسي أو حتى العسكري في المستقبل، لكن بشكل أكثر خفاءً أو بطرق مختلفة.

ونقلت صحيفة ‘الركوبة’ عن مصادرها قولها إن كتيبة البراء بن مالك لم تتخل فعليا عن القتال المسلح وأنها لا تزال تقاتل قوات الدعم السريع دعما للجيش السوداني.

وكامل إدريس هو شخصية دولية سودانية تم تعيينه مؤخرا رئيسا للوزراء في الحكومة التي يشرف عليها الجيش في السودان. واتهامات الإسلاميين بـ”تسلل” إلى هذه الحكومة أو أي حكومة انتقالية أخرى في السودان ليست جديدة، وتستند إلى تاريخ طويل من التغلغل والنفوذ.

وتتعدد طرق “تسلل” الإسلاميين إلى الحكومات، خاصة في الفترات الانتقالية أو الأزمات، وتشمل:

الكوادر “المتنكرة” أو “الرمادية”:

يعمد الإسلاميون وخاصة الإخوان المسلمون، إلى بناء قاعدة واسعة من الكفاءات في مختلف المجالات (اقتصادية، قانونية، تعليمية، إدارية). ويمكن لهذه الكفاءات أن تشغل مناصب إدارية أو استشارية في الحكومات دون الإعلان صراحة عن انتمائها السياسي.

الولاء الخفي

 قد يكون بعض الأفراد ذوي الولاء للحركة الإسلامية يعملون في مؤسسات الدولة (الجيش، الأمن، القضاء، الوزارات) منذ فترة طويلة، ويُعاد تفعيل دورهم في الأوقات المناسبة.

التحالفات السياسية والتي تشمل المساومة والتقارب:

في الفترات الانتقالية، قد تُبرم تحالفات بين قوى مختلفة، بما في ذلك أطراف ذات توجهات إسلامية، من أجل تشكيل حكومة أو مجلس سيادي. ويمكن للإسلاميين تقديم دعم سياسي أو شعبي (إذا كان لهم قاعدة) مقابل الحصول على حقائب وزارية أو مناصب قيادية.

استغلال الانقسامات:

يستفيد الإسلاميون غالبًا من الانقسامات بين القوى السياسية الأخرى ليقدموا أنفسهم كطرف قادر على تحقيق التوازن أو الاستقرار.

النفوذ في مؤسسات الدولة العميقة:

ويُعتقد أن للحركة الإسلامية في السودان نفوذ عميق داخل بعض أجزاء الجيش والأجهزة الأمنية، ويعود ذلك إلى فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير. وهذا النفوذ يمكن أن يؤثر على القرارات الحكومية وتعيين المسؤولين.

النقابات والجمعيات المهنية:

ويمتلك الإسلاميون تاريخا طويلا من التغلغل في النقابات المهنية والطلابية والجمعيات الخيرية، مما يمنحهم قاعدة شعبية وقدرة على التأثير في الرأي العام والضغط على صناع القرار.

استغلال الظروف:

في أوقات الأزمات أو الفراغ السياسي، قد تظهر الحركات الإسلامية كقوة منظمة وفعالة يمكنها سد الفراغ، مما يمنحها فرصة للدخول في هياكل السلطة ويمكنهم استغلال الخطاب الديني لجذب التأييد الشعبي وتوظيف ذلك للضغط من أجل تمثيلهم في الحكومة.


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة