37.4 C
Khartoum

صحافيو فرانس برس يروون صعوبات تغطية الحرب في غزة بعدما أنهكهم الجوع

Published:

غزة (الاراضي الفلسطينية) (أ ف ب) – أكد صحافيون من وكالة فرانس برس في غزة الثلاثاء أن النقص الحاد في المواد الغذائية المتوافرة، مع ما يسبّبه من جوع وإنهاك وفقدان للطاقة، يؤثر على قدرتهم على مواصلة تغطية الحرب الاسرائيلية على القطاع المستمرة منذ ثلاثة أعوام تقريبا.

وأجمع الصحافيون الذين يعملون لحساب فرانس برس في مجالات النص والصور والفيديو على أن الجوع الشديد وعدم توافر مياه نظيفة للشرب جعلهم مرضى ومنهكين.

واضطر بعضهم إلى خفض تغطيته للحرب المستمرة منذ نحو 22 شهرا. وقال أحدهم “ليس لدينا طاقة”.

في حزيران/يونيو، نددت الأمم المتحدة باستخدام إسرائيل “الغذاء كسلاح” في غزة معتبرة أنها “جريمة حرب”، فيما تحث منظمات المساعدات الإنسانية على التحرك وتكثر التحذيرات من انتشار سوء التغذية.

من جانبها، تؤكد إسرائيل أنها تسمح بدخول مساعدات إلى قطاع غزة وتتهم حماس باستغلال معاناة المدنيين وبنهب المعونات الغذائية لبيعها بأسعار باهظة، وبإطلاق النار على المواطنين الذين ينتظرون للحصول عليها.

إلا ان شهودا والدفاع المدني في غزة اتهموا تكرارا القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على منتظري المساعدات، فيما قالت الأمم المتحدة إن أكثر من ألف فلسطيني قتلوا وهم يسعون للحصول على مواد غذائية منذ أواخر أيار/مايو.

“ليس لدينا طاقة”

المصور في وكالة فرانس برس عمر القطاع في صورة ملتقطة في قطاع غزة في التاسع من أيار/مايو 2024 © – / ا ف ب/ارشيف

بشار طالب البالغ 35 عاما، واحد من أربعة مصورين من وكالة فرانس برس في غزة، وصلوا إلى القائمة القصيرة لجائزة بوليتزر هذا العام.

يعيش بشار وسط أنقاض منزله المدمر في جباليا النزلة في شمال غزة، ويقول “ليس لدينا طاقة، اضطررت إلى التوقف عن العمل مرات عدة فقط للبحث عن طعام لعائلتي”.

يتابع بشار بصوت يفتقد الحماسة التي لطالما تميز بها “أشعر للمرة الأولى بانهيار نفسي كامل. طرقت كل الأبواب لإنقاذ عائلتي من الجوع والتشريد والخوف المستمر، ولكن دون جدوى”.

أما عمر القطّاع البالغ 35 عاما، وكان مرشحا أيضا لنيل جائزة بوليتزر، فيعيش على أنقاض منزل عائلة زوجته بعد تدمير شقته. ويوضح “لا نستطيع الوصول إلى مواقع التغطية لأنه لم يتبقَّ لدينا طاقة. أُرهقت من حمل الكاميرات الثقيلة على كتفي، والمشي لمسافات طويلة”.

يعتمد القطّاع على المسكنات بسبب آلام في الظهر، لكن الحصول عليها يعتبر أيضا تحديا بسبب ندرة الأدوية الأساسية وأسعارها المرتفعة إن توافرت.

أما الصحافي خضر الزعنون (45 عاما) فقد أغمي عليه مرات عدة نتيجة الجوع والعطش. ويقول “فقدت نحو 30 كيلوغرامًا من وزني منذ بداية الحرب، وأصبحت هيكلا عظميا مقارنة بما كنت عليه قبل الحرب”.

يتابع خضر الذي غزا الشيب شعره انه فقد القدرة على القيام بعمله بالسرعة المعهودة بسبب “التعب الجسدي والنفسي الحاد، والاقتراب من الهذيان”.

يشكو بحسرة عجزه عن تلبية احتياجات عائلته بينما يقول “الأسوأ هو معاناة عائلتي، خصوصا الاطفال ووالدتي وشقيقتي المريضتين، أراهم ينهارون أمامي، وبالكاد يصمدون”.

“الجوع ينال من عزيمتي”

أما إياد البابا (47 عاما) وهو مصور آخر، فقد نزح من منزله في رفح إلى خيمة في دير البلح في وسط قطاع غزة ثم استأجر شقة ب 800 دولار لتوفير بعض الراحة لأسرته.

ويتابع المصور الذي عمل دونما توقف على مدى 14 شهرا “تحملت كصحافي كل أنواع الصدمات، أنواع الألم والحرمان في هذه الحرب الشرسة، لكني غير قادر كإنسان على تحمل الجوع، لقد وصل أطفالي ونال من عزيمتي”.

ويضيف بألم “العمل كصحافي في غزة هو عمل تحت فوهة البندقية، لكن ألم الجوع أقسى وأشد ألما من الخوف من القصف، الجوع ينهكك جسديا ويفقدك القدرة على التركيز والتفكير في مواجهة ويلات الحرب والتعامل معها”.

– “أعيش الكارثة لا أوثقها فقط” –

المصور في وكالة فرانس برس بشار طالب في صورة ملتقطة في قطاع غزة في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2024 © – / ا ف ب/ارشيف

الثلاثاء، حذر مدير مستشفى الشفاء الطبيب محمد أبو سلمية، من أن غزة تتجه نحو “أرقام مروّعة من الوفيات” بسبب نقص الغذاء، مشيرا الى وفاة 21 طفلا خلال ثلاثة أيام بسبب المجاعة وسوء التغذية.

تشكو أحلام عفانة (30 عاما)، الصحافية في فرانس برس، قائلة “نعيش مجاعة قاتلة، وانعدام الأمن الغذائي، وغياب مقومات الحياة. أصبحت أبسط المواد الأساسية بعيدة المنال”.

وتتابع الشابة التي تعيش في خيمة مهترئة وسط ارتفاع درجات الحرارة “أمارس عملي بصعوبة بالغة، وسط ظروف إنسانية قاسية تهدد حياتنا في كل لحظة. وإن اضطررت للخروج لتوثيق حدث أو لقاء أحدهم يكون بصعوبة فحركتي بطيئة ليست كالسابق، أقضي كثيرا من الأيام دون طعام حقيقي مع قليل من الماء”.

وتضيف “لم أعد فقط أغطي الحدث… أنا أعيشه وأوثقه في الوقت ذاته”.

كذلك يشكو الصحافيون من أزمة سيولة ناتجة عن رسوم السحب المرتفعة التي قد تصل إلى 45 %، والتضخم الهائل في أسعار الطعام المتاح، ما يفاقم من معاناتهم.

“الموت أهون من هذه الحياة”

الصحافي في وكالة فرانس برس خضر الزعنون في صورة ملتقطة في غزة في 22 تموز/يوليو 2025 © – / ا ف ب

في الثامن من الشهر الحالي، قالت منظمة “مراسلون بلا حدود”، إن أكثر من 200 صحافي قتلوا في غزة منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إثر هجوم حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل.

يقول المصور يوسف حسونة (48 عامًا) إن فقدان الزملاء والأصدقاء والعائلة شكّل اختبارا إنسانيا له “بكل الطرق الممكنة، في هذه الحرب، لم تعد هناك حياة كما نعرفها”.

ويضيف “رغم هذا الفراغ الثقيل، أواصل عملي… كل لقطة أُصوّرها قد تكون آخر أثر لحياة دُفنت تحت الأرض”.

أما زهير أبو عتيلة (60 عاما) الذي يعمل في مكتب فرانس برس في القطاع منذ العام 2002 ويعيش حاليا في خيمة في مدرسة تابعة لوكالة الأونروا في مدينة غزة، فيقول إن “الوضع كارثي… أفضّل الموت على هذه الحياة. لم يعد لدينا طاقة. نحن منهارون. كفى”.


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة