الخرطوم ـ في وقت لا تزال فيه الحكومة الجديدة قيد التشكيل في السودان، أعلن رئيس الوزراء كامل إدريس، الشروع في حوار وطني موسع يضم قوى سياسية ومجتمعية لمناقشة مستقبل المرحلة الانتقالية.
يأتي ذلك بعد انخفاض حدة الخلافات التي فجرها تشكيل الحكومة، مع الحركات المسلحة والأحزاب الموالية للحكومة، فضلا عن المكونات القبلية، الأمر الذي وضع وعود تشكيل حكومة تكنوقراط في مواجهة تحديات المحاصصات.
وكشف إدريس عن اتصالات مع عدد من القوى السياسية، مشددا على ضرورة تعزيز روح الحوار الوطني، وترسيخ مبادئ الشفافية والتوافق بين مكونات المشهد السياسي السوداني.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء عزمه عقد لقاء جامع قريباً يضم مختلف القوى السياسية والمجتمعية، بهدف نقاش صريح ومسؤول حول مستقبل المرحلة الانتقالية، والسعي للتوافق على رؤى وطنية تسهم في تعزيز وحدة الصف وتماسك الجبهة الداخلية.
وأشار إلى أن البلاد تمر بمرحلة دقيقة تتطلب تغليب المصلحة الوطنية العليا على الحسابات الضيقة، واستدعاء روح المسؤولية والتجرد من أجل الوطن.
ودعا جميع القوى السياسية لـ«اتباع نهج الحوار البناء والعمل المشترك، بما يحقق تطلعات الشعب السوداني في «السلام، والاستقرار، والديمقراطية، وصولاً إلى سودان يسع الجميع، يصون كرامة أبنائه ويحفظ وحدته الوطنية».
وكانت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، والتي تساند الجيش في الحرب ضد قوات «الدعم»، قد طالبت بالحقائب الوزارية ذاتها التي ظلت تشغلها منذ التوقيع على الاتفاق في 2020. ويبلغ مجملها 5 وزارات أبرزها، المالية والتخطيط الاقتصادي والمعادن.
فيما طالبت أحزاب وتحالفات سياسية موالية للجيش إدريس بالتشاور مع القوى السياسية المتحالفة مع الجيش قبل الشروع في تشكيل الحكومة الجديدة.
وتضم التحالفات والأحزاب التي أسمت نفسها «القوى السياسية والمدنية الوطنية» (8) أحزاب وتحالفات سياسية موالية للجيش، هي التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية والحراك الوطني وتنسيقية العودة لمنصة التأسيس، بالإضافة إلى تحالف سودان العدالة (تسعة أحزاب) وحزب المؤتمر الشعبي والحزب الوطني الاتحادي وتحالف الخط الوطني الاتحادي الديمقراطي – الهيئة القيادية العليا.
وشددت هذه القوى على ضرورة أن يقف رئيس الوزراء على مسافة واحدة من الجميع، مشيرة إلى ضرورة ضمان وحدة الصف الوطني واستقلال القرار التنفيذي عن الاستقطاب الحزبي أو الجهوي او الإثني.
قيادي في «صمود» يدعو البرهان لوقف إجراءات تشكيل الحكومة
وفي 24 يونيو/ حزيران الماضي، قام إدريس بتعيين وزيرين، للدفاع والداخلية، من منطقة جبال النوبة والإقليم الشرقي، فيما لا يزال التشاور مستمرا حول أسماء بقية الوزراء. وكان رئيس الوزراء قد أعلن أن حكومته ستتكون من 22 وزيرا من التكنوقراط.
يأتي ذلك في وقت طالب فيه عضو المجلس السيادي السوداني السابق، القيادي في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة «صمود»، محمد الفكي سليمان، أمس الأربعاء، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بوقف إجراءات تشكيل الحكومة والانتقال إلى عملية سياسية تعيد ترتيب المشهد في البلاد.
وحذر من أن الدفع بالخلافات إلى طريق المواجهة، سيؤدي إلى تشكيل أكثر من حكومتين، لافتا إلى أن تشكيل حكومة في ظل الانقسام الحالي ينذر بتفتيت البلاد، وأنه يجب أن يتم إيقاف تشكيلها.
في المقابل، أعلن تحالف السودان التأسيسي، الذي تقوده قوات «الدعم السريع» ويضم حركات مسلحة وشخصيات معارضة للحكومة، الثلاثاء، تشكيل هيئته القيادية، واختيار قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» رئيسًا للتحالف، وقائد الحركة الشعبية عبد العزيز آدم الحلو نائبًا للرئيس. وأشار إلى تسمية علاء الدين عوض نقد ناطقًا رسميًا، ومكين حامد تيراب مقررًا للتحالف. تأتي الخطوة في إطار ترتيبات إعلان حكومة موازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع وحلفائها في الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، والتي تضم نطاقا واسعا من إقليم دارفور وبعض مناطق ولاية جنوب كردفان.
وبينما تواجه حكومة إدريس تحديات التشكيل لأكثر من شهر، جاء إعلان الهيئة القيادية لتحالف «تأسيس» خاليا من أسماء قادة حركات دارفور الموالية للدعم السريع، أبرزهم عضوا المجلس السيادي السابقان الهادي إدريس والطاهر حجر، وسط تسريبات حول خلافات بين مكونات التحالف حول مقاعد الحكومة الموازية. فيما اعتبر القيادي الموالي للدعم السريع، سليمان صندل الذي يتزعم مجموعة منشقة من حركة «العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، أن إعلان الهيئة القيادية لتحالف «تأسيس» يمهد لإعلان الجمهورية الثانية والسودان الجديد.
وقال إن «أولويات هذا التحالف تتمثل في تعبئة الشعب السوداني سياسيًا، ووضعه أمام مسؤولياته الوطنية في قيادة عملية التغيير والدفاع عن الإنجازات التي تمت والحفاظ عليها، وتسريع وتيرة الثورة، والمساهمة الوطنية ميدانيًا ومدنيًا بغرض تقصير المعاناة الإنسانية والوصول إلى حل سياسي شامل لبناء السودان الجديد»، مضيفا أن «رفض ذلك يعني أنه لا خيار إلا بفرض السلام بمشاركة كل قطاعات الشعب السوداني المؤمنة بوقف الحرب وأجندة التغيير».
ويتحدث تحالف «تأسيس» أن الدولة السودانية ظلت حكرا على مجموعات معينة منذ استقلال البلاد في عام 1956، وأنهم يبشرون بدولة جديدة تعبر عن كل السودانيين، على حد قوله.
وتأتي خطوات تشكيل الحكومة والحكومة الموازية وسط تحذيرات متصاعدة من تقسيم البلاد.
وكانت مجموعة من الأحزاب السياسية أبرزها الأمة القومي والمؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي، قد دعت في بيان مشترك السبت، إلى حماية وحدة البلاد.
وشددت على رفض مشاريع التقسيم الإثنية والسياسية، داعية إلى وقف الحرب فوراً وتحقيق سلام شامل دائم ومستدام ومحاسبة المتورطين في الجرائم والانتهاكات الجسيمة وتحقيق العدالة للضحايا.
وحذرت من أن الحرب المندلعة منذ منتصف أبريل/ نيسان من العام قبل الماضي، لن تنتهي بحلول عسكرية، وإنما بحوار سوداني ـ سوداني يحفظ وحدة البلاد.
«القدس العربي»
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.