يرى الخبراء أنَّ تداعيات صراع الشرق الأوسط تؤثر على أفريقيا بشكل غير مباشر: والخطر الأكبر يهدّد القرن الأفريقي في حال تعاون إيران والحوثيين بشكل أقوى. لكن لإسرائيل أيضا علاقات مع دول في القرن الأفريقي.
يهدد الصراع الإسرائيلي الإيراني في الشرق الأوسط بزيادة عدم الاستقرار في المنطقة؛ ومن الممكن أن يؤثر هذا التطور على دول القارة الأفريقية أيضًا.
ويرى هندريك مايهاك، رئيس قسم أفريقيا في مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، المقرّبة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أنَّ الخطر الأكبر يهدد القرن الأفريقي. وحول ذلك قال لـDW: “إذا زادت حدة الحرب مع إيران، فسيكون هناك خطر يهدد بأن تتسع بذلك مختلف الحروب المترابطة حول البحر الأحمر”.
الأزمة في شرق أفريقيا تهدد بالتفاقم
“وهذا يعود إلى تعاون إيران مع المسلحين الحوثيين في اليمن، الذين يتعاونون بدورهم مع ميليشيا حركة الشباب في الصومال. ومن الممكن أن ينجم عن ذلك مزيد من الخطر، الذي يهدد منطقة القرن الأفريقي – هذه المنطقة الغارقة منذ نحو 30 عامًا في أعمق أزماتها بحروب في الصومال والسودان وجنوب السودان، ولا يلوح أي حل في الأفق”.
ولذلك تزداد بحسب هندريك مايهاك أهمية تعزيز ألمانيا وأوروبا عملهما ليس في الشرق الأوسط وحده، بل في منطقة القرن الأفريقي أيضًا. ويجب ألا يتم التركيز على الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا فقط، بل كذلك على القارة المجاورة في الجنوب، حيث تتزايد “ولا تتناقص” حاليًا الحروب والصراعات الممتدة من غرب أفريقيا إلى شرقها – بتداعيات تؤثر على أوروبا.
“في وضع يتراجع فيه اهتمام السياسة الخارجية الأوروبية والموارد المخصصة للتعاون الإنساني والتنموي، تخشى العديد من الدول في أفريقيا من استمرار خروجها من دائرة الدعم الغربي”، كما يقول مايهاك. ويحذّر من أنَّ ذلك له “تبعات سيئة” بالنسبة لأفريقيا.
لقد ازداد التعاون بين جماعة الحوثيين المسلحة، المدعومة من إيران، وبين ميليشيات حركة الشباب الإرهابية في الصومال، كما يقول غيدو لانفرانشي، من معهد كلينجينديل للعلاقات الدولية في هولندا: “يبدو أنَّ الحفاظ على هذه الاتصالات من مصلحة الجماعتين، بحيث أنَّ علاقاتهما يمكن أن تستمر بصرف النظر عن التطورات في الشرق الأوسط”. ولكن يجب أن ننتظر مدى قدرة إيران على الاستمرار في دعم الحوثيين، بحسب تصريح خبير النزاعات في منطقة القرن الأفريقي، غيدو لانفرانشي لـDW.
القرن الأفريقي له أهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل وإيران
ويؤكد لانفرانشي على أنَّ إيران وكذلك إسرائيل طورتا علاقاتهما في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، والتي تحظى بأهمية جيواستراتيجية بالنسبة لكلا الطرفين. ويضيف أنَّ إيران مثلًا أرسلت مؤخرًا أسلحة إلى القوات المسلحة السودانية.
“وفي المقابل، تحافظ إسرائيل على علاقات وثيقة مع إثيوبيا، وقد جرت خلال الأشهر القليلة الماضية وحدها عدةُ اجتماعات بين الطرفين على المستوى الوزاري”. ويقول الخبير لانفرانشي إنَّ دور إسرائيل في السودان غير واضح تمامًا. ولكنه يشير إلى أنَّ إسرائيل كانت لها علاقات مع طرفي النزاع الحاليين – القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع – قبل اندلاع المعارك بينهما في نيسان/ أبريل 2023.
ويحذّر الخبراء من احتمال الشعور في جميع أنحاء القارة الأفريقية بآثار الحرب في الشرق الأوسط، ويتوقعون حدوث اضطرابات محتملة في التجارة العالمية، وزيادة في عدم استقرار الأسواق مع زيادة الضغط الاقتصادي.
وبحسب رأي رومانه ديدبيرغ، الباحثة في برنامج أفريقيا في مركز أبحاث تشاتام هاوس بلندن، فإنَّ “الاضطرابات التي نشهدها حاليًا في الشرق الأوسط ستكون لها آثار جيوسياسية غير مباشرة على أفريقيا بشكل خاص”.
غير أن تأثير كل من إيران وإسرائيل الاقتصادي والدبلوماسي والاستراتيجي في أفريقيا محدود جدًا، كما قالت ديدبيرغ في حوار مع DW: “كلا البلدين لم يستثمر إلا القليل جدًا في أفريقيا، ولا توجد لديهما في الحقيقة استراتيجية أفريقية مثل أطراف فاعلة أخرى في المنطقة”.
ومع ذلك تتوقع ديدبيرغ أنَّ أسعار الطاقة يمكن أن ترتفع كثيرًا. وتضيف أنَّ حقيقة تركيز الاهتمام السياسي والعسكري الآن على جبهة مختلفة من الممكن أن تكون لها عواقب أيضًا: “من الممكن أن يخلق ذلك بعض الثغرات الأمنية في القارة” الأفريقية.
ضعف دور الوساطة القطري في الكونغو
بيد أنَّ الخبيرة ديدبيرغ ترى أنَّ الصراع في الشرق الأوسط له تداعيات واضحة في أفريقيا. وتقول إنَّ “قطر لعبت خلال الأعوام الماضية دورًا فعالًا جدًا في الوساطة بين دول أفريقية مختلفة، وكانت مؤخرًا تقود جهود الوساطة الإقليمية بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية”.
ولكن بعد الهجوم الإيراني على قاعدة جوية أمريكية في قطر، من الممكن أن يسفر ذلك الآن عن مزيد من التهديدات: “لذلك، عندما تتعرض قطر لهجوم مباشر، فقد يؤدي هذا إلى تقليص دور القطريين، الذين يُقدّمون هذه الدبلوماسية الهادئة والدعم في الخفاء، في حين أنَّ جميع القنوات الدبلوماسية الأخرى باءت بالفشل”.
وهكذا فقد تمكنت قطر – بحسب ديدبيرغ – في مطلع هذا العام من جلب طرفين سياسيين مهمين – الرئيس الرواندي بول كاغامي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي – إلى طاولة المفاوضات، بعد أن كان الزعيمان يتجنبان بعضهما طيلة أشهر.
وقد يكون هذا النقص المتوقع في دعم الوساطة في مرحلة حرجة بالنسبة لجمهورية الكونغو الديمقراطية أحد تداعيات التصعيد الحالي بين إسرائيل وإيران. ولكن ديدبيرغ ترى أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية تلعب هنا دور الوساطة القيادي، ولذلك يبقى أن ننتظر إن كان هذه التداعيات ستكون قوية إلى هذا الحد.
المصدر:DW
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.