اتفق رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس والحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش على الالتزام باتفاق سلام جوبا، والوفاء بالمواثيق والتشاور والتراضي، وذلك بعد تصريحات متضاربة حول عدم تمثيل حركات سلام جوبا في التشكيل الحكومي المرتقب في الأيام المقبلة.
وعقد إدريس اجتماعاً تشاورياً مع أطراف العملية السلمية في جوبا وناقش عددا من القضايا السياسية. وأكد الاجتماع على الدعم المطلق للجيش والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمستنفرين. كما شدد على الالتزام بالمواثيق واتفاق جوبا للسلام.
ويأتي ذلك في وقت نفى فيه مكتب رئيس الوزراء صلته بوجود منصات إلكترونية خاصة بالتقديم لشغل مناصب دستورية ورؤساء هيئات ومؤسسات حكومية، مقابل مبالغ مالية. وأوضح المكتب أن ما نُشر عارٍ من الصحة.
وكان قد حدد كامل إدريس ملامح الحكومة المرتقبة التي سماها «حكومة الأمل المدنية» المكونة من 22 وزيرا من التكنوقراط.
ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن الحكومة خلال الأيام المقبلة.
ويقول مراقبون إن حكومة إدريس يقف خلفها حلف واسع من تحالف المعسكر الداعم لبقاء الدولة والجيش، ويتوقع هؤلاء أن تكون أسماء الوزراء غير معروفة ولكنها ستكون محسوبة على المعسكر عدا عناصر الحركات المسلحة التي ربما تتم إعادة تعيينهم مرة أخرى.
وقال القيادي في التيار الوطني، نورالدين صلاح الدين، لـ«القدس العربي» إن الصورة المثلى لتشكيل الحكومة في هذه المرحلة المفصلية، تبدأ من الاعتراف بأن الأزمة السودانية لا يمكن حلها بقرارات فوقية أو محاصصات ضيقة، بل تتطلب توافقًا وطنيًا تأسيسيًا واسعًا، يقوم على الحوار السوداني ـ السوداني، ويضمن إشراك القوى الوطنية الفاعلة والمجتمعات المتضررة من الحرب.
وأضاف: «الحكومة المنتظرة ينبغي أن تكون مدنية كاملة الصلاحيات، مستقلة عن التدخلات العسكرية والسياسية، وتمتلك القدرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة المنهارة، والتعامل بفعالية مع التحديات الإنسانية والاقتصادية التي تواجه المواطنين داخل السودان وفي معسكرات النزوح واللجوء».
تحالف «صمود» يلمح إلى إمكانية التواصل مع «الحكومة المرتقبة»
وأشار إلى أن الأجندة التي يجب أن تعمل عليها الحكومة المقبلة تتلخص في الأولويات العاجلة التي تشمل إنهاء الحرب عبر مسار سلام عادل وشامل يعالج جذور النزاع لا نتائجه فقط، بجانب انعاش الاقتصاد الوطني ومعالجة الانهيار المعيشي وغلاء الأسعار، والاستجابة للأزمة الإنسانية، خاصة أوضاع النازحين واللاجئين، إضافة إلى استعادة مؤسسات الخدمة المدنية، لتمكين الدولة من تلبية الحد الأدنى من احتياجات الناس ووضع خريطة طريق للانتقال المدني، تتسم بالوضوح والشفافية، وتُفضي إلى استعادة المسار الديمقراطي بإرادة وطنية خالصة.
وشدد على أن التيار الوطني يرحب بأي خطوة إيجابية تُسهم في إخراج البلاد من أزمتها، لكننا في الوقت ذاته أكد على أن الشرعية الحقيقية لا تُمنح، بل تُكتسب من الشعب، ومن التوافق الوطني العريض، وليس من التعيين أو الدعم الخارجي فقط.
ورأى أن نجاح الوزراء مرتبط بثلاثة شروط أساسية، استقلالية كاملة في القرار الوطني وتشكيل حكومة بكفاءة وصلاحيات حقيقة وإطلاق عملية سياسية شاملة يقودها السودانيون تعالج جذور الحرب وتؤسس لانتقال ديمقراطي.
وعن الرؤية التي طرحها رئيس الوزراء، قال صلاح الدين، إنها «تحتوي إشارات إيجابية، لكنها تحتاج إلى تفصيل وآليات تنفيذ واضحة، فالنجاح لن يتحقق بالشعارات، بل بالاستجابة الفعلية لتطلعات السودانيين».
و قال الناطق الرسمي باسم تحالف «صمود» المصباح أحمد لـ«القدس العربي» إن الوضع الراهن في السودان يمثل حالة حرب شاملة، يعيش فيها المواطنون تحت ظروف أمنية واقتصادية بالغة التعقيد، ويترافق ذلك مع انقسام سياسي ومجتمعي عميق واستقطاب حاد يُهدد النسيج الوطني.
واعتبر أن المدخل الصحيح والضروري لأي مسعى وطني جاد يبدأ أولاً بوقف الحرب فوراً، لأن ذلك شرط أساسي لتهيئة المناخ نحو التعافي وإجراء مصالحة وطنية وعملية سياسية شاملة وتُفضي إلى توافق وطني عريض حول مشروع وطني متكامل، تنتج عنه حكومة انتقالية تحظى بالشرعية التوافقية.
وعن الحكومة المزمع إعلانها، قال: «بدا من خطاب الدكتور كامل أنها تكرار للنمط ذاته المعزول عن الواقع، إذ حمل الخطاب نزعة رغبوية، مكتظًا بالأمنيات التي تفتقر إلى الأسس الواقعية والوسائل العملية لتحقيقها، ولم يقدم اي رؤية لإنهاء الحرب ولم يتطرق للعملية السياسية. كما خلا الخطاب تمامًا من تشخيص موضوعي لجذور الأزمة، ولم يلامس حجم المعاناة الحقيقية التي يرزح تحتها المواطنون في ظل الحرب الراهنة».
وتابع: «من دون إيقاف الحرب كمدخل أول، فإن أي أطروحات سياسية، مهما بدت طموحة، لن تخرج عن كونها أحلامًا معلقة في فراغ».
وعن إمكانية تواصل تحالف «صمود» مع الحكومة المقبلة بعد إجازة هياكل التحالف رؤية سياسية جديدة أواخر الأسبوع الماضي، قال المصباح إن تحالف صمود منفتح على جميع القوى الوطنية، ويضع نصب عينيه هدفًا واحدًا: وقف الحرب، وإنقاذ البلاد من الانهيار، وتشييد دولة السلام والعدالة والديمقراطية المستدامة.
وأكد أن رؤية «صمود» تمثل جهدًا سياسيًا مفتوحًا للتداول والحوار مع كافة المكونات الوطنية، وقد تم عرضها على مختلف الأطراف السياسية. ويجري الآن التحضير لجولات من النقاش المباشر مع جميع القوى ذات الصلة، وفي مقدمتها قيادة القوات المسلحة، وقيادة قوات الدعم السريع، والحركات المسلحة، والقوى المدنية والمجتمعية المناهضة للحرب والداعمة للسلام بهدف الوصول إلى صيغة توافقية شاملة تسهم في إنهاء الحرب.
المصدر: القدس العربي
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.