الخرطوم ـ أعلنت لجنة المعلمين السودانيين، مقتل عضو اللجنة والقيادي في قطاع الأزهري في العاصمة الخرطوم يوسف الصديق، داخل معتقلات الدعم السريع في منطقة جنوب الخرطوم، منددة باستمرار الانتهاكات ضد المعلمين منذ اندلاع الحرب السودانية منتصف نيسان/ابريل 2023.
ودعت اللجنة لتحركات عاجلة لإنقاذ الأساتذة المعتقلين لدى قوات الدعم السريع، التي تخفي تفاصيل ومكان احتجازهم، محذرة من أن استمرار اعتقالهم في ظل عمليات التعذيب والتجويع والقتل والحرمان من العلاج يعني «الموت».
وقالت إن قتل عضو لجنة المعلمين يوسف الصديق جريمة بشعة تضاف لسلسلة الجرائم التي ارتكبتها هذه القوات في الحرب، خاصة في ملف المعتقلين، مضيفة: «أنه قد ثبت بالدليل القاطع أن الداخل لهذه المعتقلات قد بدأ أولى خطوات الموت».
وناشدت كافة المهتمين بحقوق الإنسان، إدانة هذه الجريمة غير الإنسانية، واتخاذ خطوات جادة في تجريم عمليات القتل والانتهاكات الواسعة، التي تحدث في معتقلات الدعم السريع.
يأتي مقتل الأستاذ صديق بعد أسبوع من قتل الأستاذ إبراهيم تارا، معلم مادة الكيمياء بالمرحلة الثانوية بمحلية أمبدة، غرب العاصمة الخرطوم، الذي تعرّض للاعتقال والتعذيب داخل أحد معتقلات الدعم السريع، وذلك بعد أيام من ظهوره في تسجيل مصوّر بحالة إنسانية يُرثى لها، وقد بدت عليه آثار التعذيب والجوع والإهمال، فيما طالبت قوات الدعم أسرته بدفع فدية مالية ضخمة، قبل أن تقتله لاحقا.
وقالت لجنة المعلمين السودانيين إن قتله وتعذيبه على ذلك النحو المروع، يعكس بشاعة الممارسات غير الإنسانية التي ترتكب بحق الأبرياء، مضيفة: «لقد زاد من فداحة الجريمة أن قوات الدعم السريع طلبت من أسرته فدية مالية مقابل إطلاق سراحه، ورغم دفع الفدية، لم يُطلق سراحه».
وحملت قوات الدعم السريع كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن هذه الجرائم، مشيرة إلى أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم.
وأكدت أنها ستواصل العمل مع كل القوى القانونية والحقوقية والإنسانية من أجل محاسبة الجناة وتقديمهم للعدالة، منوهة إلى إن استمرار هذه الانتهاكات بحق المعلمين والمدنيين في السودان يمثل تهديدًا مباشرًا للحياة والكرامة، ويضع المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، أمام اختبار حقيقي لمصداقيتها في حماية المدنيين ومحاسبة الجناة.
وفي 2 نيسان/ابريل الماضي أعلنت لجنة معلمي محلية سرف عمرة مقتل الأستاذ محمد عمر عبد المجيد إثر غارة جوية بمحلية مليط بولاية شمال دار فور.
وبعد هزيمة قواتها في محلية جبل أولياء في 6 شباط/فبراير الماضي، قامت بتصفية المعلم في المحلية عمار محمد الطيب. وحسب لجنة المعلمين السودانيين اعتقل الطيب من قبل استخبارات قوات الدعم السريع قبل أن تتم تصفيته من ذات القوات، داخل معتقلاتها في المنطقة.
وقامت قوات الدعم السريع بتصفية ونقل عدد كبير من المعتقلين في منطقة جبل أولياء ومناطق من العاصمة الخرطوم قبل هزيمة قواتها وانسحابها عبر جسر جبل أولياء إلى ولايات دارفور التي تمثل منطقة نفوذ وانتشار لقوات الدعم.
وجاء مقتل الأستاذ عمار في معتقلات الدعم السريع بعد أيام من مقتل زميله الطيب عبيد الله، في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان بعد سيطرة الجيش عليها في 31 كانون الثاني/يناير الماضي.
وقالت لجنة المعلمين: «إنه قتل بدم بارد، حيث تم فصل رأسه عن جسده في جريمة بشعة» ومن ثم التمثيل بجثته، بعد أن اتهمته بالتعاون مع الدعم السريع.
وقتلت كذلك الأستاذة نادية بلال محمد صديق، المعلمة بمنطقة الحلفايا شمال العاصمة الخرطوم، بعد أن طالبت بالإفراج عن إبنها المعتقل.
وفي 19 كانون الثاني/يناير الماضي، قالت لجنة المعلمين السودانيين إن قوة من الدعم السريع قامت بضرب الأستاذة نادية ومن ثم شنقها، بسبب مطالبتها بإطلاق سراح ابنها المعتقل لدى الدعم السريع، بمنطقة السقاي شمال مدينة الخرطوم بحري.
وأضافت، أن الأساتذة العالقين في مناطق العمليات العسكرية يدفعون ثمن عدم قدرتهم على الخروج منها، منددة بالانتهاكات الواسعة والجرائم البشعة التي يتعرضون لها وأسرهم بما يتضمن القتل والتعذيب والاعتقال والإخفاء القسري بالإضافة إلى التنكيل والتجويع والحرمان من حقوقهم الأساسية.
وأشارت لجنة المعلمين السودانيين إلى أنها تواصل محاولات وصد الانتهاكات التي يتعرض لها المعلمون أثناء هذه الحرب، لافتة إلى نقص المعلومات وصعوبة الوصول للمعلمين العالقين في مناطق البلاد المختلفة بسبب اتساع رقعة الحرب، وصعوبة التواصل وانعدامه أحيانا.
ويواجه المدنيون في السودان انتهاكات واسعة منذ اندلاع الحرب العام قبل الماضي، حيث تصاعدت عمليات استهداف المدنيين والقتل خارج القانون والاختفاء القسري بالإضافة إلى العنف الجنسي والقتل خارج القانون وعمليات النهب الواسعة التي طالت المرافق العامة والخاصة.
ومنذ اندلاع حرب السودان منتصف نيسان/أبريل 2023 قتل 30 ألف مدني على الأقل بينما فر أكثر من 14 مليونا جراء أعمال العنف والانتهاكات الواسعة خاصة في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد وإقليم دارفور الواقع غربها.
(القدس العربي)
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.