إبراهيم الدومة، زينب بخيت، وإريك أ. فريدمان
الحرب الأهلية الوحشية في السودان هي نتيجة مباشرة للفشل في محاسبة المسؤولين عن إبادة دارفور عام 2003. لكسر دائرة العنف، يجب على المجتمع الدولي تمكين المجتمع المدني السوداني، وتكثيف المساعدات الإنسانية، ومواجهة الجناة ومن يدعمهم.
دارفور/واشنطن العاصمة – سربرنيتسا. رواندا. حلب. كل اسم من هذه الأسماء يرمز إلى موقع رعب لا يوصف – أماكن أصبحت مرادفة للإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية. والآن، مع تحول أماكن في السودان إلى مواقع فظائع مروعة، يعيد التاريخ نفسه بشكل مخيف.
خذوا على سبيل المثال زمزم، وهو مخيم للنازحين داخليًا بالقرب من الفاشر في شمال دارفور. في أبريل، شنت قوات الدعم السريع – وهي جماعة شبه عسكرية قوية – هجومًا وحشيًا على المخيم، حيث قصفت وأطلقت النار واغتصبت المدنيين. قُتل أكثر من 400 شخص، بمن فيهم جميع موظفي العيادة الطبية الوحيدة التي كانت لا تزال تعمل في زمزم.
كما دمرت قوات الدعم السريع سوق زمزم وأحرقت جزءًا كبيرًا من المخيم. فر ما لا يقل عن 400,000 ناجٍ، رغم أن الرقم الفعلي قد يكون أعلى بكثير. بقي أكثر من 100,000 شخص محاصرين داخل المخيم، يفتقرون لأبسط الخدمات. وما زالوا يتعرضون لهجمات قاتلة وانتهاكات أخرى على يد قوات الدعم السريع. ويخشى أن يكون كثير منهم قد لقوا حتفهم. وفي الوقت نفسه، هاجمت قوات الدعم السريع مخيم أبو شوك القريب، وقتلت العشرات وشردت الكثيرين.
ولم تنتهِ أهوال الفارين من زمزم عند هذا الحد؛ فقد نصبت قوات الدعم السريع كمائن للمدنيين أثناء محاولتهم الهرب. وبسبب المجاعة والحر الشديد، انهار بعضهم من الجوع والجفاف قبل الوصول إلى طويلة – على بعد حوالي 30 ميلاً – حيث كانت المساعدات الأساسية نادرة. في المجمل، يُرجح أن الآلاف قد لقوا حتفهم.
هذه المجزرة واحدة من أحلك حلقات الحرب الأهلية المستمرة في السودان. ورغم عدم وجود حصيلة دقيقة للقتلى على مستوى البلاد، يقدّر معارفنا على الأرض أن مئات الآلاف قد قُتلوا أو لقوا حتفهم بسبب الجوع المرتبط بالحرب، وسوء التغذية، والأمراض.
بدأت الحرب في السودان قبل عامين كصراع على السلطة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية. لكن قوات الدعم السريع سرعان ما وجهت أسلحتها نحو المدنيين في وسط السودان ودارفور – خاصة من قبائل المساليت والفور والزغاوة وغيرهم من المجموعات غير العربية – مما أعاد إحياء الحملة الإبادة الجماعية التي شنها سلفها، الجنجويد، الميليشيا المدعومة من الدكتاتور السابق عمر البشير. بهذا المعنى، ما يحدث في أجزاء من السودان ليس نزاعًا جديدًا؛ بل هو استمرار لإبادة دارفور التي بدأت عام 2003 ولم تتم مواجهتها أو حلها بالكامل.
السؤال الذي يواجه العالم اليوم هو ما إذا كان زمزم سيصبح لحظة سربرنيتسا السودانية – مجزرة تدفع أخيرًا إلى تحرك دولي – أم أنه سينضم إلى رواندا وغزة والعديد من مواقع الفظائع الأخرى التي أثارت غضبًا عالميًا دون تدخل فعلي.
من المهم أن نشير إلى أن مجزرة زمزم ليست سوى الأحدث في سلسلة متزايدة من الفظائع الجماعية في جميع أنحاء السودان، بما في ذلك الجنينة في غرب دارفور والهلالية وود النورة في ولاية الجزيرة. يمكن – ويجب – أن تكون زمزم الأخيرة. لكن لجعل ذلك ممكنًا، يجب أن يتدخل المجتمع الدولي أخيرًا.
لدينا معًا خبرة شخصية ومهنية واسعة مع الأزمة في السودان من خلال عملنا القانوني والسياسي، والدفاع عن حقوق الإنسان، والتواصل المباشر مع المجتمعات المتضررة. أحدنا، إبراهيم الدومة، هو ناشط سوداني في مجال حقوق الإنسان من دارفور قام بتوثيق فظائع قوات الدعم السريع، بما في ذلك هجمات مروعة أُحرق فيها مدنيون من المساليت أحياء بالقرب من الجنينة. رسالتنا بسيطة: يجب على القادة العالميين أن يثقوا في المجتمع المدني السوداني ويوفروا له الموارد والدعم السياسي الذي يحتاجه بشكل عاجل.
السودان مليء بالمنظمين ذوي الخبرة والمستجيبين في الخطوط الأمامية الذين هم على استعداد للعمل إذا توفرت لهم الوسائل. على سبيل المثال، النساء العشرون اللواتي شكلن فريق زمزم قدمن الدعم النفسي للناجيات من العنف الجنسي واعتنين بأكثر سكان المخيم ضعفًا. وعلى الرغم من أنهن أصبحن الآن نازحات بأنفسهن، إلا أنهن مصممات على استئناف عملهن.
أو خذوا لجان المقاومة في الأحياء التي ساعدت في الإطاحة بالبشير، وغرف الطوارئ التي رشحت مؤخرًا لجائزة نوبل للسلام. تدير هذه الشبكات التطوعية مطابخ مجتمعية، وتقوم بإجلاء المدنيين، وإصلاح البنية التحتية، وبناء الملاجئ – وغالبًا ما يكون ذلك على حساب المخاطرة الشخصية الكبيرة. ومع ذلك، وعلى الرغم من فعاليتها وتفانيها، فإنها تتلقى أقل من 1% من التمويل الإنساني الدولي.
يجب أن يتغير ذلك. للوصول إلى جميع المحتاجين، يجب زيادة المساعدات الإنسانية وتوجيهها عبر منظمات محلية موثوقة. ويجب أن تتمكن وكالات الإغاثة من العمل دون تدخل الجماعات المسلحة. وحيثما تمنع انعدام الأمن إيصال المساعدات برًا – خاصة في الفاشر وعموم دارفور – يجب على الأمم المتحدة والجهات الدولية الأخرى الشروع فورًا في عمليات إسقاط جوي إنساني مستدامة.
أولوية عاجلة أخرى هي مواجهة القوى الخارجية التي تغذي هذه الحرب. في مقدمتها الإمارات العربية المتحدة، التي فعلت أكثر من أي دولة أخرى لتمكين فظائع قوات الدعم السريع، وما زالت تسلح وتدعم هذه الجماعة. يجب على المجتمع الدولي والقطاع الخاص معاملة الإمارات كدولة منبوذة: وقف جميع مبيعات الأسلحة، وقطع العلاقات الأمنية، وإنهاء الشراكات التجارية مثل تلك بين أبوظبي ورابطة كرة السلة الأمريكية. يجب على الفنانين رفض الأداء هناك، وعلى المستثمرين تجنب نظام يسهل الإبادة الجماعية.
يجب على الحكومات والمحاكم محاسبة جميع المسؤولين عن جرائم الحرب الهائلة هذه، قانونيًا وسياسيًا. لم يُحاسب الجنجويد وقادة الجيش السوداني على إبادة دارفور الأصلية – ونحن الآن نرى العواقب.
يجب أن يتغير مسار الدبلوماسية أيضًا. فقد ركزت محادثات السلام على مهندسي الحرب، بدلًا من المجتمع المدني السوداني وقادة القواعد الشعبية الذين تستند رؤيتهم للسلام إلى الكرامة والعدالة والمساءلة.
رغم أن السودان يشهد جرائم وحشية ضد الإنسانية، إلا أنه أيضًا موطن لأفضل ما في الإنسانية. انظروا إلى لجان المقاومة، وغرف الطوارئ، وفريق زمزم. انظروا إلى عمال الإغاثة الذين يرفضون التخلي عن الشعب السوداني في خضم أسوأ أزمة إنسانية في العالم. انظروا إلى منظمات مثل تحالف المساعدة المتبادلة السوداني، ورابطة الأطباء السودانيين الأمريكيين، ومجموعة نساء دارفور للعمل، وتجمع التضامن السوداني، وإلى أفراد الجالية السودانية في الخارج الذين يقدمون كل ما يستطيعون ويرفضون أن يغض العالم الطرف. وانظروا إلى الأمهات اللواتي يمشين أيامًا بلا طعام، ويخاطرن بالموت أو العنف الجنسي لإنقاذ أطفالهن.
لقد أنقذت جهودهم عددًا لا يحصى من الأرواح، لكن صمودهم ليس بلا حدود. هل سنقف معهم؟ إذا وقفنا مكتوفي الأيدي وهم يموتون، سيموت جزء من إنسانيتنا معهم.
المصدر: رأي – بروجيكت سينديكيت
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.