رغم مرور أكثر من خمسة قرون على رحيله، لا تزال أعمال الإيطالي ليوناردو دافنشي وعلى رأسها “لوحة الموناليزا” تلهم العالم وتثير إعجاب الأجيال المتعاقبة، تلك الابتسامة الغامضة التي حيرت العلماء والنقاد أصبحت رمزا لذكاء صاحبها الفريد، واليوم يبدو أن إرثه لا يقتصر على الفن والعلم فقط، بل يمتد أيضاً في الشيفرة الوراثية لأقارب أحياء، ونشرت صحيفة التلغراف البريطانية تقريراً أعاد نسب دافنشي إلى الضوء بعد ظهور خمسة أقارب له على قيد الحياة، رغم أن دافنشي توفي عام 1519، دون أن يترك أولاداً مباشرين.
وبحسب الصحيفة، يستند التقرير إلى كتاب نشر حديثاً في شهر أيار/مايو الماضي تحت عنوان “Genia DA VINCI: علم الأنساب والوراثة من خلال الحمض النووي لليوناردو”، من تأليف المؤرخين أليساندرو فيزوسي وأنيزي ساباتو.
ووفقاً للمؤلفين، اعتمد البحث على تتبع دقيق للنسب الذكوري لعائلة دافنشي، عبر تحليل جيني لأكثر من 400 شخص، وتحديد صلات قرابة مباشرة مع ليوناردو من جهة والده، رغم انقطاع نسله المباشر.
خمسة ورثة أحياء.. وذكريات عبقرية
يعيش الورثة الخمسة المكتشفون في إقليم توسكانا الإيطالي، ويبدو أن بعضهم يظهر ملامح عبقرية متوارثة
فقد صمم الأول المدعو دالمازيو فينشي، البالغ 89 عاماً، نماذج لطائرات وسيارات كارتينغ باستخدام محركات بسيطة.
أما ماورو فينشي البالغ من العمر 79 عاماً، فهو فنان في قطاع النسيج، وصلت أعماله إلى منازل شخصيات عالمية مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبينما صدّق ميكانيكي المعادن برونو فينشي، 81 عاماً، باستمرار أن لعائلته صلة بالبعقري الإيطالي دافنشي، فقد أكد الفني المتقاعد جيوفاني فينشي هذه القرابة، وقال بعد إصدار الكتاب “سُئلت كثيراً إن كنت من سلالة دافنشي.. واليوم عرفنا الجواب”.
ويقول الوريث الأخير ميلكو فينشي، 49 عاماً، ممازحاً “ربما مبالغة لكنني كنت دائماً أفكك الأشياء لأفهمها”، في إشارة إلى أن دافنشي كان أعسراً وكتب أولى كلماته بالمقلوب.
مشروع علمي شهد النور منذ العام 2016
بدأ البحث في عام 2016 ضمن مشروع أكاديمي، تشرف عليه جامعة روكفلر الأمريكية، بمشاركة خبراء من إيطاليا في مجالات الأنساب والأنثروبولوجيا، والبيولوجيا الجزئية. وأوضح الباحث أليساندرو فيزوسي أن المشروع يهدف إلى “إعادة بناء الحمض النووي لليوناردو” بهدف فهم السمات البيولوجية وراء عبقريته الفذّة، مثل حدة بصره أو قدراته الهندسية.
وتمكن الفريق من تتبع نسل والد دافنشي، وصولاً إلى العام 1331، أي قبل قرن من ميلاد دافنشي المولود في 1452 في إقليم توسكانا، حيث كان لوالده ما لا يقل عن 22 أخاً غير شقيق.
ومن خلال تحليل شظايا عظام تم استخراجها من مقبرة عائلية في كنيسة “سانتا كروتشي” ببلدة فينشي، قارن الباحثون الكروموسوم Y في هذه البقايا مع عينات مأخوذة من رجال أحياء، ونجحوا بتحديد خمسة رجال يحملون تطابقاً واضحاً في هذا الحمض النووي، وجميعهم يعيشون في شمال إيطاليا.
ورغم أهمية الاكتشافات الواردة في الكتاب، إلا أن الصحيفة نبهت إلى أن نتائجه لم تراجع أو تنشر بعد في أي نشرة دورية علمية، ما “يستوجب التعامل معها بحذر علمي”.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.