في تطور جديد على مستوى العمليات العسكرية، فرض الجيش السوداني حصاراً من عدة اتجاهات على قوات «الدعم السريع» في مدينة النهود العاصمة الإدارية المؤقتة لولاية غرب كردفان، وذلك بعد سلسلة من المعارك انتهت باستيلاء الجيش على عدد من البلدات القريبة منها وتكبيد قوات «الدعم السريع» خسائر وصفها بـ«الفادحة».
بالتزامن، اندلعت مواجهات شرسة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في حي صالحة جنوب مدينة أمدرمان وهي من المناطق الأخيرة التي ما زالت تسيطر عليها «الدعم» في العاصمة الخرطوم.
وقال مصدر ميداني لـ«القدس العربي» إن الجيش والقوات المساندة له، استطاعوا تطويق النهود من محاور عدة بهدف استردادها من قبضة الدعم السريع»، لافتاً إلى أن «القوات المتقدمة نحو المدينة من بلدة الخوي شرقاً التي استعادها الجيش أمس الأول تمركزت طلائعها في جبل حيدوب الذي يبعد نحو 5 كيلومترات من مركز المدينة».
وأوضح أن «الجيش قد يحاول سحب أو استدراج الدعم السريع إلى خارج المدينة والانخراط في معركة فاصلة أو الاستمرار في خطته التي نفذها في كثير من المناطق مثل سنجة ومدني والخرطوم، وثبتت فاعليتها، وهي تقوم على عمليات التطويق والعزل وهجمات استنزافية، لتلين الدفاعات ثم اكتساح شامل».
مصدر آخر من داخل النهود قال إن «الدعم السريع استدعت مزيدا من قواتها من أجل الدفاع عن المدينة»، بينما بث عدد من جنودها مقاطع مصورة على صفحتها الرسمية في «تليغرام» أكدوا من خلالها سيطرتهم على المدينة بعد تردد أنباء مساء الأحد عن تحريرها من قبل الجيش.
وسيطرت قوات «الدعم» على مدينة النهود في الأول من مايو/ أيار الجاري، أعقاب انسحاب الجيش بعد معارك قصيرة نحو الخوي ومن ثم الأبيض في شمال كردفان.
وشهدت المدينة بعد ذلك حملات اعتقال واسعة وسط المواطنين، فيما وثقت منظمات حقوقية عمليات تصفية طالت مدنيين وجنودا في الجيش ومستنفرين، إلى جانب أعمال نهب أخرى شملت الأسواق وممتلكات المواطنين. ويقترب الجيش من النهود ضمن معركة الزحف نحو إقليم دارفور وفك الحصار عن عاصمته الفاشر.
ووفقاً لمصادر متطابقة تحدثت لـ«القدس العربي»، يشارك في هذا الزحف عدد من الفرق العسكرية والكتائب المساندة والمستنفرون أبرزها متحرك الصياد وقوات الفرقة 16 نيالا والقوة المشتركة للحركات المسلحة وقوات درع السودان وكتائب البراء بن مالك، إلى جانب قوات الاحتياط واللواء 18 مشاة الذين كانوا في المدينة قبيل سيطرة الدعم السريع عليها.
مقتل 7 مدنيين وإصابة 15 آخرين إثر قصف «الدعم السريع» الفاشر
وتعد «النهود» مدينة استراتيجية ومركزاً مهماً في ربط عدد من أقاليم السودان مثل كردفان ودارفور والولاية الشمالية.
ويشير مراقبون إلى أن هزيمة قوات «الدعم السريع» فيها واستردادها من قبل الجيش قد يعني تدمير القوة الصلبة للدعم التي ظلت تحشدها طوال الفترة الماضية، كما أنه يساعد في التوغل داخل إقليم دارفور وإبعاد الخطر عن مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان.
والأحد، أعلن الجيش السوداني استعادة مدينة الخوي وتكبيد الدعم السريع خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وذلك بعد استئناف عملياته العسكرية في منطقة كردفان الكبرى انطلاقاً من مدينة الابيض مطلع الأسبوع الجاري.
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، أمس الإثنين، نزوح أكثر من 7 آلاف أسرة سودانية من مدينتي الخوي و النهود جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 1 و2 مايو/أيار الجاري.
وأفادت في بيان بأن الفرق الميدانية لتتبع حركات النزوح قدرت نزوح 7 آلاف و 204 أسرة من الخوي والنهود بولاية غرب كردفان، بسبب تفاقم انعدام الأمن خلال يومي 1 و 2 أيار/مايو الجاري.
وأوضحت أن «الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة النهود أدت إلى نزوح 5 آلاف و451 أسرة، بينما نزح ما يُقدر بـ 1678 أسرة من الخوي».
وذكرت أن معظم النازحين نزحوا إلى داخل ولاية غرب كردفان وإلى ولاية شمال كردفان (جنوب).
وأشار البيان إلى استمرار عمليات النزوح وأن «الوضع على الأرض لا يزال متقلبًا وغير قابل للتنبؤ إلى حد كبير».
وفي سياق متصل، استعاد الجيش كذلك أمس الأول منطقة كازقيل جنوب الأبيض، وأصبح على مقربة من مدينة «الدبيبات» التي تتخذها الدعم السريع مركزاً لوجستياً مقراً لقواتها في ولاية جنوب كردفان.
واتهمت الدعم السريع القوة المشتركة للحركات المسلحة المساندة للجيش بارتكاب جرائم مروعة بعد سيطرتها على الخوي.
ورداً على ذلك قالت حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي إن «ادعاءات الميليشيا باطلة» وتهدف إلى «التغطية على هزائم قواتها في الخوي وأم صميمة»، و«تشويه صورة قواتنا».
ميدانياً كذلك، اندلعت مواجهات عنيفة في حي صالحة جنوبي أمدرمان ثالث مدن العاصمة الخرطوم.
وقال مصدر عسكري لـ«القدس العربي»، إن الجيش بعد أن استعادة حي البنك العقاري وتوغل إلى داخل مباني الجامعة الإسلامية تقدم نحو حي صالحة الذي يقع تحت قبضة الدعم السريع.
وأشار إلى وقوع معارك ضارية شاركت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، مبيناً استيلاء الجيش على مخزن يضم عتادا حربيا كان يتبع للدعم السريع.
وفي أقصى جنوب أمدرمان وتحديداً المناطق المتاخمة لولاية النيل الأبيض، قال المصدر إن الجيش بدأ وقوات درع السودان عملية عسكرية متزامنة، أسفرت عن استعادة منطقة «الشاتاوي وذلك في إطار التضييق على قوات حميدتي في تلك النواحي.
أما في الفاشر غربي السودان، فأعلن الجيش مقتل 7 مدنيين من بينهم امراة وإصابة 15 آخرين بسبب قصف عبر مدافع 120 ومسيرات انتحارية تتبع الدعم السريع على أحياء المدينة.
وأشار في إيجاز صحافي عن تمكنه من قطع الطريق أمام قوة هاربة من الدعم السريع مكونة من (5) مركبات قتالية في محوري الجنوبي والشمال الشرقي ما أدى إلى تدمير المركبات وقتل وإصابة عناصر الدعم السريع.
وتعيش الفاشر منذ أكثر من عام في حصار مُحكم وقصف كثيف تسبب في قتل وإصابة آلاف المدنيين، إلى جانب هجمات متواصلة وشرسة من «الدعم السريع» التي تسعى إلى السيطرة على آخر المدن الاستراتيجية في الإقليم، في حين يدافع الجيش وقوات الحركات المسلحة المساندة له عن المدينة.
القدس العربي
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.