32.9 C
Khartoum

خبراء: سلاح المسيّرات منعطف ينذر بمرحلة خطيرة في حرب السودان

Published:

شكلت خسارة الخرطوم “تراجعا استراتيجيا ورمزيا” للدعم السريع في مواجهة الجيش. ومع استهداف الدعم السريع مناطق يسيطر عليها الجيش بالطائرات المسيّرة، دخلت الحرب في السودان منعطفا جديدا، ما ينذر بمرحلة خطيرة، وفق خبراء.

على مدى الأسبوع المنصرم، استهدفت طائرات مسيّرة أطلقها الدعم السريع مناطق يسيطر عليها الجيش السوداني، وكانت حتى أيام خلت تعتبر آمنة وفي منأى عن المعارك التي اندلعت منذ العام 2023.

 وبذلك أمسى الاستقرار الذي حافظ عليه الجيش في مناطق سيطرته محل تساؤل مع تهديد طرق إمداده واستهداف البنى التحتية المدنية وقصف مناطق تبعد مئات الكيلومترات عن أقرب قواعد معلنة للدعم السريع.

الطائرات المسيرة – إسترايجية جديدة للدعم السريع؟

وترى المحللة السودانية خلود خير أن الضربات تهدف الى “تقويض قدرة الجيش على حفظ الأمن في مناطق سيطرته”، بما يتيح لقوات الدعم السريع توسيع رقعة الحرب من دون تحريك عديدها.

 وخلال عامَي الحرب، اعتمد الدعم السريع بشكل رئيسي على الهجمات البرية الخاطفة التي أفضت مرارا إلى كسر دفاعات الجيش وخسارته مدنا رئيسية.

 لكن منذ إعلان طردها من الخرطوم، لجأت قوات الدعم السريع إلى الأسلحة البعيدة المدى التي يتهم الجيش دولة الإمارات العربية المتحدة بإرسالها للدعم السريع. وتنفي أبوظبي ذلك.

 ويصف مايكل جونز، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، تحركات الدعم السريع الأخيرة بأنها “تكيّف استراتيجي ضروري وربما يائس”.

 ويوضح لوكالة فرانس برس أن خسارة الخرطوم تعتبر “تراجعا استراتيجيا ورمزيا” للدعم السريع.

 وباتت الأخيرة في حاجة إلى أن تبعث رسالة “بأن الحرب مستمرة” عبر استهداف مواقع حيوية، وفقا للباحث في شؤون السودان حامد خلف الله.

هل يجدي استخدام المسيرات في مواجهة تقدم الجيش؟

 وقسمت الحرب السودان إلى مناطق نفوذ بين الحليفين السابقين، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو. ويسيطر الأول على وسط وشرق وشمال البلاد ومعظم العاصمة، بينما يسيطر الثاني على معظم إقليم دارفور (غرب) وأجزاء من الجنوب.

 ولكن حتى مع الاستراتيجية الجديدة، يستبعد خلف الله أن تستعيد قوات الدعم السريع الخرطوم ومدن وسط البلاد، أو تبلغ المقر الموقت للحكومة مدينة بورتسودان (شرق)، عن طريق العمليات البرية بسبب التقدم النوعي للجيش السوداني وخاصة في القدرات الجوية.

 ويقول خلف الله لفرانس برس إن التحول للهجوم بالمسيرات هدفه فقط “ترهيب وعدم استقرار” في مناطق الجيش.

 ويرى جونز أن المسيّرات والأسلحة الخفيفة تمكن الدعم السريع من “الوصول لمناطق لم تنجح سابقا في التوغل فيها”.

 وبحسب لواء متقاعد في الجيش، يعتمد مقاتلو الدعم السريع على نوعين من المسيّرات: انتحارية خفيفة وبسيطة الصنع تحمل قذائف وتنفجر عند الاصطدام، ومتطوّرة بعيد المدى قادرة على حمل صواريخ موجهة.

 كما يحوز الدعم السريع مسيّرات من طراز “سي اتش 95” صينية الصنع.

الإمارات تنفي توريد أسلحة صينية للدعم السريع

 ونشرت منظمة العفو الدولية أمس الخميس تقريرا اتهم الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بأسلحة صينية بينها “قنابل موجّهة من طراز جي بي 50 ايه وقذائف ايه اتش-4″، بالاستناد إلى تحليل صور لمخلّفات عُثر عليها بعد هجمات في الخرطوم وإقليم دارفور.

ونفت الإمارات اليوم الجمعة (9 مايو/ أيار) أن تكون زودت قوات الدعم السريع أسلحة صينية. وقال مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية الإماراتي سالم الجابري في بيان نشرته وزارة الخارجية الإماراتية الجمعة على منصة “إكس” إن الإمارات “ترفض بشدة مزاعم تزويدها أي طرف متورط في الصراع الدائر في السودان بالأسلحة”. وأضاف الجابري أن “هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى الأدلة المثبتة”.
 كانت الحكومة السودانية المرتبطة بالجيش قررت الثلاثاء قطع العلاقات مع الإمارات واعتبرتها “دولة عدوان” لاتهامها بإمداد الدعم السريع بالأسلحة التي استخدمت لقصف بورتسودان.

الجيش في مواجهة الدعم السريع – “سباق تسليح مكلف”

 ويرى مهند النور الباحث في شؤون السودان في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط أن الهدف الأساسي للدعم السريع من الهجمات الأخيرة هو تشتيت الجيش وإشغاله لمنعه من التقدم نحو دارفور أو كردفان في الغرب.

 ويوضح أن الأسهل لقوات الدعم السريع “أن تهاجم بسرعة وبعدها تنسحب، بدلا من البقاء في الأراضي التي تتطلب الدفاع عنها”.

 ويتطلب عبور المساحة الشاسعة بين معقل الدعم السريع في دارفور، ومقر الحكومة بورتسودان، والبالغة 1500 كلم، استخدام مسيرات بعيدة المدى مثل وينغ لوونغ 2 صينية الصنع التي توفرها الإمارات، أو “بيرقدار تي بي تو” التركية التي يفضلها الجيش، حسب تقرير العفو الدولية.

 وفي الوقت الحالي ينخرط طرفا الصراع في “سباق تسليح مكلف جدا” حيث يستهدف كل منهما “تدمير ممتلكات الآخر من الطائرات المسيرة”، بحسب خير.

أهمية المسيرات للدعم السريع

 وبعد عامين من حرب مضنية، لدى الدعم السريع سبب آخر للاعتماد على المسيرات: فإلى جانب إشغال الجيش في “أزمة أمنية” في مناطق سيطرته، ترى خير أن التحول نحو المسيرات يبقى أقل تكلفة من الاعتماد على المقاتلين.

 وتقول خير لفرانس برس إن اللجوء للمسيّرات “يسمح للدعم السريع بإعفاء مقاتليها من الانخراط في قتال بري أو مواجهات مباشرة مع الجيش”.

 وتشير خير الى تقارير بشأن تراجع قدرة الدعم السريع على التجنيد مقارنة مع بداية الحرب لأن ذلك كان يرتكز “على فرصة النهب، ولكن الآن لم يتبق سوى القليل مما يمكن نهبه في وسط السودان”.

 ويواجه طرفا الحرب اتهامات بانتهاكات ضد المدنيين واستهداف البنى التحتية، لكن الدعم السريع تحديدا تُتهم بالنهب والعنف الجنسي والإبادة الجماعية.

 وتسببت الحرب التي دخلت عامها الثالث قبل أسابيع في قتل عشرات الآلاف من المدنيين ونزوح 13 مليونا، وأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة من الأسوأ في التاريخ الحديث.

المصدر : دوتشه فيلا


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة