40.7 C
Khartoum

اندبندنت البريطانية: الغارات المسيرة تفاقم أزمات المدنيين في بورتسودان

Published:

تواجه مدينة بورتسودان منذ عدة سنوات أزمة في نقص مياه الشرب، وقد تفاقمت هذه الأزمة بشكل غير مسبوق نتيجة لاستهداف محطات توليد الكهرباء. كما تعرضت مخازن الوقود التابعة للمؤسسة السودانية للنفط للقصف، مما أدى إلى اندلاع حرائق في المنطقة المزدحمة بالخزانات.

أدى الهجوم بالطائرات المسيرة إلى قلق كبير بين سكان مدينة بورتسودان في شرق السودان، خاصة مع زيادة الغارات الجوية التي نفذتها قوات “الدعم السريع”، مما زاد من تفاقم الأوضاع الصحية للسكان القريبين من مواقع الحرائق، حيث سُجلت 17 إصابة، من بينها تسع حالات اختناق وفقاً لشبكة “أطباء السودان”. بالإضافة إلى تدهور الظروف المعيشية نتيجة توقف الأنشطة اليومية لأصحاب المهن الهامشية والمقاهي بقرار من لجنة أمن ولاية البحر الأحمر. وتعاني العاصمة المؤقتة للحكومة السودانية من عدة أزمات، مثل انقطاع التيار الكهربائي، وكذلك نقص حاد في مياه الشرب وأزمة الوقود التي أجبرت سائقي السيارات والمركبات العامة على الانتظار لساعات طويلة أمام محطات الوقود، بالإضافة إلى حركة النزوح من الأحياء المحيطة بمخازن الوقود الاستراتيجية.

تعطيل الخدمات

بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الهجمات المتكررة على محطات توليد الكهرباء في حدوث انقطاع مستمر للتيار الكهربائي في معظم أحياء مدينة بورتسودان، مما أدى إلى أزمة حادة في إمدادات مياه الشرب.

قال حمد عيسى، أحد سكان حي ترانزيت في بورتسودان، إن “الوضع أصبح لا يُحتمل في ظل الحرارة المرتفعة والتعرض المباشر لأشعة الشمس، مما أدى إلى ظهور حالات التهاب السحايا، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في نسبة الرطوبة التي زادت من شعور الناس بالسخونة”. وأضاف أن “انقطاع الكهرباء ساهم في تعطيل تقديم الخدمات للمواطنين، بالإضافة إلى تفاقم الأزمات في المستشفيات والقطاعات الخدمية الأخرى”.

أشار عيسى إلى أن “المعاناة تزداد في ساعات الليل، خاصة من حيث صعوبة البقاء في المنازل، حيث يضطر المئات إلى البقاء في الساحات والميادين قرب البحر، على الرغم من مخاطر القصف بالطائرات المسيرة”.

أزمة مياه

تعيش مدينة بورتسودان منذ عدة سنوات أزمة عطش نتيجة النقص الحاد في مياه الشرب، لكن هذه الأزمة تفاقمت بشكل غير مألوف بعد استهداف محطات توليد الكهرباء، كما تعرضت مستودعات الوقود التابعة للمؤسسة السودانية للنفط للقصف، مما تسبب في نشوب حرائق في المنطقة المليئة بخزانات الوقود.

يشتكي المواطن السوداني عمر مهدي، الذي يعيش في منطقة ديم بمدينة بورتسودان، من انقطاع المياه عن منطقتهم لأكثر من أسبوع. خلال هذه الفترة، تحملوا إلى جانب العطش نفقات مالية كبيرة لشراء المياه يومياً من أصحاب عربات الكارو، حيث وصل سعر البرميل في بعض الأحيان إلى 35 ألف جنيه سوداني (20 دولاراً أميركياً)، في حين أن شبكات المياه العامة لا تغطي معظم الأحياء.

وأشار مهدي إلى أن “معظم السكان يعتمدون بشكل رئيسي على نوعين من المياه، الأول هو الماء المالح للاستخدام العام، والثاني هو المياه المكررة للشرب والطعام. وقد أدت الأزمة إلى أن يلجأ عدد كبير من المواطنين إلى حفر آبار أمام منازلهم، لكنها توفر ماءً مالحاً.”

أوضح المواطن عاصم عبادي، الذي يعمل كسائق سيارة أجرة، أنه “بعد عامين من الاستقرار، عادت مشكلة نقص الوقود بشكل حاد في مدينة بورتسودان. حيث يقضي السائقون ساعات طويلة أمام محطات الوقود، ويضطر البعض للبقاء هناك لليلة كاملة، وهذه ظاهرة لم تكن معروفة في العاصمة الإدارية منذ بدء النزاع”.

وأشار إلى أن “الأزمة أدت إلى تعطل جزئي في حركة نقل البضائع وزيادة تكاليف النقل”، موضحاً أنه لم يكن يتوقع عودة مشكلات الاصطفاف وتكدس السيارات للحصول على حصص البنزين.

أشار عبادي إلى أن “مدينة بورتسودان قد واجهت ضغوطًا كبيرة نتيجة لاستقبال مئات الآلاف من النازحين الذين فروا من النزاع المسلح، حيث جاء هؤلاء بغرض الإقامة والعمل أو متابعة الدراسة، فضلاً عن إجراءات السفر إلى دول أخرى، مما زاد من الحاجة إلى الخدمات”.

جهود حكومية

في هذا السياق، أفادت شركة الكهرباء الوطنية السودانية بأن “فرقها الفنية تقوم بتقييم الأضرار، والعمل جارٍ حالياً على الصيانة والتأهيل لضمان استقرار إمدادات الكهرباء للمواطنين، بحيث يمكنهم ممارسة أنشطتهم بشكل طبيعي”.

وضعت السلطات الصحية مؤسسات ولاية البحر الأحمر العلاجية في حالة طوارئ لمواجهة الظروف الحالية الناجمة عن الهجمات بالطائرات المسيرة التي قد تؤدي إلى وقوع إصابات.

من جهة أخرى، أكدت وزارة الطاقة والنفط للمواطنين أن تدفق الوقود يسير بشكل طبيعي، مشددة على أنه “لا داعي للقلق”، وأن “الوزارة لديها خطة وبدائل مناسبة لتفادي وقوع أزمة وقود في البلاد”.

قرار مجحف

في الوقت نفسه، بينما يسود الهدوء العاصمة الإدارية للحكومة السودانية بعد عودة الحياة إلى طبيعتها، قررت لجنة أمن ولاية البحر الأحمر إغلاق المقاهي ومحلات أصحاب المهن الهامشية في منطقة السوق الرئيسية والأماكن الاستراتيجية في المدينة لتعزيز الأمن وتوفير بيئة مستقرة في هذه الظروف الحالية.

ناصر حسين، الذي يمتلك محلًا صغيرًا في أحد شوارع المدينة يبيع فيه البسكويت وعلب السجائر والأدوات المكتبية لمساعدة أسرته، عبّر عن استيائه قائلاً إن “قرار إغلاق محلات أصحاب المهن الهامشية ظالم وغير عادل، ويشكل صدمة قاسية للمئات، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها معظم الأسر”. وأضاف: “نحن أصحاب المهن الصغيرة نعتمد على المكسب اليومي في حياتنا، ورزق اليوم باليوم لا يسمح لنا بادخار أي مبالغ كبيرة تساهم في تلبية احتياجاتنا اليومية في مثل هذه الأوضاع”.

تأثيرات بالغة

في سياق متصل، أشار الناشط المجتمعي سالم ضرار إلى أن “آثار هجوم الطائرات المسيرة كان لها تأثير كبير على المواطنين، لاسيما من ناحية الوضع الصحي لسكان المناطق القريبة من مواقع الحرائق، حيث حدثت إصابات حالات اختناق”.

وأشار إلى وجود “حركة نزوح من الأحياء المحيطة بمستودعات الوقود الاستراتيجية نحو الأحياء الطرفية، بالإضافة إلى مغادرة بعض المواطنين البلاد إلى مصر”.

أشار ضرار إلى أن “تكاليف تذاكر السفر من بورتسودان إلى مصر عبر التهريب زادت من 250 ألف جنيه سوداني (حوالي 100 دولار أميركي) إلى 500 ألف جنيه سوداني، (حوالي 200 دولار أميركي)”.

تصعيد مستمر

منذ بدء النزاع بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في أبريل 2023، أصبحت مدينة بورتسودان ملاذًا لآلاف العائلات الفارة من ويلات الحرب. تعرضت عدة مواقع في بورتسودان، على مدى خمسة أيام متتالية، لاعتداءات بطائرات مسيرة، بما في ذلك قاعدة عثمان دقنة الجوية، وقاعدة فلامينغو البحرية، ومطار المدينة، ومستودعات الوقود الاستراتيجية، والميناء البحري، وغيرها من المواقع.

تناقل نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر أصوات المدافع الأرضية المستمرة وارتفاع ألسنة النيران في سماء المدينة.


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة