أوقفت السلطات الجزائرية قناة “الشروق نيوز” لمدة 10 أيام بسبب استخدامها مصطلحًا عنصريًا في منشور على فيسبوك لوصف مهاجرين أفارقة، بعد مداهمات للشرطة طالتهم. واعتبرت سلطة ضبط السمعي البصري المنشور خطاب كراهية وتمييز، وطالبت القناة باعتذار رسمي.
وتُعد الجزائر نقطة عبور رئيسية لآلاف المهاجرين الأفارقة، سواء بهدف الوصول إلى أوروبا أو للاستقرار والعمل داخل البلاد. ومنذ مطلع أبريل، رحّلت الجزائر نحو 5 آلاف مهاجر غير نظامي إلى النيجر، رغم أن نصف هؤلاء فقط يحملون الجنسية النيجيرية. وقد أثار هذا الحادث جدلا واسعا حول العنصرية وسياسات الهجرة في الجزائر.
وفي سياق ردود الفعل، هاجمت قناة “تيلي ساحل” النيجيرية السلطات الجزائرية، منتقدة ما وصفته بازدراء القوانين والاتفاقيات الدولية والأفريقية في عمليات الترحيل. ونقلت القناة عن مسؤولين في مدينة أساماكا الحدودية أن الجزائر رحّلت، بين 1 و21 أبريل 2025، نحو 2753 نيجيريا، من بينهم 308 قاصرين، عبر ما يُعرف بـ”القوافل الرسمية”، حيث نُقلوا بواسطة سيارات واستُقبلوا من قبل السلطات النيجرية بموجب اتفاقيات ثنائية.
غير أن الأمر لم يقتصر على هؤلاء، إذ تم ترحيل 2222 شخصا آخرين سيرا على الأقدام، من بينهم 146 نيجيريا و2076 آخرين من جنسيات أفريقية مختلفة. هؤلاء تُركوا في منطقة صحراوية تُعرف بـ”نقطة الصفر” على الحدود، واضطروا إلى السير لمسافة 15 كيلومترًا في ظروف مناخية قاسية للوصول إلى مدينة أساماكا بحسب قناة “تيلي ساحل”. والتي عرضت صورا لمهاجرين يعانون من الإرهاق والإصابات، بعضها ناجم، حسب شهاداتهم، عن عنف مارسته قوات الأمن الجزائرية.
وقد حذّرت القناة من أن استمرار هذه الظروف قد يؤدي إلى كارثة إنسانية إذا لم تتم معالجتها بحذر. وفي الوقت نفسه، عبّر وزير الداخلية في النيجر عن قلقه من تأثير هذه الترحيلات على أمن بلاده، مطالبا بإعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية بدعم من المنظمات الدولية. وعلى خلفية هذه التوترات، تصاعدت الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ونيامي، حيث تبادل الطرفان استدعاء السفراء احتجاجا على ما وصف بالعنف في عمليات الترحيل.
الجزائر تنفي اتهامات العنف ضد المهاجرين
وفيما ترفض الجزائر اتهامات النيجر حول “الطبيعة العنيفة” لعمليات الترحيل، وتصفها بأنها “ادعاءات لا أساس لها من الصحة”، فقد استدعت سفير النيجر في أبريل 2024، في خطوة تعكس تصاعد التوترات بين البلدين بشأن هذا الملف الشائك.
ويستند الموقف الجزائري الرسمي إلى أن هذه الترحيلات جزء من الجهود الوطنية لمكافحة الهجرة غير النظامية، وتعزيز الأمن القومي. وكان وزير الداخلية الجزائري، إبراهيم مراد، قد دعا في تشرين الاول/ أكتوبر 2024، خلال اجتماع وزراء داخلية مجموعة السبع في إيطاليا، إلى تعاون دولي وإقليمي لمواجهة هذه الظاهرة. وأكد أن الجزائر تبذل جهودا كبيرة لتفكيك شبكات إجرامية عابرة للحدود تنشط في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، مشيرا إلى ارتباط بعضها بجماعات إرهابية في منطقة الساحل الأفريقي.
وبالتالي، يمكن فهم أن الجزائر تعتبر هذه الترحيلات ممارسة سيادية لحماية حدودها والتصدي للهجرة غير النظامية، رغم ما تواجهه من انتقادات متزايدة محليا ودوليا، وسط تساؤلات متصاعدة حول كيفية التوفيق بين متطلبات الأمن واحترام حقوق الإنسان.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.