أثارت تصريحات الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، حول انتهاء ظاهرة حرق الإطارات التي اعتاد عليها المتظاهرون السلميون خلال حراكهم المطالب بالحكم المدني، ردود فعل قوية من لجان المقاومة في السودان. حيث اعتبرت هذه التصريحات بمثابة تجاهل للحقائق التاريخية ومحاولة لتشويه صورة الثوار الذين ساهموا في إسقاط نظام البشير.
في بيان أصدرته لجان مقاومة الخرطوم 1 و2 يوم الثلاثاء 29 أبريل 2025، هاجمت هذه اللجان تصريحات البرهان، متهمة إياه بتزييف التاريخ القريب ومحاولة تجريم الثوار وثورة ديسمبر. وأكدت أن البرهان يتجاهل الدور الكبير الذي لعبه المتظاهرون في تحقيق التغيير، مشيرة إلى أن حرق الإطارات كان رمزًا للاحتجاج السلمي ضد الظلم والقمع.
خلال كلمته في مؤتمر الخدمة المدنية الذي عُقد في بورتسودان، أشار البرهان إلى أن التجارب السابقة من المظاهرات وحرق الإطارات قد ولت مع النظام السابق، مؤكدًا أن المجد لا يتحقق من خلال حرق الإطارات بل من خلال القوة العسكرية. هذه التصريحات جاءت في وقت حساس، حيث يُنظر إلى البرهان كأحد رموز النظام السابق الذي تآمر على الثورة عبر الانقلاب الذي وقع في أكتوبر، مما يزيد من حدة التوتر بينه وبين الثوار الذين يطالبون بالعدالة والحرية.
أكدت لجان مقاومة الخرطوم 1 و2 أن الثورة واللساتك هي التي أوصلت القائد العام للجيش إلى منصبه، مشددة على رفضها لتصريحاته الأخيرة. وأشارت اللجان إلى أن القائد يتنصل من مسؤولياته تجاه الوضع الراهن في البلاد، ويواصل اتباع أسلوب المراوغة والتضليل الذي عُرف به منذ توليه السلطة في أبريل 2019. هذا الموقف يعكس عدم تحمل القائد لمسؤولياته في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
في بيانها، ذكرت اللجان أن القائد يجب أن يتذكر أن الثورة والشارع هما من أتاحا له الوصول إلى موقعه الحالي، حيث كان يتبنى شعارات الثوار ويستمد قوته من حراك الشارع. وقد أشار البيان إلى أن القائد كان قد أعرب عن تقديره للثوار خلال فترة الحراك السلمي الذي أدى إلى الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، مما يبرز تناقض مواقفه الحالية مع ما كان يروج له سابقًا.
كما سلط البيان الضوء على أن ثوار ديسمبر كانوا من أوائل من طالبوا بحل “ميليشيا الجنجويد”، محذرين من المخاطر التي تمثلها على وحدة الدولة. في الوقت نفسه، كان القائد العام للجيش يصف هذه الميليشيا بأنها “قوات من رحم الجيش”، مما يعكس تباينًا كبيرًا في المواقف ويثير تساؤلات حول التزامه بمبادئ الثورة وأهدافها.
أوضح البيان أن الثوار لم يكونوا يومًا ضد وجود جيش وطني محترف، بل كانوا وما زالوا يسعون لتعزيز سيادة الدولة. وأكدوا دعمهم لبناء مؤسسة عسكرية وطنية واحدة، تتجنب الانخراط في السياسة ولا تتجاوز إرادة الشعب. كما أشار البيان إلى أهمية وجود سودان خالٍ من الميليشيات وكل أشكال التسليح التي لا تتبع الأطر الرسمية للدولة، مما يعكس التزام الثوار بتحقيق الاستقرار والأمن في البلاد.
في سياق متصل، أعربت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر عن رفضها لتصريحات قائد الجيش، حيث جاء ردها في بيان موجه إلى رئيس مجلس السيادة الانتقالي. وأكدت التنسيقية أن الثوار هم أبناء ثورة اللساتك، مشيرة إلى أنهم تجمعوا للدفاع عن الوطن عندما واجه خطر الغزو.
كما أكدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن الثوار لم يحملوا السلاح من أجل السلطة، بل من أجل ضمان عدم تحولهم إلى لاجئين في وطن كانوا يسعون لتطويره وبنائه. هذا التصريح يعكس الرغبة القوية للثوار في تحقيق العدالة والحرية، ويعبر عن إصرارهم على مواجهة التحديات التي تعترض طريقهم نحو بناء مستقبل أفضل للسودان.
جاء ذلك بعد ان أعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أنه ” لا مجد لـ”لساتك الثورة” بعد اليوم والمجد للبندقية”، مشيرًا بذلك إلى الثورة الشعبية التي أسقطت نظام الإخوان في أبريل 2019، حيث كان المتظاهرون خلال الحراك الذي بدأ في 2018 يقومون بحرق إطارات السيارات “اللساتك” في الشوارع العامة لمنع قوات الأمن من الوصول إليهم وقمعهم.
قبل حوالي عامين من بدء الحرب المستمرة في البلاد منذ أبريل 2023، قام البرهان بتنفيذ انقلاب أسقط الحكومة المدنية الانتقالية التي كان يرأسها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
شنت قوات الأمن حملة واسعة من الاعتقالات والقمع خلال الاحتجاجات التي اندلعت بعد تنفيذ الانقلاب في أكتوبر 2021، حيث قُتل أكثر من 120 محتجًا، مما أدى إلى ردود فعل انتقادية كبيرة على الصعيدين الدولي والمحلي، وسط اتهامات بأن هدف الانقلاب كان إرجاع عناصر جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم.
شهدت الأسابيع الأولى بعد الانقلاب استعادة أصول وممتلكات تقدر بمليارات الدولارات، بعد أن كانت قد صودرت من قبل لجنة تم تشكيلها بعد الثورة وذلك لتفكيك فساد نظام الإخوان الذي استمر لثلاثين عامًا.
أعاد البرهان مجموعة من أفراد تنظيم الإخوان الذين تم فصلهم من الوظائف الحكومية بسبب حصولهم عليها من خلال سياسات التمكين التي اتبعها نظام الإخوان أثناء فترة حكمه.
بعد انتهاء خطاب البرهان، أطلق ناشطون حملة ضخمة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار “المجد للساتك”، حيث نشروا صوراً لإطارات مشتعلة، وانتقدوا بشكل قوي حديث البرهان الذي تزامن مع تقارير تتحدث عن حملات اعتقالات واغتيالات واسعة استهدفت عناصر شاركت في الثورة ورفضت الحرب، وطالبت بعودة الحكم المدني.
أثناء كلمته في مؤتمر للخدمة المدنية بمدينة بورتسودان، نفى البرهان يوم الثلاثاء أي علاقة للجيش بقيادات تنظيم الإخوان، موضحًا أن “ما يتم تداوله حول قيام الإسلاميين بإدارة الحرب من بورتسودان هو مجرد أكاذيب وإشاعات”.
قال إن القوات المسلحة هي “قوات وطنية لا تعرف الحزبية والانتماءات الضيقة، وتقاتل من أجل سلامة وأمن الوطن والمواطن”.
وأردف: “رسالتي إلى جميع المواطنين هي ألا يصدقوا هذه الأكاذيب… القوات المسلحة تجمع كل أبناء السودان بمختلف ملامحهم وقبائلهم دون أي تمييز”.
مواقع التواصل الاجتماعي \ نقلا عن الصحافة المحلية
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.