الخرطوم : أعلن بيان صادر باسم أصدقاء ورفاق السياسي والقيادي السابق في قوى «الحرية والتغيير» محمد فاروق سليمان (55) عاماً، تعرضه للاعتقال من قبل سلطات الأمن في دولة الإمارات، منذ 19 يناير/كانون الثاني الماضي، دون أن توجه له أي تهمة رسمية.
وفقاً للبيان، فإن السلطات الأمنية في الإمارات اعتقلت سليمان من مطار دبي بينما كان يستعد للسفر في رحلة قصير إلى خارج الإمارات منذ أكثر من 50 يوماً وهو رهن الاحتجاز غير القانوني ودون أن توجه إليه أي تهم رسمية أو مخالفات قانونية.
وعبر أصدقاء ورفاق السياسي السوداني المعتقل عن قلقهم على حالته الصحية مع طول مدة الاعتقال، مذكرين أنه كان قد أجرى عدة عمليات جراحية كبرى قبيل اعتقاله بواسطة الأمن الإماراتي، مما يجعل استمرار احتجازه في ظروف مجهولة تهديداً مباشراً لحياته وسلامته الجسدية.
وأوضح البيان أن هذه الحادثة ليست معزولة وإنما جزء من نمط متكرر لانتهاكات تمارسها السلطات الإماراتية بحق المواطنين السودانيين، مشيراً إلى تعرض عدد من الناشطين السودانيين المنخرطين في غرفة الطوارئ الذين لجأوا إلى الإمارات هرباً من الحرب في السودان للاعتقال والمضايقات والضغوط بواسطة الأمن الإماراتي، بهدف إجبارهم على التوقف على توثيق انتهاكات «الدعم السريع».
وأضاف: «حاول الأمن الإماراتي تقديم رشوة مالية له (سليمان) للتعاون مع السلطات الإماراتية وقوات «الدعم السريع» وهذه الممارسات تكشف عن تواطؤ واضح للتستر على جرائم ترتكب بحق الشعب السوداني».
وأكد أن اعتقال سليمان يشكل «انتهاكاً متعمداً لحقوق الإنسان وتجسيداً صارخاً للتدخل الأجنبي في الشأن السوداني».
ودعا أصدقاء السياسي السوداني المعتقل، دولة الإمارات إلى إطلاق سراحه فوراً وضمان سلامة أفراد أسرته الذين لا يزالون في الإمارات وقد يكونون عرضة للانتقام أو الضغط.
كما طالب البيان الجهات الرسمية في السودان ومنظمات حقوق الإنسان، بالتدخل ووقف الاعتقالات التعسفية والاضطهاد الممنهج للمواطنين السودانيين.
وأدان ا «الدور المقلق لبعض الشخصيات السياسية السودانية المرتبطة بأجهزة الأمن الإماراتية، وعلى رأسهم نصر الدين عبد الباري وطه إسحاق عثمان، اللذان تورطا في استغلال الاعتقالات التعسفية والتحريض عليها لتصفية الحسابات السياسية ضد الأصوات التي لم يتمكنوا من رشوتها أو شرائها، مستعينين في ذلك بأجهزة القمع الأجنبية». واعتبر «استدعاء القمع الخارجي إلى الساحة السودانية ليس فقط عملًا جبانًا، بل هو خيانة صريحة».
وشدد على أن «إسكات الأصوات المعارضة عبر القمع والسجون هو أسلوب الطغاة وعديمي الشرعية، ولا يمكن القبول به في تمثيل الشعب السوداني تحت أي ذريعة أو مسمى».
ووجه نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي، والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وإلى حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والنرويج، وجميع الجهات الدولية المعنية بالشأن السوداني.
رفاقه عبّروا عن قلقهم على صحته… وزوجته رفضت استخدام قضيته في أي تصفيات سياسية
وشدد على أن المسؤولية الأخلاقية والسياسية تحتم على هذه الأطراف الدولية ممارسة أقصى درجات الضغط على الإمارات العربية المتحدة من أجل الإفراج الفوري عن محمد فاروق سليمان، ووقف اعتقالاتها التعسفية واضطهادها المنهجي للمواطنين السودانيين.
وطالب البيان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وبعثة تقصي الحقائق بشأن السودان بفتح تحقيق رسمي، وتوثيق هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي ترتكبها جهات أجنبية ـ وفي مقدمتها الإمارات ـ في سياق النزاع السوداني.
كما دعا منظمات حقوق الإنسان إلى تبني موقف صريح وواضح ومبدئي تجاه انتهاكات الإمارات لحقوق السودانيين المقيمين على أراضيها، وحشد الأدوات القانونية والدبلوماسية والسياسية للمطالبة بالإفراج عن محمد فاروق سليمان، الذي تجاوزت فترة اعتقاله خمسين يومًا. وختم قائلا: «نحن أصدقاء ورفاق الناشط محمد فاروق سليمان، نُصدر هذا البيان عبر البريد الإلكتروني حفاظًا على أمن وسلامة بعض أعضائنا، ممن لا يزالون يقيمون في دولة الإمارات بعد أن فرّوا من السودان نتيجة الحرب».
ويعد سليمان شخصية سياسية معروفة في السودان عرف بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان منذ عشرات السنين، إلى جانب أنه كان من الأعضاء المؤسسين لتحالف «الحرية والتغيير» إبان ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 قبيل مغادرته لاحقاً. وقبيل أيام من اعتقاله انتقد سليمان عبر مقالات عديدة، تشكيل «حكومة موازية» عن جدل الشرعية في السودان.
وفي الـ11 سبتمبر/أيلول العام الماضي، كانت قد أجرت معه «القدس العربي» حواراً حول تداعيات الحرب في السودان وآرائه حول «الدعم السريع» ومستقبل التفاوض والسلام.
وأطلق ناشطون وسياسيون سودانيون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي لفك احتجاز سليمان تحت وسم «اكسروا حاجز الصمت» فيما أبدى الكثير منهم استياءهم من الصمت الذي تعاملت به القوى السياسية السودانية والمنظمات الحقوقية وتجاهلها لاعتقاله لدى السلطات الإماراتية طيلة الفترة الماضية.
وقال السياسي والقيادي في حركة حق، مجدي عبد القيوم لـ«القدس العربي»: «لا أرى أي سبب لاعتقال محمد من قبل الأجهزة الأمنية الإماراتية، إلا إذا كانت الإمارات تريد أن تثبت بدليل قاطع أنها تتدخل في الشأن السياسي السوداني مثلما تدخلت عسكرياً وتقمع بالنيابة عن «تحالف تأسيس» أي صوت معارض لفكرة الحكومة الموازية».
وأضاف: «حسب متابعتي لما يكتبه سليمان، آخر مقالاته كانت ناقدة لفكرة الحكومة الموازية ولا أعتقد أن هناك سبباً لاعتقاله غير هذا وهو شيء غريب ولا سند قانونيا له».
وتابع: «كيف لدولة أن تعتقل مواطناً أجنبياً لمجرد أنه طرح رأياً سياسياً في قضية تتصل ببلده هو، وليس الدولة التي يقيم فيها؟». وأردف: «اعتقال محمد فاروق يرجح الفرضية التي تقول إن إيقاف ياسر عرمان في نيروبي قبل أيام تم بإيعاز من شخصيات أو قيادات في تحالفات صمود وتأسيس ومن خلفهم كفيلهم».
وفي تطور آخر، قالت زوجة السياسي المعتقل، أماني العجيمي، إن زوجها بخير وهو على تواصل معهم ولم يشتك من شيء ولم يتعرض لأي مضايقات، نافية أي صلة لها ولأسرتها بالبيان.
المصدر ـ «القدس العربي»
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.