تقرير إيمان حمد من اتحاد المرأة السودانية عن أمة مزقتها الحرب الأهلية، حيث ترتكب الفظائع ضد النساء والفتيات من قبل طرفي النزاع في مناطق الصراع.
منذ اندلاع ثورة ديسمبر التي أنهت ثلاثة عقود من الديكتاتورية الإسلامية في السودان، قاومت القوى التي فقدت السلطة التغيير بشدة.
بلغت هذه المقاومة ذروتها في انقلاب 25 أكتوبر 2021 بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية (SAF)، بدعم من الفصائل الإسلامية وقوات الدعم السريع (RSF) بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). أوقف الانقلاب الانتقال الديمقراطي في السودان وأدى إلى اعتقالات جماعية وتعذيب النشطاء المؤيدين للديمقراطية.
تصاعد الصراع على السلطة بين الجنرالين إلى نزاع مسلح في 15 أبريل 2023، تغذيه مصالح إقليمية ودولية تسعى لاستغلال موارد السودان الهائلة.
أزمة إنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان
ارتكبت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى جانب الميليشيات الإسلامية، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الغارات الجوية، والحرق العمد، والنهب، والإعدامات خارج نطاق القانون، والإبادة الجماعية. أدى النزاع إلى نزوح جماعي، حيث أُجبر الملايين على الفرار من منازلهم.
تشير التقارير إلى وجود أكثر من 52 مركز احتجاز في الخرطوم وحدها، حيث يواجه المدنيون الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري وأشكالاً مختلفة من التعذيب، بما في ذلك التجويع والتعليق من الأقدام والصدمات الكهربائية. كما أدت الظروف اللاإنسانية داخل مراكز الاحتجاز إلى وفيات أثناء الاحتجاز وانتشار واسع للعنف الجنسي.
العنف ضد النساء والاعتداء الجنسي
أصبح العنف الجنسي سمة بارزة للحرب، حيث تشير التقارير إلى وقوع أكثر من 10,000 حالة اغتصاب، على الرغم من أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية. تم استخدام الاغتصاب كسلاح حرب لإرهاب المجتمعات، مما ترك الناجيات يعانين من عواقب نفسية واجتماعية وخيمة.
تم الإبلاغ عن قوات الدعم السريع كمرتكب رئيسي للعنف الجنسي المنهجي، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرتها. ومع ذلك، تم اتهام الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه أيضاً بالتورط في هذه الجرائم.
المجاعة وتفشي الأمراض
أدت الحرب إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد وانتشار المجاعة في عدة مناطق. تحذر الأمم المتحدة من أن 25.6 مليون شخص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي. الأطفال هم الأكثر تضرراً، حيث يعاني أكثر من 3 ملايين طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد.
كما أدى نقص المياه النظيفة إلى تفشي الأمراض مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك والحصبة. سجل السودان أكثر من 6,600 حالة كوليرا و235 وفاة بسبب انهيار النظام الصحي ونقص الإمدادات الطبية وتدمير المستشفيات وتشريد الأطباء.
النزوح الجماعي وإساءة معاملة الأطفال
بحلول نهاية عام 2023، نزح أكثر من 5.5 مليون شخص بسبب الحرب، مع فرار 75% منهم من الخرطوم. أصبح أكثر من 1.5 مليون لاجئ يعيشون في ظروف قاسية بالدول المجاورة. كما تم تجنيد الأطفال قسراً كجنود من قبل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مما زاد الأزمة الإنسانية تعقيداً.
الحاجة الملحة للتدخل الدولي
مع استمرار الفظائع، هناك حاجة ماسة إلى تدخل دولي عاجل. يجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وأصحاب المصلحة العالميين الضغط على الأطراف الأجنبية التي تغذي الصراع للانسحاب ودفع الأطراف المتحاربة نحو وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز آليات المساءلة لمقاضاة مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان لضمان تحقيق العدالة للشعب السوداني وإنهاء دائرة العنف المستمرة.
الدكتورة إيمان حمد هي أستاذة مشاركة في جامعة بحري ولعبت دوراً رئيسياً في ثورة ديسمبر 2019. بعد الاستيلاء العسكري على السلطة في عام 2021، فرت هي وعائلتها إلى بريطانيا.
المصدر:morningstaronline
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.