الخرطوم ـ « القدس العربي»: في وقت واصل فيه الجيش السوداني تقدمه على حساب « الدعم السريع» تحدث محللون لـ«القدس العربي» عن أسباب تفوق القوات المسلحة وإحرازها انتصارات خلال الفترة الماضية، فيما وجّه عضو مجلس السيادة، مساعد القائد العام للجيش ياسر العطا، اتهامات لدولة الإمارات و«الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات واسعة، منددا بتعاون الرئيس الكيني وليم روتو معهم، معتبرا إياه شريكا في تلك الجرائم.
وتفقد العطا، الرجل الثالث في الجيش السوداني، مقر قوات الاحتياطي المركزي – القطاع الأول في مدينة أمدرمان، مؤكدا على الدور الكبير الذي تضطلع به قوات الاحتياطي المركزي. وشدد على أن هيبة الدولة تتجسد في قيام القوات النظامية لواجبها في حماية المواطنين.
وأكد أن المعركة ستنتهي قريباً بـ«نصر مؤزر للشعب السوداني، يعقبه تحقيق الأمن والاستقرار».
في الأثناء فرضت القوات المسلحة سيطرتها على سوق حلة كوكو وقلّصت المسافة إلى جسر المنشية، شمال العاصمة الخرطوم.
وستتيح سيطرة الجيش على الجسر التحكم في جميع مخارج محلية شرق النيل وفرض حصار على الدعم السريع في المنطقة.
وحسب لجان المقاومة في المنطقة تقدمت القوات المسلحة في منطقة الحاج يوسف وفرضت سيطرتها على المربع السكني (3) والمحطة القديمة، كما بدأت التوغل داخل أحياء البراري وسط العاصمة.
وفي جنوب كردفان التحمت قوات الفرقة الرابعة عشرة مشاة – كادوقلي بقوات الدلنج معلنة فتح الطريق الرابط بين المدينتين وانتشار قوات الجيش.
بالتزامن حذرت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش المواطنين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، من هجمات بالمسيرات تنفذها قوات «الدعم السريع».
وقالت في بيان أمس الخميس إن «قوات الدعم السريع في محاولة فاشلة أطلقت سربا من المسيرات الانتحارية بطريقة عشوائية على كل أحياء المدينة، وعلى المواطنين أخذ الحيطة والحذر».
في حين استهدف الجيش والقوة المشتركة للحركات المسلحة مسنودة بالطيران الحربي ارتكازات «الدعم السريع» في محيط مدينة الفاشر ومناطق «جقوجقو» و جبال «أبوجا» وجبال «فشار» شمال دارفور، مما أسفر عن تدمير (9) عربات قتالية ومقتل العشرات من منسوبي «الدعم السريع» حسب بيان للجيش.
ونفذ الجيش عمليات تمشيط واسعة مؤكدأ خلو المدينة والأحياء الطرفية من أي وجود لقوات «الدعم السريع» ومؤكدا هروب عناصر «الدعم» بعيدا عن محيط الفاشر «مخلفين أمتعتهم وأغراضهم كما يقومون ببيع الأسلحة والذخائر في القرى المجاورة».
ومنذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، استعاد الجيش السوداني عددا من المدن والمواقع الاستراتيجية التي كانت تحت سيطرة «الدعم السريع» المحكمة، أبرزها مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي اجتاحتها «الدعم» في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2023.
كما استعاد مساحة واسعة من مدينة بحري شمال العاصمة الخرطوم التي مثلت أبرز مراكز انتشار الدعم السريع منذ بداية الحرب ومدينة أم روابة ثاني أكبر مدن ولاية شمال كردفان، الأمر الذي يمهد لفك الحصار عن عاصمتها الأبيض. كما استطاع الجيش فك الحصار عن سلاح الإشارة ومقر قيادته العامة وسط العاصمة الخرطوم واستعاد عددا من الجسور الرئيسية.
تغيير ملحوظ
وفي السياق، قال المحلل العسكري حسام ذو النون لـ» القدس العربي» إن المعارك العسكرية ما بين القوات المسلحة السودانية و«الدعم السريع» شهدت تغيراً ملحوظاً منذ نهاية الربع الأخير من العام الماضي، خاصة في ولايات الجزيرة، الخرطوم، شرق النيل وكردفان.
ورأى أن التحول العسكري يعود إلى عدة عوامل وأسباب رئيسية، حيث تمكنت القوات المسلحة السودانية من تنفيذ عمليات عسكرية ناجحة استطاعت عبرها استعادة السيطرة على العديد من المدن والمواقع الاستراتيجية، تضمنت فك الحصار عن مدينة الأبيض، وفتح الطريق ما بين مدينتي الدلنج وكادوقلي، مما يعني فتح خطوط الإمداد لكل هذه المناطق ويمهد الطريق نحو اجتياح دارفور بعد إحكام السيطرة وسط السودان.
وقال إن «تأثير السند والتأييد الذي حظي به الجيش السوداني من قبل قطاع واسع من المواطنين، كان عاملا حاسما زاد من قدراته العملياتية وساهم في استقطاب متطوعين جدد لدعم الجبهات القتال المختلفة مما غير من موازين المعارك بصورة كبيرة».
أمر لا يمكن إغفاله
وأشار إلى أن انحياز القيادي السابق في «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل» للجيش أمر لا يمكن إغفاله، مشيرا إلى أن انشقاق كيكل في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن «الدعم السريع» وانضمامه إلى الجيش، كان عنصرا ذا أثر كبير في موازين الحرب وساهم بصورة إيجابية في العمليات العسكرية في الجزيرة والبطانة وشرق النيل.
ولفت إلى أن الاستراتيجية العسكرية للقوات المسلحة والخطط التكتيكية التي تم تنفيذها على مدى عام ونصف كانت من «النجاعة والنجاح» حيث عملت على استنزاف قدرات الدعم السريع وقطع خطوط إمدادها في كثير من المناطق والجبهات، مما جعلها جسدا بلا رأس.
وأشار كذلك إلى الدور المحوري الذي لعبه سلاح الطيران منذ أول يوم لاندلاع الحرب، بالإضافة للفعالية والكفاءة التي تحلت بها فرق المسيرات، الأمر الذي مثل عاملا فارقا للحفاظ على سيطرة الجيش وتقدمه، مشيرا إلى أن التفوق الجوي والتسليح النوعي هما حجر الزاوية في «تكسير قدرات الدعم السريع».
في حين قال لخبير العسكري آمين مجذوب لـ« القدس العربي» إن طبيعة المعارك تغيرت من معركة الحصار التي كان يفرضها الدعم السريع على الجيش إلى معركة الدفاع النشط ثم إلى الهجوم والتطهير، وهي عمليات متزامنة قام بها الجيش السوداني ضد «الدعم السريع».
وأضاف: في العاصمة تم فك الحصار عن مقر القيادة العامة للجيش وسلاح المهندسين وسلاح الإشارة، وأصبحت بالتالي هناك حركة ومرونة للقوات المسلحة.
وتابع: «كذلك تم تحرير ولاية الجزيرة وسنجة وسنار ومنطقة شرق النيل وصولا إلى العيلفون وجسر سوبا، وكذلك من ناحية أمدرمان تم فك الحصار عن المناطق المهندسين وصالحة والأجزاء الغربية من أمبدة، وبالتالي نجد أن العاصمة كلها تم تأمينها بصورة كاملة من مدينة بحري ومصفاة الجيلي شمالا وجنوبا حتى سلاح الإشارة» مشيرا إلى أن هذا التغيير مرده إلى «استخدام سياسات عسكرية وتكتيكات يتميز بها الجيش».
وبين أن نقاط قوة الجيش السوداني هي العلمية والمعرفة والقيادة والسيطرة الممتازة وتوفر الإمدادات في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى الروح المعنوية العالية والتفاف المدنيين ووجود القادة وسط جنودهم، تقابل ذلك نقاط ضعف بارزة لقوات الدعم السريع، وهي افتقادهم للقيادة والسيطرة وعدم وجود القادة وسط جنودهم وكذلك فقدانهم السند الشعبي خاصة بعد الانتهاكات الأخيرة التي ارتكبوها ضد المدنيين.
ورأى أن التأثيرات الخارجية والإقليمية كانت جميعها في صالح الحكومة السودانية والجيش وليس في صالح الدعم». وأضاف: «استخدام الإعلام بطريقة خاطئة من جانب الدعم السريع بنشر قصص أحيانا غير حقيقية أدى لنتائج عكسية، في المقابل اعتمد الجيش بث أخباره عبر القنوات الرسمية».
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.