طرابلس – «القدس العربي»: استمراراً للتقارير المؤكدة لتصاعد النفوذ الروسي في ليبيا وخاصة في مناطق الجنوب والشرق، قالت وكالة نوفا الإيطالية إن روسيا تعمل على توسيع نفوذها في ليبيا من خلال نقل الرجال والمعدات إلى قاعدة معطن السارة، على الحدود مع تشاد والسودان.
ونقلت الوكالة في تقرير لها، عن مصادر ليبية وصفتها بالمطلعة، أن موقع قاعدة معطن السارة استراتيجي، وقد استُخدمت خلال الحرب الليبية التشادية في الثمانينيات، وتقع الآن في قلب عملية روسية كبرى لتعزيز السيطرة على منطقة الساحل، التي أصبحت بشكل متزايد في مركز المصالح الجيوسياسية لموسكو.
وأوضح التقرير أنه في كانون الأول/ ديسمبر2024، أرسلت روسيا مجموعة من الجنود السوريين الفارين من هيئة تحرير الشام لإعادة القاعدة إلى العمل، بهدف تحويلها إلى نقطة استراتيجية للعمليات العسكرية في إفريقيا، يمكن الإمداد منها مباشرة إلى مالي وبوركينا فاسو وربما السودان.
ويعتبر ذلك مرحلة جديدة في التوسع الروسي في القارة الإفريقية، بعد خسارتها مواقعها في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، وتكثف روسيا تدخلها في ليبيا، حيث تنقل معدات عسكرية عبر عشرات الرحلات الجوية بين بنغازي وقاعدة اللاذقية في سوريا.
وقبل أيام دعت رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى التركيز بشكل أكبر على جناحه الجنوبي، وهي منطقة جنوب البحر المتوسط وشمال إفريقيا، محذرة من توجه روسيا إلى تعزيز وجودها في شرق ليبيا بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
ورجحت أن موسكو ستبحث عن منافذ بحرية أخرى تطل على البحر المتوسط بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، متوقعة أن تكون شرق ليبيا أولى تلك المنافذ.
وقالت بعد سقوط نظام الأسد إنه من المعقول الاعتقاد بأن روسيا تبحث عن منافذ بحرية أخرى، ومن المعقول أيضاً الاعتقاد بأن أحد هذه المنافذ قد يكون برقة.
وأوضحت ميلوني أنها قد أثارت قضية النفوذ الروسي في إفريقيا مع حلفائها أخيراً، وحثت ناتو على تعزيز وجوده في القارة السمراء.
وأضافت نركز بشكل كبير على الجناح الشرقي، وندرك أن جميع أجنحة هذا التحالف معرضة للخطر، خاصة الجنوبية وتخشى روما أن تتجه موسكو إلى تعزيز وجودها في دول أخرى خارج سوريا، نظراً للمستقبل غير الواضح لقواعدها العسكرية هناك. وفي الأشهر الأخيرة، وسعت موسكو وجودها في ليبيا، وعززت عملياتها في قواعدها الجوية الأربع الرئيسية: قاعدة الخادم في شرق البلاد، وقاعدة الجفرة في الوسط، وقاعدة براك الشاطئ جنوب غرب سبها بالجنوب، وقاعدة القرضابية في سرت بالمنطقة الوسطى الشمالية.
وتستضيف هذه القواعد مجموعة متنوعة من المعدات العسكرية، بما في ذلك الدفاعات الجوية ومقاتلات ميج 29 وطائرات بدون طيار، وتديرها فرقة مختلطة من العسكريين الروس ومرتزقة مجموعة فاغنر، بعيداً عن رقابة السلطات الليبية.
وحسب مصادر «نوفا»، قامت موسكو مؤخراً بتوسيع وجودها من خلال قاعدة عسكرية جديدة، وهي قاعدة معطن السارة، في منطقة كانت لها أهمية استراتيجية تاريخياً.
وتشير المصادر نفسها إلى أن روسيا نقلت، في كانون الأول/ ديسمبر 2024، كميات كبيرة من المعدات العسكرية وأرسلت إلى القاعدة قوة مكونة من ضباط وجنود سوريين، سبق أن انتشر الكثير منهم في سوريا وغادروا البلاد بعد سقوط نظام الأسد.
ومن المقرر أن تصبح قاعدة معطن السارة مركزاً لوجستياً رئيسياً للعمليات الروسية في إفريقيا، ومركزاً مهماً لتدفق الإمدادات إلى مناطق أخرى في الساحل، ولا سيما إلى مالي وبوركينا فاسو، حيث عززت روسيا بالفعل قواتها العسكرية، كما تعتبر القاعدة أيضاً استراتيجية لحماية طرق الإمداد إلى السودان.
وأوضحت مصادر «نوفا» أكدت أن رتلاً عسكرياً من كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدام حفتر، توجه مؤخراً نحو معطن السارة لتأمين المنطقة وحماية الطرق المؤدية إلى السودان، بما في ذلك إمدادات الأسلحة والوقود التي تنطلق من ميناء طبرق وتصل إلى السودان.
ورغم الوجود العسكري الروسي المتزايد في المنطقة، تؤكد مصادر «نوفا» أن موسكو نأت بنفسها عن قوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.
وأشار التقرير إلى عمل روسيا على الاتصال المتزايد مع المجتمعات القبلية في الجنوب الليبي على الحدود مع تشاد والنيجر، وتمكن الروس من تشكيل تحالفات مع القبائل المحلية، وخاصة التي تسيطر على المناطق الحدودية، لتعزيز موقعها الاستراتيجي والوصول إلى الثروات الطبيعية، مثل مناجم الذهب في جبال كالانغا.
وأظهرت بيانات تتبع الرحلات الجوية حللتها «سي إن إن» في وقت سابق أنه جرى تسيير رحلة طيران واحدة على الأقل يومياً منذ منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي لطائرات النقل الروسية العملاقة من طراز أنتونوف 124 وطائرات إليوشن 76 من قاعدة حميميم السورية إلى قاعدة الخادم القريبة من بنغازي.
وسبق وكشف مسؤولون أمريكيون وغربيون، بداية ديسمبر الماضي، أن موسكو بدأت في سحب كميات ضخمة من العتاد العسكري والقوات من سوريا يشمل أنظمة دفاع جوي متطورة.