34.6 C
Khartoum

تنديد واسع بمقاطع مصورة لعمليات تصفية وذبح نفذتها قوات نظامية في الجزيرة

Published:

الخرطوم- «القدس العربي»: في وقت تتواصل فيه العمليات العسكرية في ولاية الجزيرة وسط السودان، قالت لجان المقاومة في مدينة رفاعة شرق الولاية إن قوات الدعم السريع تحتجز المدنيين وتمنعهم من مغادرة المدينة، متهمة إياها باستخدامهم كدروع بشرية في معاركها مع الجيش الذي تتقدم قواته نحو المنطقة.
بالتزامن، أظهر مقطع مصور عملية ذبح مواطنين على يد أفراد يرتدون زي القوات النظامية، في ولاية الجزيرة وسط السودان، استنكر المتحدث باسم الجيش ما وصفها بالتجاوزات الفردية، مؤكداً التزامهم الصارم بمحاسبة كل المتورطين. وتتداول الوسائط السودانية، منذ الإثنين، مقاطع صادمة لعمليات تصفية طالت أشخاصاً يرتدون أزياء مدنية، عبر إطلاق النار المباشر والتعذيب أو الإلقاء في نهر النيل، كان آخرها يظهر عمليات ذبح لأفراد تحت ذريعة تعاونهم مع قوات الدعم السريع.
وفي الأثناء، أفادت «غرفة طوارئ أمبدة»، وهي جزء من شبكة متطوعين في مجال الإنقاذ في أنحاء السودان، أنه «نتيجة للقصف العشوائي على منطقة دار السلام (في أم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى) كان الحصر الأولي للضحايا 120 شهيداً من المدنيين»، من دون أن تحدد الجهة التي تقف وراء القصف. وتحدث المسعفون في بيانهم عن «شُح كبير في الإمدادات الطبية المتعلقة بأدوية الإسعافات الأولية، مع وجود عدد كبير من المصابين تتفاوت درجات إصابتهم». والأحد، أبلغ المسعفون في منطقة أمبدة في أم درمان عن أزمة حادة في مجال الرعاية الصحية مع تسجيل أكثر من 70 وفاة بين آب/ أغسطس وكانون الأول/ ديسمبر بسبب سوء التغذية الحاد والملاريا والإسهال.

اختطاف نساء وحرق أطفال

وأفادت اللجنة القانونية في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية « تقدم» أن منطقة كمبو طيبة شرق محلية أم القرى بولاية الجزيرة شهدت انتهاكات طالت حياة وأمن المدنيين، مشيرة إلى أنها تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، خاصة في ظل غياب سلطة شرعية مستقلة قادرة على إنفاذ القانون والمساءلة.
وقالت إنه وفق ما تم توثيقه، فإن الانتهاكات في كمبو طيبة تضمنت القتل العمد، حيث ارتُكبت جرائم قتل بحق مدنيين عزل، من بينهم أطفال تم حرقهم داخل منازلهم، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل الحق في الحياة.

اتهامات لـ«الدعم السريع» باستخدام المواطنين كدروع بشرية

وشملت كذلك الاختطاف والاعتداء على النساء، مشيرة إلى توثيق اختطاف 13 امرأة برفقة أحد المدنيين، ما يعد جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تحظر الاختطاف والتعذيب والاعتداء الجسدي.
وأشارت كذلك إلى التهجير القسري وحرق المنازل، مشيرة إلى حرق «الكمبو» بالكامل، وتشريد السكان، وأن ذلك يشكل جريمة التهجير القسري بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر النقل الجبري أو التهجير غير القانوني للمدنيين من المناطق المحتلة.
وقالت إن هذه الجرائم تأتي كجزء من سلسلة ممنهجة من الانتهاكات التي ترتكبها «ميليشيات مسلحة غير خاضعة للسلطة القانونية» ومن بينها «درع البطانة» بقيادة «أبو عاقلة كيكل- كان يقاتل إلى جانب الدعم السريع قبل أن ينحاز في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى الجيش». وأشارت اللجنة القانونية في تنسيقية «تقدم» إلى أن تلك المجموعات المسلحة تعمل دون أي مساءلة قانونية أو إشراف قضائي، مدعومة بتحالفات مع عناصر متنفذة داخل الجيش السوداني.
وطالبت بتحقيق دولي فوري ومستقل، داعية الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان إلى فتح تحقيق دولي عاجل ومستقل بشأن الجرائم المرتكبة في «كمبو طيبة» ومناطق الكنابي الأخرى، استناداً إلى المبادئ الأساسية للتحقيقات الدولية التي تضمن نزاهة وشفافية التحقيقات.
وفي أول تعليق للجيش السوداني في أعقاب اتهامات طالت قواته والمجموعات المسلحة المساندة له بارتكاب مجزرة في منطقة «الكنابي» راح ضحيتها العشرات فضلاً عن ارتكاب عمليات تصفية دون محاكمات لأفراد يرتدون أزياء مدنية.
أكد المتحدث باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، إدانة القوات المسلحة «التجاوزات الفردية» التي جرت مؤخراً ببعض المناطق بولاية الجزيرة عقب سيطرة الجيش على مدينة «ود مدني».
وشدد على تقيد الجيش الصارم بالقانون الدولي وحرصه على محاسبة كل من يتورط في أي تجاوزات تطال أي شخص «كنابي» وقرى الولاية طبقاً للقانون.
وأشار في بيان، أمس الثلاثاء، إلى متابعتهم اللصيقة للحالة الأمنية بالمنطقة بالتنسيق مع لجنة أمن ولاية الجزيرة، وذلك لتأمين كافة المناطق وتفويت الفرصة على الجهات التي قال إنها تتربص بالبلاد التي تحاول استغلال أي تجاوزات فردية لإلصاقها بالقوات المسلحة والقوات المساندة لها في الوقت الذي تلوذ فيه بالصمت حيال جرائم الحرب المستمرة والمروعة التي ترتكبها الدعم السريع ضد المدنيين.
وطالب حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، بإجراء تحقيق شامل حول الجرائم البشعة التي استهدفت بعض سكان «مناطق الكنابي» في ولاية الجزيرة على أسس إثنية بذريعة التعاون مع الدعم السريع.

هجمات انتقامية

وفي السياق، قال مؤتمر الجزيرة إن 7 أشخاص عُزل قتلوا في منطقة «كمبو 5» بمحلية شرق الجزيرة، نتيجة لهجمات انتقامية مدفوعة بخطاب الكراهية والتحريض على العنف.
وحذر من أن هذه الجرائم تشكل انتهاكاً صارخاً للقيم الإنسانية والشرائع السماوية، إلى جانب خرقها للقوانين الوطنية والدولية التي تجرم القتل خارج نطاق القانون. إن استمرار خطاب الكراهية والتحريض على العنف يهدد النسيج الاجتماعي في الولاية، ويزيد من حدة الانقسامات المجتمعية، مما يعرض الأمن والاستقرار للخطر ويعمق معاناة المواطنين.
وأشار إلى أن ولاية الجزيرة ظلت نموذجاً للتعايش السلمي والوحدة الوطنية، واحترام القانون، داعياً جميع المواطنين في الولاية إلى العمل على تفويت الفرصة أمام الجهات الساعية لإثارة الفتن وتسعى لاستغلال مثل هذه الحوادث لتحقيق أجندتها السياسية، مضيفاً «أن أبرز تلك الجهات قوات الدعم السريع التي ارتكبت انتهاكات ومجازر عديدة ضد مواطني الجزيرة منذ سيطرتها على الولاية في ديسمبر/ كانون الأول 2023».
وأكد مؤتمر الجزيرة على إدانته ورفضه الكامل لأي أعمال عنف خارج نطاق القانون، مطالباً الجهات المختصة بالتحقيق العاجل والشفاف في هذه الجرائم وضمان تقديم الجناة إلى العدالة، وبسط سيادة القانون.

تطهير عرقي

يأتي ذلك في وقت قالت قوات الدعم السريع إن جرائم التطهير العرقي والقتل على أساس الهوية واللون، تتواصل منذ دخول قوات جيش والحركة الإسلامية إلى مدينة ود مدني وبعض المناطق خاصة (الكنابي) بولاية الجزيرة، متهمة إياها بارتكاب حملات وحشية وتصفية وإعدام الأهالي، إلى جانب عمليات الاحتجاز القسري والتعذيب والاعتداء على النساء وإذلال كبار السن.
وأضافت أن «توثيق جنود من القوات المسلحة السودانية والمجموعات التابعة لها من كتائب الحركة الإسلامية والحركات المسلحة وقوات درع السودان، للجرائم التي اقترفوها بحق المدنيين من إعدامات وتنكيل بأساليب بشعة، شملت إطلاق النار والذبح وإلقاء الضحايا في مياه النيل من أعلى الجسور في المنطقة، يُشكل أدلة مكتملة الأركان لإدانة سلوك هذه الجماعات المتطرفة».
وتابعت: « تُشكل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مخالفة صريحة لكل القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وقواعد الحروب، بما يستدعي العقوبات الواجبة التطبيق بحق مرتكبي الإبادة الجماعية، وفقاً لأحكام المادة 77 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية».


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة