الخرطوم- تجاوز عدد ضحايا هجمات «الدعم السريع» على ولاية الجزيرة وسط السودان 1000 قتيل، بينهم 93 طفلاً و67 حالة اغتصاب، حسب إحصاءات نشرها مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان.
وقتل 300 شخص، في مدينة رفاعة وحدها، بسبب موجة العنف الأخيرة التي تنفذها قوات «الدعم السريع» منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حسب عملية رصد نشرها مرصد آخر معني بالانتهاكات في الولاية الواقعة وسط السودان يسمى “مؤتمر الجزيرة”.
وأكد مقتل مواطن وإصابة آخرين، خلال هجوم نفذته القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي”، صباح الأحد، في رفاعة، مشيراً إلى أن أوضاع المواطنين في المدينة تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، حيث انعدام لكل الخدمات وانتشار للجريمة والأوبئة ما تسبب في مقتل المئات.
وحسب مؤتمر الجزيرة، قتل اثنان آخران، خلال هجمات متتابعة نفذتها «الدعم السريع» على قرى مدينة الحصاحيصا في ولاية الجزيرة، مؤكداً سقوط قتيل وإصابة آخرين في قرية “الشقياب” التابعة لريف أبو قوتة.
جاء ذلك بعد هجوم آخر على قرية “القريقريب” بمحلية الحصاحيصا، حيث قتل شخص ونهبت المجموعة المهاجمة ممتلكات المدنيين. وأشارت إلى ارتفاع عدد ضحايا الهجوم على قرية “ود راوة” إلى 8 أشخاص بعد إعلان وفاة أحد المصابين متأثراً بجروحه، أمس الأحد بقرية “البشاقرة شرق” بمحلية شرق الجزيرة.
وهاجمت «الدعم السريع» “ود راوة”، الثلاثاء، الماضي مما أسفر عن سقوط قتلى وعشرات الجرحى.
وتتعرض ولاية الجزيرة لانتهاكات واسعة منذ اجتياح «الدعم السريع» عاصمتها “ود مدني” في ديسمبر/ كانون الأول 2023.
وتصاعدت وتيرتها في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث بدأت قوات «الدعم السريع» موجة من الهجمات العنيفة استهدفت المحليات شرق ولاية الجزيرة، بعد استسلام قائد ميداني تابع لها في المنطقة للجيش، مما أسفر عن سقوط مئات القتلى وتهجير قرى بأكملها.
وأعلن الجيش في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استسلام القيادي البارز في قوات «الدعم السريع» “أبو عاقلة كيكل” ومجموعة كبيرة من قواته، وانحيازها إلى صفوف القوات المسلحة السودانية، فيما أعلن رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش العفو عن كل “متمرد” يبلغ في أقرب نقطة عسكرية في جميع أنحاء البلاد.
وقاد “كيكل” قوات «الدعم السريع» التي استحوذت على ولاية الجزيرة وسط السودان في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، الأمر الذي أحدث تغيرات عديدة في مجرى العمليات العسكرية، التي كانت إلى ذلك الوقت محصورة في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور غرب السودان.
وتنحدر أسرة كيكل من الولاية ذاتها “الجزيرة”، بينما يواجه اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة طالت أهالي الولاية خلال اجتياح قوات «الدعم السريع» نهاية العام قبل الماضي وسيطرتها على عاصمتها “ود مدني”.
وبالتزامن مع “استسلام قوات كيكل”، شنت قوات «الدعم السريع» هجمات عنيفة تركزت في المحليات الشرقية كما امتدت إلى بعض المناطق شمال وغرب الجزيرة.
وأشار مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان إلى أن سلسلة الانتهاكات التي ترتكبها قوات «الدعم السريع» داخل ولاية الجزيرة مستمرة بشكل يومي منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2023، حيث فرضت سيطرتها على المدن والقرى، وارتكبت جرائم جسيمة وانتهكت القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. وشملت تلك الانتهاكات أفعالاً متعددة تعكس استباحة الولاية وسكانها من قبل قوات «الدعم السريع».
وقال المرصد الناشط في رصد الانتهاكات ضد المدنيين، إن قرى الولاية شهدت سلسلة من المجازر والانتهاكات التي ارتكبتها قوات «الدعم السريع» مخلفة وراءها مآسي إنسانية جسيمة.
وأشارت إلى استخدام هذه القوات أسلحة ثقيلة وتقنيات عسكرية متطورة ضد الأهالي العزل ما تسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى، لافتة إلى أنها منذ سيطرتها على ولاية الجزيرة في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2023، شهدت الولاية تصاعداً خطيراً في أنماط الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، وأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة، فهذه الممارسات استهدفت بشكل خاص المدنيين في الولاية.
وأدت تلك الانتهاكات إلى خلق حالة من الرعب والخوف بين السكان، مشيرة إلى استخدام قوات «الدعم السريع» مبررات تخدم أجندتها ومن أبرزها الاتهامات بالتبعية للجيش أو المستنفرين، حيث استهدفت قوات «الدعم السريع» العديد من الأفراد الذين اعتبرتهم مناصرين للقوات المسلحة السودانية أو مشاركين في أنشطة عسكرية ضدها، أو رفض التعاون مع قوات «الدعم السريع»، حيث كان الامتناع عن تلبية مطالب عناصر «الدعم السريع»، مثل الكشف عن أماكن الممتلكات أو الإبلاغ عن الأثرياء المحليين كالتجار والمغتربين، سبباً مباشراً للاعتقال أو التعذيب إلى جانب الضغط على المجتمعات المحلية باستخدام الاعتقالات كوسيلة لترهيب السكان وضمان السيطرة المطلقة على مواردهم وممتلكاتهم.
وحولت هذه القوات عدداً من المنشآت المدنية في ولاية الجزيرة إلى مراكز احتجاز غير قانونية، حيث يتم احتجاز العشرات من المواطنين في ظروف غير إنسانية.
اختطاف الفتيات
وأشار مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان إلى تنفيذ قوات «الدعم السريع» جرائم اختطاف للفتيات. وحسب شهادات موثوقة حصل عليها مرصد الجزيرة، قامت هذه القوات باختطاف الفتيات واستعبادهن جنسياً، بالإضافة إلى إجبارهن على القيام بأعمال الطبخ والخدمة المنزلية، مشيراً إلى أن أبرز المعتقلات التي تودع فيها الفتيات معتقل في منطقة “كاب الجداد” شمال الجزيرة ومعتقل بمصنع النسيج في مدينة “الحصاحيصا”.
الاختطاف مقابل الفدية
وقال إن قوات «الدعم السريع» استخدمت الاختطاف مقابل الفدية كأداة رئيسية لفرض سيطرتها على المجتمعات المحلية في ولاية الجزيرة، حيث تم استهداف التجار والمزارعين والشباب لطلب فدية مالية باهظة تفرض على أسرهم، تشير شهادات الناجين والعائلات إلى أن المبالغ المطلوبة تصل أحياناً إلى 50 مليون جنيه سوداني، وفقاً للمكانة الاجتماعية والاقتصادية للشخص المختطف بالنسبة لبعض الأسر قد تكون هذه المبالغ تعجيزية مما يزيد من المعاناة والضغط النفسي عليهم.
بعد سيطرتها على ولاية الجزيرة، شرعت قوات «الدعم السريع» في تنفيذ سلسلة من عمليات النهب المسلح التي استهدفت الممتلكات الشخصية للمواطنين بما في ذلك الأموال والمركبات وفق إفادات العديد من الضحايا والشهود، وامتدت عمليات النهب لتشمل المحاصيل الزراعية التي تمثل مصدر غذاء رئيسياً لسكان ولاية الجزيرة مما فاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة.
تدمير البنى التحتية
ومنذ اجتياحها لولاية الجزيرة، شرعت قوات «الدعم السريع» في تنفيذ استراتيجية ممنهجة تهدف إلى تدمير البنية التحتية لهذه الولاية التي تعد واحدة من أكثر المناطق السودانية إنتاجاً وثراءً من حيث الموارد الزراعية والبشرية. وحسب المرصد، كانت هذه الاستراتيجية جزءاً من حرب شاملة ضد سكان الولاية، ركزت على شل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية فيها بشكل كامل، متسببة في أضرار كارثية. لقد توزعت عمليات التدمير على قطاعات حيوية أساسية، مثل الزراعة والصناعة والصحة والتعليم والخدمات، ما أدى إلى انهيار شامل في مقومات الحياة.
«القدس العربي»