الخرطوم – الأناضول: تقول الحكومة السودانية أنها استكملت إجراءات استبدال أكبر فئات العملة المحلية (الجنيه) في عدد من ولايات البلاد رغم الحرب الدائرة بين الجيش و»قوات الدعم السريع» والصعوبات التي تواجه عملية الاستبدال خلال وضع اقتصادي متدهور.
وأكدت اللجنة العليا لطرح واستبدال العملة برئاسة عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر أن تدافع المواطنين لاستبدال العملة تعبر عن حالة وطنية متقدمة، حسب بيان من مجلس السيادة.
وانطلقت عملية استبدال العملة من فئتي 500 و1000 جنيه في العاشر من الشهر الحالي ديسمبر/كانون الأول واستمرت حتى الثالث والعشرين من الشهر نفسه وتمت عبر البنوك العاملة في البلاد.
وحسب البنك المركزي السوداني فإن عملية الاستبدال شملت ولايات نهر النيل الشمالية، والبحر الأحمر، والقضارف، وكسلا (شرق)، والنيل الأزرق، وسنار (جنوب شرق ) والنيل الأبيض (جنوب) .
وفي 10 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي أعلن بنك السودان المركزي عن طرح العملة الجديدة بسبب انتشار عملات فئة 1000 و500 جنيه مجهولة المصدر، أدت إلى زيادة السيولة النقدية وتأثيرها السلبي على استقرار الأسعار إلى تراجع قيمة العملة في السوق المحلية، إلى جانب ارتفاع تضخم أسعار السلع.
وقال البنك المركزي في حينه إن «خطوة استبدال العملة تأتي في إطار حماية العملة الوطنية وتحقيق استقرار في سعر صرفها، ومواجهة الآثار السلبية للحرب الدائرة، خاصة بعد عمليات النهب الواسعة التي قامت بها قوات الدعم السريع لمقار بنك السودان وشركة مطابع السودان للعملة في الخرطوم».
وحسب مراقبين، فإن استبدال العملة يأتي من أجل إعادة الكتلة النقدية إلى قطاع المصارف حيث يقدر أن الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي تتجاوز 80 في المئة من الكتلة النقدية.
يضاف إلى ذلك أن البنك المركزي يهدف إلى إعادة الثقة في القطاع المصرفي، وذلك من خلال استبدال العملة عبر فتح الحسابات المصرفية للمواطنين بإجراءات ميسرة.
ومن شأن ذلك – وفق البنك – أن يعيد الثقة في المصارف بعد الهزة التي أحدثتها الحرب بعد أن تعرضت مقاره للنهب والسلب والحرق عقب اندلاع القتال في 15 أبريل/نيسان 2023.
وكان البنك المركزي قد أوضح بشأن الولايات الأخرى التي لم تتم عملية الاستبدال فيها (11 ولاية بينها ولاية الجزيرة وولايات دارفور (وعددها 5) وولايات كردفان (ثلاث) بأن تأجيل استلام الفئات المسحوبة من التداول بواسطة فروع المصارف في الولايات غير المشمولة بالاستبدال حالياً يُعد إجراءً تنظيمياً استثنائياً لضمان تنفيذ خطة استبدال العملة بشكل مُحكم وبما يضمن حفظ حقوق جميع المواطنين.
وأضاف «وعليه، تظل هذه الفئات سارية ومبرئة للذمة إلى حين إجراء الاستبدال في هذه الولايات في وقت لاحق»؟.
وأشار بنك السودان المركزي إلى أن التحديات التي تواجهها بعض المناطق، لا تعني بأي حال إهمال حقوق المواطنين فيها، مضيفاً «البنك ملتزم بتطبيق الخطة الموضوعة للاستبدال بما يضمن شمولية العملية وعدالتها».
وفي رد فعل لقوات الدعم السريع على عملية استبدال الملة، أعلنت منع التعامل بالفئة الجديدة للعملة التي طرحها البنك المركزي في كل مناطق سيطرتها.
وأكدت في بيان هذا الأسبوع أن العملة بفئاتها القديمة هي المُبرِئة للذمة المالية في التعاملات بمناطق سيطرتها، معتبرة الإجراءات التي اتبعتها الحكومة في تغيير العملة غير القانونية وتستهدف تقسيم البلاد.
يقول الخبير المصرفي وليد دليل إنه «وفقاً لتقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فإن قرار استبدال العملة يرتبط بأسباب بينها أن العملات القديمة تصبح عرضة للتلف، والتزوير مع مرور الزمن، مما يستدعي استبدالها بعملات ذات تصميم أكثر أماناً يتماشى مع التقنيات الحديثة».
ويضيف في حديثه للأناضول «هذا الإجراء يُستخدم أحياناً كوسيلة لإعادة الثقة في العملة الوطنية في حالات الأزمات الاقتصادية والحرب أو التضخم المفرط…كما يسهم في تعزيز الشفافية من خلال دفع الاقتصاد غير الرسمي إلى إدراج أمواله في النظام المصرفي، خاصة مع إجبار الأفراد والشركات على استبدال العملات القديمة بأخرى جديدة من خلال القنوات المصرفية الرسمية».
ويتابع الخبير المصرفي القول «التقارير الاقتصادية تشير إلى أن السودان يعاني منذ سنوات من أزمات متكررة…ومنذ اندلاع الحرب تدهورت قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، نتيجة الحرب والانقسامات السياسية وانعكاساتها الاقتصادية»، وأبرزها ضعف الثقة في النظام المصرفي، وقيود الوصول إلى النقد الأجنبي، مما يدفع المواطنين والشركات نحو السوق الموازية.
ويرى أنه «من المفترض نظريا أن يقوم البنك المركزي بطبع كميات من النقود، تتوافق مع نمو حجم المعاملات التي تتم في الاقتصاد، بحيث يحدث البنك التوازن المناسب بين النمو في عرض النقود والنمو في حجم المبادلات في الاقتصاد».