ليبيا تستضيف مؤتمر قادة الاستخبارات لدول الجوار

استقبلت ليبيا مديري أجهزة الاستخبارات العسكرية من دول الجوار وهي الجزائر، تونس، السودان، تشاد والنيجر، بدعوة من مدير إدارة الاستخبارات العسكرية الليبية، ويأتي هذا اللقاء تمهيدًا لانعقاد مؤتمر قادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا.
ويُعقد المؤتمر في العاصمة طرابلس، يومي 21 و22 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، حيث سيناقش المشاركون مجموعة من القضايا المحورية، من أبرزها مكافحة الإرهاب، تهريب المخدرات وظاهرة الهجرة غير الشرعية.
تحديات مشتركة
قال المحلل والخبير الليبي حسام الدين العبدلي، إن “الاجتماعات الاستخباراتية بين الدول، ورغم ما يتطلبه انعقادها من السرية لأسباب تتعلق بالمصلحة المشتركة، ولكن انعقادها يعد خطوة إيجابية تُعزّز التعاون مع دول الجوار، وتكثّف آليات الاتصال لمواجهة التحديات المشتركة”. وأوضح أن “هذا النوع من التعاون الأمني يصبّ في مصلحة ليبيا بشكل مباشر”.
وأضاف العبدلي، في حديثه لـ “سبوتنيك“، أن “تفعيل دور جهاز الاستخبارات العسكرية الليبي واستعادة قوته يُعدّ تطورًا مهمًا لمصلحة الدولة الليبية، حيث يلعب هذا الجهاز دورًا حيويًا في جمع المعلومات وضمان الاستقرار، خاصة في مواجهة قضايا رئيسية مثل الإرهاب، وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية”، وأشار إلى أن “هذه المشكلات لا يمكن التعامل معها بفعالية إلا من خلال التعاون الإقليمي المشترك”.
وشدد على أهمية أن “تعمل حكومة الوحدة الوطنية والأجهزة التابعة لها على بناء قيادة أمنية وعسكرية موحدة داخل ليبيا، إلى جانب كبح نفوذ المليشيات المسلحة”، مؤكدًا أن “الجيش الوطني ينبغي أن يكون القوة المسيطرة وليس المجموعات المسلحة”، وأشار إلى أن “التركيز على التعاون الخارجي لا يجب أن يكون على حساب معالجة المشكلات الداخلية الأكثر إلحاحًا”.
وفيما يتعلق بأهمية هذه المؤتمرات، أكد العبدلي أنها “تحمل فوائد كبيرة، لكنها لا تحقق الأهداف بالكامل”، وأوضح أن “مكافحة الإرهاب والمخدرات والهجرة غير الشرعية تتطلب إجراءات عملية عسكرية على الأرض، مثل تأمين الحدود باستخدام الدوريات العسكرية والتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك مراقبة الحدود بالطائرات الإلكترونية وغيرها من الوسائل التقنية”.
وأشار إلى أن “العمل الفعلي على الأرض، وليس الاكتفاء بعقد الاجتماعات، هو الحل الفعّال”، واعتبر أن “تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين دول الجوار يمكن أن يكون خطوة مهمة، حيث يجب أن تكون هذه الغرفة مسؤولة عن التنسيق المباشر بشأن الخروقات الأمنية والتحركات المشبوهة التي تهدد استقرار المنطقة”.
وأكد العبدلي أن “المؤتمر رغم عدم كونه حلاً كاملاً، قد يكون خطوة مهمة لتوطيد العلاقات وبناء جسور التواصل مع دول الجوار، بالإضافة إلى تعزيز صورة ليبيا كدولة ذات جهاز استخباراتي قوي”، وأعرب عن أمله في أن “يسفر المؤتمر عن نتائج ملموسة تحد من التحديات الأمنية المشتركة”.
لقاء مثمر
من جانبه، اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي إلياس الباروني، أن “المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة، خاصة في تسليط الضوء على قضايا محورية مثل الإرهاب والجريمة المنظمة”، وأشار إلى أن “الاضطرابات السياسية والثورات التي شهدتها المنطقة تسببت في إخلال أمني وفراغ في بعض المناطق، وهو ما يتطلب تنسيقًا مشتركًا بين الدول المعنية مثل السودان وتشاد والنيجر، لمعالجة هذه التحديات”.

وأوضح الباروني، في تصريح خاص لـ”سبوتنيك”، أن “الاجتماع من شأنه أن يثمر عن نتائج إيجابية إذا تم التطرق إلى القضايا الأمنية بجدية وتنسيق مشترك، حيث أن لكل دولة من الدول المعنية مشاكلها الخاصة، مما يجعل مثل هذه اللقاءات فرصة لتحديد أوجه التشابه والاختلاف في طبيعة التحديات التي تواجهها، ومن ثم توحيد الجهود لمعالجتها بشكل متكامل”، وأكد أن “أبرز القضايا المشتركة هي الهجرة غير الشرعية، التي باتت عبئًا كبيرًا على هذه الدول بسبب عدم الاستقرار السياسي وضعف الاقتصاد”.

وأضاف الباروني أن “المؤتمر سيتناول أيضًا الجوانب الاقتصادية والتنمية المستدامة في المناطق الحدودية، بهدف رسم رؤية اقتصادية شاملة تعزز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول”، وأشار إلى أن “تنسيق التجارة البينية وتجارة العبور، إلى جانب وضع خطط للتنمية المكانية في المناطق الحدودية، يمكن أن يسهم في الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية من منظور اقتصادي، إلى جانب الأبعاد الأمنية والسياسية”.

وأكد الباروني أن “إقامة مثل هذه المؤتمرات يعزز فرص معالجة القضايا الإقليمية المشتركة، كما أنه يتيح الفرصة لوضع استراتيجيات شاملة لحل المشكلات الحدودية”.

وأشار إلى “إمكانية تنفيذ بعض المقترحات التي ستُناقش في المؤتمر من خلال شراكات ثنائية بين الدول، ما يفتح الباب أمام حلول عملية لبعض القضايا الطارئة التي تم التطرق إليها”.
وأكد على أن “المؤتمر يمكن أن يمثل خطوة إيجابية إذا تمت متابعة مخرجاته بجدية والعمل على تنفيذها، بما يخدم استقرار وأمن المنطقة ككل”.
وأكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، أن “بعض دول المنطقة تشهد متغيرات تفرض على الجميع التكيف السريع معها”.
وقال الدبيبة، خلال فعاليات المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا في طرابلس، إن “ليبيا دولة ذات سيادة تدافع عن مصالحها الوطنية، وتعمل على تعزيز استقرارها واستقرار محيطها الإقليمي، في إطار الشراكة المتكافئة”، مضيفا أن “ليبيا تواجه تحديات أمنية كبيرة في الداخل، والحكومة تسعى بكل جهد لاستعادة الأمن والاستقرار في كافة أنحاء البلاد”.
وأكد أن حكومته “لن تسمح أن تتحول ليبيا إلى مأوى للعناصر العسكرية الهاربة من بلدانها، ولا أن تُستخدم كورقة ضغط في أي مفاوضات أو أي صراعات دولية”، متابعًا: “نؤكد بشكل حازم وواضح أن ليبيا لن تكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية”.
ولا يزال المشهد السياسي الليبي يواجه تعقيدات وسط استمرار الاتفاقات المتفرقة والخلافات بين الأطراف المتنازعة، مع غياب أي بوادر لتشكيل حكومة جديدة تضطلع بمسؤولية الإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة.
المصدر :اسبوتنك

Share this post