الخرطوم – «القدس العربي»: في وقت ما تزال قوات «الدعم السريع» تصعد هجماتها على ولاية الجزيرة، وسط السودان، قال «مؤتمر الجزيرة» أن عدد ضحايا « موجة العنف» و»الحملات الانتقامية» التي تشنها القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو «حميدتي» على مناطق شمال وشرق الجزيرة بلغ 1237 قتيلا خلال ثلاثة أسابيع، فيما ارتفعت حالات الاغتصاب إلى 71 حالة.
ونقل موقع «سودان تربيون» عن مصدر في «مؤتمر الجزيرة» تأكيده ارتفاع حالات الاغتصاب إلى 71 حالة في قرى شرق الولاية، بينهن قاصرات.
وأشار إلى طفلة تبلغ من العمر 5 أعوام، لقيت حتفها بعد اغتصابها، عقب هجمات الدعم السريع على تلك المناطق خلال الأيام الماضية.
واعتبر أن هذه الإحصائيات لا تقارن بمستوى الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها عناصر الدعم السريع في قرى الجزء الشرقي.
واتهم المصدر، قوات الدعم السريع باحتجاز عشرات النساء في إحدى القرى بعد طرد مواطني تلك القرية. وبين أن هذه القوات اختطفت كذلك عددا من السيدات واقتادتهن إلى أماكن غير معلومة.
وحسب بيان المؤتمر، فإن «من لم يمت من أهالي الجزيرة بالرصاص، مات تحت الحصار، والتسمم والأوبئة، فضلا عن التهجير القسري الكامل لمواطني أكثر من 400 قرية من قرى شرق الجزيرة البالغة 515 قرية، بينما تم تهجير بقية القرى جزئيا، بينما ما يزال الآلاف تحت الحصار داخل القرى يواجهون الموت بالأوبئة والجوع والمرض في ظل نقص حاد في الغذاء ومياه الشرب وانعدام الدواء».
لاوبلغ عدد القتلى في مدينة الهلالية المحاصرة منذ 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي 359 قتيلا، بينهم عائلات ونساء وأطفال وكبار سن، راحوا ضحية عمليات القتل بالرصاص والتسمم بقمح ملوث بسماد اليوريا فضلا عن تفشي الأوبئة واحتجاز الدعم السريع الأهالي ومنع الأطقم الطبية من الدخول وتقديم المساعدة، تبعا للمؤتمر.
^اتهامات لقوات «الدعم السريع»… و«تقدم» تدعو لتدخل قوة دولية لحماية المدنيين
وفي مدينة تمبول قتلت قوات الدعم 300 شخص و140 في قرية السريحة و57 في قرية العقدة و28 في مدينة رفاعة بالإضافة إلى 27 في «ود السيد» و 25 في قرية مكنون و21 في العزيبة.
وبلغت جملة القتلى في قرية عد الغباش، وصفيتة غنوماب الصقيعة والحضور وأزرق وعمارة البنا والطندب 87 قتيلا، بالإضافة إلى 143 في قرى الفعج وديم الياس والقراعة والبروراب والقرى المجاورة لها راح 105 أشخاص ضحية هجمات وحصار «الدعم».
ونوه المؤتمر إلى أن عمليات الرصد شملت 77 قرية فقط، مشيرا إلى أنها لم تغط جميع المدن والقرى التي تعرضت لهجمات الدعم السريع. ورجح أن يكون عدد الضحايا أكثر من ذلك. وأشار إلى صعوبة الوصول إلى المصادر على الأرض بسبب انعدام الأمن وانقطاع شبكات الاتصالات، ومصادرة الدعم السريع لأجهزة الإستارلينك.
وفي ظل تصاعد وتيرة العنف واستهداف المدنيين، طالبت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» طرفي الحرب والمجتمع الدولي، بإعطاء الأولوية بشكل عاجل، لحماية المدنيين في ظل الصراع المستمر في السودان.
وطالبت بتدخل قوة دولية لحماية المدنيين وتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية وحظر السلاح في جميع أنحاء البلاد.
ودعت المجتمع الدولي، إلى اتخاذ خطوات ملموسة وفورية لمعالجة الأزمة الإنسانية الحادة، ومنع المزيد من الفظائع، وإنهاء الحرب واستعادة الانتقال في السودان.
وبعد مرور 19 شهرا من النزاع الوحشي، حيث نزح نحو 30% من سكان السودان، بما في ذلك 11 مليون نازح داخلي و3 ملايين لاجئ، قالت الأمانة العامة لـ» تقدم» إن الحاجة إلى التدخل العاجل أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
وقالت إن المدنيين السودانيين يواجهون الإعدام خارج نطاق القانون، والتعذيب، والتهجير القسري، دون أي محاسبة، كما تعيش النساء والفتيات على وجه التحديد أهوالا مروعة، بما في ذلك العنف الجنسي الواسع النطاق والاغتصاب والاسترقاق وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.
وأضافت: «لقد حان وقت العمل لحماية المدنيين السودانيين وإنهاء هذا العنف الكارثي» مشيرة إلى «أن المسؤولية الأساسية لإنهاء هذه المأساة تقع على عاتق طرفي النزاع».
ودعت الجانبين إلى التعاون مع الأطراف السودانية والدولية في كل ما يؤدي لتوصيل المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في مناطق الصراع.
وتقدمت التنسيقية التي يترأس هيئتها القيادية رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، بتوصيات عاجلة لضمان الحماية الفورية للمدنيين تضمنت تعزيز المساعدات الإنسانية وتسهيل الوصول إليها مطالبة بتعيين منسق إقليمي للشؤون الإنسانية تابع للأمم المتحدة. ولفتت إلى أن تعيين المسؤول الأممي أمر ضروري لمعالجة المجاعة والأزمة الإنسانية الحادة التي تواجه المواطنين السودانيين واللاجئين.
وشددت على أهمية وفاء الأطراف الدولية بالالتزامات المالية التي تعهدت بتوفيرها لمعالجة الأزمة الإنسانية، منوهة إلى أن 25 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة في السودان.
ودعت التوصيات التي قدمها قادة «تقدم» خلال مؤتمر صحافي إلى دعم جهود الحماية المجتمعية وزيادة الدعم المالي والفني للمجتمع المدني السوداني المحلي والمبادرات النسوية التي تقدم خدمات حماية حيوية، مشيرة إلى أن تلك المبادرات المجتمعية تمثل طوق نجاة للمدنيين يجب تعزيزها لحماية السكان الأكثر عرضة للخطر.
ودعت كذلك إلى معالجة انقطاع الاتصالات، لافتة إلى انقطاع الاتصالات المستمر في جميع أنحاء السودان فاقم الأزمة حيث حجب عن المدنيين المعلومات الحيوية أو التحذيرات، مطالبة المجتمع الدولي بالمساعدة في العمل على إعادة شبكات الاتصالات، مما يتيح للمدنيين الوصول إلى المساعدات وتلقي التحذيرات وضمان توفير المعلومات اللازمة أثناء النزاع.
وشملت التوصيات كذلك ضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي، حيث دعت «تقدم» المجتمع الدولي إلى توسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل جميع أنحاء السودان لضمان محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الأخرى التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة والقوات المتحالفة معهما. وشددت على إن محاسبة الجناة ضرورية لمعالجة ثقافة الإفلات من العقاب ومنع المزيد من الفظائع.
وحثت على توسيع حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كل السودان، معتبرة ذلك ضروريا لوقف تدفق الأسلحة التي تؤجج النزاع، حيث ترى «تقدم» ضرورة تمديد الحظر المفروض على الأسلحة في دارفور ليشمل جميع أنحاء السودان.
وقالت إن منع تدفق الأسلحة أمر حاسم لتخفيف حدة العنف وإنهاء النزاع، مؤكدة على ضرورة تحديد مناطق مدنية آمنة محمية بقوة مستقلة لحماية المدنيين.
ودعت إلى أن تتوقف في تلك المناطق الأمنة كل الأعمال العدائية وتنسحب منها كل القوات العسكرية ويوقف فيها القصف المدفعي واستخدام المسيّرات ويحظر فيها الطيران وتحرسها قوات دولية مستقلة ونزيهة. ^وأشارت إلى أن تلك المناطق يجب أن تكون ملاذا آمنا للمدنيين، خاصة في المناطق الأكثر تأثرا بالعنف، داعية الجيش السوداني والدعم السريع للتجاوب مع هذا المقترح.
وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك بجدية وحسم، مشيرة إلى أن الوضع خطير في السودان حيث يتحمل المدنيون العبء الأكبر من النزاع. وأكدت أن العنف والانتهاكات التي يواجهها المدنيون لا تمثل كارثة إنسانية فحسب، بل تشكل أيضا تهديدا متزايدا للسلم الإقليمي والدولي.
ودعت المجتمع الدولي للضغط على أطراف الحرب بكل الوسائل المتاحة للعودة إلى طاولة التفاوض بمشاركة كاملة للقوى المدنية.