الجزائر (أ ف ب) – سلّطت أول مسرحية غنائية درامية في الجزائر عُرضت الخميس بمشاركة شعراء ومغنّين وموسيقيين وممثلين، الضوء على فنانين كثر شاركوا في حرب الاستقلال ضد فرنسا، بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاعها عام 1954.
بعد عرض عسكري ضخم أقيم في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو التاريخ الذي بدأ فيه الكقاح المسلح ضد القوة الاستعمارية التي احتلت الجزائر بين 1830 و1962، استمرت الاحتفالات في جميع أنحاء البلاد طوال الأسبوع.
وتكرّم المسرحية الغنائية “ثمن الحرية” بحسب مؤلفيها، بطريقة “غير مسبوقة” الفنانين الذين شاركوا في النضال ونقلوا صدى الحرب إلى خارج حدود الجزائر.
وعُرض العمل لأول مرة مساء الخميس في أوبرا الجزائر بالعاصمة وسط حضور جماهيري كبير.
وقال كاتب السيناريو هارون الكيلاني لوكالة فرنس برس إن المسرحية “تكرّم قائمة طويلة من الفنانين” الذين تخلوا عن كل شيء للانضمام إلى صفوف جبهة التحرير الوطني في حرب الاستقلال.
وأشار إلى أن العرض الذي يؤديه حوالى 200 فنان من بينهم موسيقيون من أوركسترا الجزائر السيمفونية، يتألف من أربعة فصول، خُصص الأول منها لملحمة النشيد الوطني “قسما” الذي كتب كلماته الشاعر مفدي زكريا.
ويركز الفصل الثاني على الفنانين الذين كانوا صوت الجزائر حتى خارج حدودها، ومنهم علي معاشي، المعروف بأغانيه النضالية والذي قتله الجيش الفرنسي في حزيران/يونيو 1958 في تيارت (شمال غرب).
وأوضح المخرج ربيع قشي أن العرض يروي “قصة النشيد الوطني وكيف نشأ ومن كتبه”، لافتا إلى “تضحيات جيش حقيقي من الفنانين” خلال النضال من أجل الاستقلال.
من أجل “الأجيال المقبلة”
وأشادت الممثلة مريم لشلش (23 سنة) بـ”العرض الملحمي” الذي يُظهر “حقبة اندلاع الثورة والاستعمار وكيف شارك الفنانون (…) بشكل فعّال في اندلاع الثورة”.
هذا العرض الممتد على ساعة وعشرين دقيقة من الأداء الحيّ، يجمع بين مجموعة واسعة من تخصصات فنون الأداء، بما في ذلك الغناء والموسيقى والرقص والمسرح والفيديو وعروض الصور المتحركة. ويأمل القائمون على العمل في عرضه مجددا في الجزائر العاصمة أو في أماكن أخرى من البلاد.
وقال محمد زلاغي، وهو متفرج يبلغ 27 عاما، إنّ “الفنانين العظماء خلدوا الفن الجزائري بامتياز”، متمنيا أن يبقى هذا الفن “خالدا في نفوس المجتمع الجزائري لينتقل إلى الأجيال المقبلة”.
وقبل أسبوع، أقيم عرض عسكري دام ساعتين ونصف الساعة لإحياء ذكرى ليلة الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1954، تاريخ اندلاع حرب الاستقلال الجزائري، عندما شنّت جبهة التحرير الوطني نحو ثلاثين هجوما استهدفت فيها رموز الوجود الاستعماري وأسفرت عن مقتل عشرة أشخاص.
بين عامي 1954 و1962، حصدت حرب الاستقلال أرواح مليون ونصف مليون جزائري بحسب الجزائر، فيما يتحدث مؤرخون فرنسيون عن حصيلة بلغت 500 ألف قتيل بينهم 400 ألف جزائري.
وتتأرجح العلاقات بين الجزائر وباريس منذ عقود بين مرحلتي التقارب والتخاصم، وأخر فصل في هذا التباعد كان في نهاية تموز/يوليو الماضي عندما قدمت فرنسا دعمها للمغرب في خطة الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، ما أثار غضب الجزائر التي تدعم البوليساريو الحركة المطالبة بالاستقلال.