سقط 15 قتيلا بينهم زعيم عشائري وطفلان خلال هجمات جديدة نفذها عناصر «الدعم السريع» الإثنين، على ولايتي الجزيرة وشمال دارفور وسط وغرب السودان، فيما ظهرت شهادات جديدة عن الانتهاكات المروعة التي تواصل ارتكابها القوات التي يرأسها محمد حمدان دقلو «حميدتي».
ففي شرق ولاية الجزيرة، أكدت شبكة أطباء السودان مقتل 13 شخصاً بينهم عمدة قرية البروراب صديق حاج النور، بينما أصيب العشرات جراء هجوم نفذته قوات الدعم على القرية.
اقتحام ونهب
وقالت إن طفلين قتلا وأُصيبت 4 نساء و5 رجال جراء اقتحام قوة من الدعم السريع، لحي برنجية جنوب مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور غرب السودان، وفق الشبكة، التي أشارت إلى أن القوة نهبت كل ممتلكات المواطنين في المنطقة، قبل أن تنسحب.
وأدانت الشبكة عمليات القتل المستمر للمدنيين العزل في قرى شرق الجزيرة، إضافة إلى عمليات النهب والتهجير القسري والحصار الذي تمارسه الدعم السريع، مما أسفر عن نزوح عشرات الآلاف من المواطنين إلى عدد من الولايات، مما تسبب في كارثة إنسانية وموجات نزوح غير مسبوقة.
وتشهد ولاية الجزيرة وسط السودان منذ الإثنين قبل الماضي موجة واسعة من العنف والقتل والتهجير القسري، إثر هجمات قوات «الدعم» وصفتها لجان المقاومة وقوى سياسية، بـ «الانتقامية» إذ إن الهجمات جاءت عقب انشقاق قيادي من «الدعم» وانضمامه إلى الجيش.
وعلى خلفية هجماتها على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، اتهمت شبكة أطباء السودان قوات «الدعم» بتنفيذ عمليات قتل ونهب واسعة في مدينة الفاشر ضد المدنيين العزل والنساء والأطفال، مشيرة إلى أنها ارتكبت انتهاكات جسيمة في مدن وقرى ومعسكرات المدنيين بولاية شمال دارفور لأكثر من عام.
وحسب لجان المقاومة في الجزيرة، طالت عمليات القتل والتهجير القسري قرى بأكملها شرق الولاية، حيث ما يزال المئات من الأهالي الفارين من هجمات القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو « حميدتي» في عداد المفقودين وفقد آخرون حياتهم بسبب التعب من المشي لمسافات طويلة سيرا على الأقدام بينهم أطفال.
«سنقتلكم ونغتصب بناتكم»
سلوى عبد الله، لم تكن قد تعافت بعد من الوضع بجراحة قيصرية وبينما كانت تعتني بمولودها الذي لم يتجاوز عمره شهرا واحدا اقتحم جنود من قوات «الدعم» منزلها في ولاية الجزيرة شرق السودان أواخر الشهر الماضي.
واتهم المقتحمون سلوى بالولاء للجيش وحلفائه، خصومهم في حرب مستمرة منذ 18 شهرا. وقالت لـ «رويترز» وهي تحتمي في مسكن مؤقت في مدينة حلفا الجديدة التي وصلت إليها بعد أن سارت لأيام على الأقدام مع والدتها العجوز وأطفالها، «قالوا لنا قتلتونا، سنقتلكم اليوم ونغتصب بناتكم».
في ولايتي الجزيرة وشمال دارفور… وشهادات مروّعة عن التهجير والتعذيب
وقالت إن الجنود طردوهم خارج قريتهم بالسياط ثم أطلقوا النار نحوهم وهم على دراجات نارية، وهو ما ذكره اثنان آخران ممن تعرضوا لهجمات.
وتحدثت «رويترز» عن 13 ضحية لسلسلة من المداهمات المكثفة العنيفة في ولاية الجزيرة شرق السودان على مدى الأسبوعين الماضيين، والتي استهدفت 65 قرية وبلدة على الأقل، وفقا لنشطاء.
ووفق الأمم المتحدة، نحو 135 ألف شخص نزحوا، معظمهم إلى ولايات كسلا والقضارف ونهر النيل، والتي تكتظ بالفعل بعدد كبير من نحو 11 مليون نازح داخليا بسبب الحرب المدمرة التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023.
جرائم فظيعة
وقالت كليمنتاين نكويتا سلامي، ممثلة الأمم المتحدة في السودان «أشعر بصدمة وانزعاج شديدين إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في ولاية الجزيرة والمماثلة للمستوى الذي شهدناه في دارفور العام الماضي. إنها جرائم فظيعة» في إشارة إلى هجمات وقعت العام الماضي ودفعت الولايات المتحدة وغيرها إلى توجيه اتهامات بالتطهير العرقي وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وأدت الحرب إلى انتشار الجوع في أنحاء السودان، ومحو معظم علامات وجود دولة عاملة في المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم» كما أثارت مخاوف من التشرذم. ويواجه طرفا الحرب اتهامات بعرقلة المساعدات الدولية التي تشتد الحاجة إليها.
هجمات انتقامية
وأعلنت لجان مقاومة ود مدني، وهي جماعة مؤيدة للديمقراطية، عن أسماء 169 شخصا قُتلوا منذ بدء أعمال العنف في 20 أكتوبر/ تشرين الأول، وأشارت في بيان إلى أن هناك مئات القتلى الآخرين.
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن 25 حالة على الأقل تعرضت لعنف جنسي، من بينها فتاة تبلغ من العمر 11 عاماً لقيت حتفها نتيجة لذلك.
وأضاف أن قوات «الدعم» صادرت أجهزة إنترنت في 30 قرية على الأقل، وأشار إلى ورود تقارير عن إحراق حقول المحاصيل.
وحدثت أسوأ واقعة في قرية السريحة حيث قالت لجان مقاومة ود مدني إن 124 شخصا قُتلوا في 25 أكتوبر/ تشرين الأول.
وأظهر مقطع مصور تحققت منه «رويترز» أفرادا من قوات الدعم السريع وهم يوقفون رجالا في طوابير، كثيرون منهم من كبار السن، ويرهبونهم ويجبرونهم على تقليد صوت الخرفان. وكانت ملابس بعض هؤلاء الرجال ملطخة بالدماء.
وأظهر مقطع فيديو آخر تحققت منه «رويترز» عشرات الجثث ملفوفة في ملاءات لدفنها.
وتنفي قوات «الدعم» إصدار أوامر بالهجومين، وقالت إن الهجوم على الجزيرة يرجع لتسليح الجيش للجماعات المحلية. ورد الجيش بأنه يدعم المقاومة الشعبية، رغم عدم وجود أدلة تذكر على تسليح المدنيين على نطاق واسع في الجزيرة.
وحذر «المرصد السوداني لحقوق الإنسان» من أن الجيش «ترك المدنيين معرضين لمواجهات مباشرة وغير متناسبة مع قوات الدعم السريع» التي انتقدها لعدم وفائها بالوعود التي قطعتها على نفسها بحماية المدنيين.
وقال هاشم بشير، وهو رجل معاق بُترت إحدى ساقيه قبل الحرب، إن قوات «الدعم» طردته من منزله في قرية النايب.
وقال وهو يظهر ندوبا على ساقه السليمة «متوحشون جدا. ليس لديهم رحمة لكبير أو امرأة أو رجل أو طفل. ضرب. لو نجوت من الرصاصة يفلقوتك وإن نجوت من الفلق يجلدونك بالسوط مثل الأطفال وحتى تبكي مثل الأطفال».
وقالت ابنة أخيه فائزة محمد إن قوات «الدعم» لم تسمح لهم بأخذ أي شيء معهم، حتى وثائق الهوية. وقالت «عندما كنت تحت السرير ضربوني وأخرجوني ونزعوا الحلق من أذني وسرقوا هاتفي».
نقلا عن القدس العربي