مفاوضات “كوب16” تخفق في الوصول على تمويل خريطة طريق اعتمدت قبل سنتين لوقف تدمير الطبيعة بحلول 2030

بعدما استمرت المفاوضات حوالى 12 ساعة أكثر مما كان متوقعا، أعلنت رئيسة مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي “كوب16” سوزانا محمد، وهي وزيرة البيئة في كولومبيا، السبت، تعليق المفاوضات دون التوصّل إلى اتفاق على تمويل خريطة طريق اعتمدت قبل سنتين لوقف تدمير الطبيعة بحلول 2030. في المقابل، توصّل المؤتمر إلى آلية لتشغيل صندوق متعدد الأطراف تموّله الشركات التي تحقّق أرباحا من الجينومات المرقمنة لنبتات أو حيوانات في بلدان نامية.


الجلسة الختامية لقمة الطبيعة COP16 للأمم المتحدة في كالي، كولومبيا، 1 نوفمبر 2024. © رويترز
في مدينة كالي الكولومبية، اختتم مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي “كوب16” أعماله السبت من دون التوصّل إلى اتفاق على تمويل خريطة طريق اعتمدت قبل سنتين لوقف تدمير الطبيعة بحلول 2030.

وأعلنت رئيسة المؤتمر سوزانا محمد، وهي وزيرة البيئة في كولومبيا، صباح السبت تعليق المفاوضات، بعد فقدان النصاب القانوني للمشاركين في ليلة إضافية من المناقشات، واضعة بقرارها حدا لمواجهات بين البرازيل الداعمة للاقتراح الكولومبي القاضي بإنشاء صندوق جديد للطبيعة، والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان، أبرز الجهات المعارضة للمشروع.

وصرحت سوزانا محمد بعد إعلان اختتام المؤتمر “سنواصل العمل لأن هذه الأزمة جدّ كبيرة وينبغي ألا نتوقّف”.

وكان من المفترض أن يختتم مؤتمر كوب16 أعماله الجمعة، لكن المفاوضات تواصلت حتى السبت بسبب توتّرات بين بلدان الشمال والجنوب حول تمويل خريطة طريق اعتمدت قبل سنتين لوقف تدمير الطبيعة بحلول 2030.

وبعدما استمرّت المفاوضات حوالى 12 ساعة أكثر مما كان متوقعا، راح المندوبون يغادرون كي لا يفوّتوا رحلاتهم الجوّية، الأمر الذي تسبّب بفقدان النصاب القانوني لاتخاذ القرارات. غير أن المتحدّث باسم اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي ديفيد انسوورث قال لوكالة الأنباء الفرنسية إن المناقشات ستستأنف في موعد لاحق للتباحث في المسائل العالقة.

وكُلّف المؤتمر، وهو الأكبر من نوعه مع نحو 23 ألف مندوب مسجّل، بتقييم وتعزيز التقدّم بشأن اتفاق تمّ التوصّل إليه في كندا قبل سنتين لوقف التدمير الجشع لثروات الطبيعة.

فقد حدّد إطار كونمينغ – مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي الذي اعتمد قبل سنتين 23 هدفا ينبغي تحقيقها في غضون خمس سنوات تقريبا.

وتنصّ هذه الأهداف على وضع 30 % من المساحات البرّية والبحرية تحت الحماية و30 % من المنظومات البيئية المتدهورة قيد التأهيل بحلول 2030، مع خفض التلوّث والتوقّف تدريجا عن استخدام المواد الضارة بالطبيعة.

وتمّ الاتفاق أيضا خلال مؤتمر كندا على تخصيص 200 مليار دولار في السنة لحماية التنوع البيولوجي بحلول 2030، بما في ذلك تحويل 30 مليار دولار في السنة من البلدان الغنية إلى تلك الفقيرة.

وبلغ المبلغ الإجمالي في 2022 حوالى 15 مليار دولار، بحسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

وإضافة إلى ذلك، تعهّدت الدول تقديم نحو 400 مليون دولار إلى صندوق تنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي الذي أنشئ العام الماضي للمساعدة على الإيفاء بالتعهدات المقطوعة.

وفي كالي، تجلّى الانقسام بين البلدان الثرية وتلك الفقيرة خلال المفاوضات التي دارت حول زيادة التمويل والتزامات أخرى.

وتبيّن أن المهمّة الأساسية المنوطة بالمؤتمر والقاضية بإعداد خطّة تمويل مفصّلة غاية صعبة المنال.

وقدّمت رئيسة كوب16 مشروع نصّ يقترح إنشاء صندوق مخصّص للتنوع البيولوجي تمّ رفضه من الاتحاد الأوروبي وسويسرا واليابان.

وشدّدت البلدان النامية عل ضرورة إنشاء صندوق من هذا القبيل، باعتبار أنها لا تحظى بتمثيل مناسب في الآليات الحالية، بما فيها صندوق تنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي، والتي تعدّ أيضا في نظرها باهظة التكلفة.

إنجازان كبيران

في المقابل، توصّل المؤتمر إلى آلية لتشغيل صندوق متعدد الأطراف تموّله الشركات التي تحقّق أرباحا من الجينومات المرقمنة لنبتات أو حيوانات في بلدان نامية.

وتأمل البلدان التي هي في طور النمو أن تتيح هذه الآلية المعروفة باسم “صندوق كالي” حشد مليارات الدولارات لتمويل تعهداتها في مجال حماية الطبيعة.

ويشكّل التقاسم المنصف للبيانات المتأتية مما يُعرف بـ”معلومات التسلسل الرقمي للموارد الجينية” بندا دائما على جداول مؤتمرات التنوع البيولوجي من دون حلّ فعلي له في الأفق.

وتستخدم هذه البيانات، ومعظمها من أنواع موجودة في البلدان الفقيرة، في شكل خاص في الأدوية ومستحضرات التجميل التي تدر على مطوريها المليارات.

وقليلة هي الأرباح المتأتية من هذه البيانات الجينية المحمّلة في قواعد معطيات مفتوحة النفاذ والتي تخصّص للمجتمعات في بلدان المصدر.

كما اتفّق المندوبون على إنشاء هيئة دائمة لتمثيل مصالح السكان الأصليين بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي. وفور الإعلان عن هذه الخطوة، علت صيحات الفرح في أوساط ممثلي السكان الأصليين في المؤتمر.

غير أن المفاوضات تعثّرت في مجال آليات تمويل صون الطبيعة، وذلك بالرغم من صدور دراسة بحثية جديدة تزامنا مع انعقاد كوب16 أفادت بأن أكثر من ربع النباتات والحيوانات المعروفة تواجه اليوم خطر الاندثار.

ويقدّر أن 17,6 % من الأراضي والمياه الداخلية و8,4 % من المحيطات والمناطق الساحيلة فقط تحظى بحماية وتصان.

ورحّب مراقبون بالتقدّم المحرز في مجال تقاسم أرباح البيانات الجينية وحماية السكان الأصليين، لكنهم ندّدوا بالإخفاق المسجّل في مجال التمويل.

وقالت آن لامبريشتس رئيسة الوفد الممثّل لمنظمة “غرينبيس” في كوب16 إن “الحكومات تقدّمت في كالي بخطط لحماية الطبيعة، لكن لم يكن في إمكانها تعبئة الأموال اللازمة لتنفيذها”.

وأردفت أن “تمويل حماية التنوع البيولوجي يبقى متعثّرا إثر غياب ملحوظ لتعهدات تمويل قابلة للتصديق من حكومات ثرية وضغوط لا مثيل لها من شركات”.

وأقيم المؤتمر وسط تدابير أمنية مشدّدة على خلفية تهديدات من مجموعة مسلّحة كولومبية تنشط بالقرب من كالي. ولم يسجّل أي حادث أمني يذكر.

فرانس24/ أ ف ب

Share this post