الخرطوم – «القدس العربي»: كشف مستشار قائد الدعم السريع والمنضم حديثاً إلى الجيش السوداني، عبدالقادر إبراهيم، عن معلومات جديدة حول بدء الصراع بين طرفي القتال في السودان، لافتاً إلى أن رغبة حميدتي في إنشاء ثلاثة موانئ وقواعد عسكرية في ساحل البحر الأحمر شرقي السودان اصطدمت برفض لقادة الجيش.
بينما قال عضو اللجنة المسؤول عن ملف الموارد لـ”القدس العربي” إن مشاريع الموانئ كانت إماراتية والدعم السريع مجرد واجهة. وأعلن خمسة من مستشاري قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، السبت الماضي، الانشقاق عن “حميدتي” بعد عام ونصف من القتال إلى جانبه، مؤكدين انضمامه للجيش السوداني.
ويأتي الإعلان عن انشقاق المستشارين الخمسة من الدعم السريع بعد أيام من إعلان قائد قوات الدعم السريع بوسط السودان أبو عاقلة كيكل، الانشقاق عنها هو الآخر والانضمام للجيش السوداني.
وعقد المستشارون الخمسة، وأبرزهم مسؤول ملف شرق السودان في قوات الدعم السريع عبدالقادر إبراهيم محمد، والقانوني المعروف محمد عبدالله ود أبوك، مؤتمراً صحافياً، في مدينة بورتسودان، بولاية البحر الأحمر.
وقال مسؤول ملف شرق السودان في الدعم السريع عبدالقادر إبراهيم خلال المؤتمر: “كان لا بد أن نختار هذا الموقف الوطني، ونعلن انسلاخنا من ميليشيات الدعم السريع”.
وأضاف: “هناك ثلاثة مستشارين أيضاً حال الوضع الأمني دون حضورهم إلى بورتسودان، وسيصلون قريباً لإعلان انشقاقهم”.
واتهم حميدتي تبني مشاريع أجنبية في السودان، مبيناً أن السبب الرئيسي لاندلاع الحرب هو نوايا قوات الدعم السريع للسيطرة على سواحل السودان على البحر الأحمر لصالح دول أخرى، مشيراً إلى أن أحد الموانئ هو ميناء أبوعمامة.
وأوضح أن قيمة مشروعات قوات الدعم السريع التي طرحتها قبل الحرب بولاية البحر الأحمر جاءت بتكلفة 30 مليار دولار تشمل ثلاثة مطارات وثلاثة موانئ وستة معسكرات لتدريب القوات.
وكشف أن شقيق حميدني – فرضت عليه أمريكا عقوبات مؤخراً بتهم تسليح الدعم السريع وتشريد أهالي الفاشر. قدم مع وفد للمنطقة للتأكيد على المشروعات.
وقال المستشار المنشق من الدعم السريع إن اللجنة بدأت رفع التصورات للتصديق وتمت الموافقات الأولية من الأهالي ثم المحلية ثم الوالي حيث كانت سعة المعسكر الواحد ثلاثة آلاف كلم، ومطار بمدرج يبلغ حوالي 35 كلم خارج وداخل البحر.
ولفت إبراهيم أن المسوحات الأولية بدأت بالفعل على مستوى الثلاثة مطارات العسكرية. وذكر عندما لم يتم التصديق الأول بدأ الصراع بين الجيش والدعم السريع حينها هدد حميدتي قائلاً: “في حال عدم التصديق للمشاريع سأستلم السلطة بالقوة لتمريرها”. وأكد أن ذلك كان سبب الصدام الحقيقي بين الجيش وميليشيات الدعم السريع.
وقبل الحرب بأسابيع وبعد حالة السيولة السياسية التي اجتاحت السودان عقب انقلاب 25 أكتوبر/ كانون الأول عام 2021، بدا تنافساً محموماً بين دول إقليمية للحصول على موطئ قدم في الساحل السودان ويبدو أن دولة الإمارات نشطت كثيراً في ذلك الملف لسنوات.
ووقعت الحكومة وقتها، صفقة بقيمة 4 مليارات لإنشاء ميناء أبوعمامة مع شركة موانئ دبي وشركة دال المملوكة لرجل الأعمال السوداني أسامة داوود. قال مصدر عسكري لـ”القدس العربي” إن الجيش حاول قطع الطريق على حميدتي وأبدى الولاء للإمارات خوفاً من أي دعم مسلح لقوات حميدتي لإثارة الفوضى في البلاد.
وقال مسؤول رفيع سابق في هيئة الموانئ السودانية لـ”القدس العربي”، فضل حجب اسمه، إن موانئ دبي وأبو ظبي تخطط وتعمل معاً منذ فترة لنيل هذا المشروع. ولفت بأن مسألة تشغيل ميناء “أبو عمامة” ستخرج فعلياً، عقب رؤية الموانئ الإماراتية عن سيطرة الدولة السودانية وخططها المينائية للتجارة الخارجية.
وأضاف: “كان متوقعاً أن يدخل ميناء (أبو عمامة) ضمن منظومة موانئ البحر الأحمر التي تديرها دولة الإمارات. لكن فشل المشروع وأعلنت حكومة السودان إلغاء الاتفاق المبدئي عقب اندلاع الحرب اتهاماتها المتكررة للإمارات بدعم حميدتي بالسلاح والاشتراك في قتل وتهجير السودانيين”.
بينما رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم، إبراهيم أونور، أن “الهدف من ميناء أبو عمامة واضح وهو الحيلولة دون تطوير الموانئ السودانية، بل تدميرها وبعد ذلك شراؤها بأبخس الأثمان، وعندها لا تكون للسودان سيادة على موانئه، كما لم تتمكن الحكومة السودانية من إدخال أي مستثمر أو شريك إستراتيجي لتطوير الموانئ السودانية القديمة، في ظل وجود ميناء حديث وذلك لتدني الجدوى الاقتصادية للاستثمار في الموانئ القديمة” وذلك حسب إفادة أدلى بها وقتها”.
القيادي السابق في قوى الحرية والتغيير وعضو اللجنة الوطنية لحماية الموارد السودانية، مجدي عبدالقيوم، أعيد تشكيلها بعد انقلاب البرهان، وتضم خبراء في مجالات متعددة، قال إن المعلومات التي كانت متداولة في الإعلام وفي أضابير مجلس الوزراء ووزارة النقل وهيئة الموانئ البحرية حول مشروع ميناء أبو عمامة والعرض الذي تقدمت به شركة موانئ دبي خلال فترة حكومتي الدكتور عبد الله حمدوك تتطابق مع ما جاء في المؤتمر الصحافي لمستشاري ميليشيات الدعم السريع المنشقين.
وأضاف: “حسب معرفتي كانت هناك مشاريع لثلاثة موانئ على ساحل البحر الأحمر، ولكن العرض الذي اكتمل في جزئيته الإجرائية وتحفظت عليه الجهات المسؤولة هو عرض شركة موانئ دبي لإنشاء ميناء أبو عمامة”.
وأردف: “إلى جانب ذلك كانت هناك مشاريع أخرى تقدمت بها الإمارات مثل مشروع استثمار أراضي الفشقة بعقد شراكة ما بين السودان والإمارات وإثيوبيا والذي أيضاً تقدمت به الإمارات ورفض”.
وجزم بأنها أحد أهم أسباب الحرب وهو يأتي في إطار صراع الموارد في الساحل السوداني المليء المعادن النفيسة.
وقطع عبدالقيوم، أن المشاريع التي تم التطرق إليها في المؤتمر الصحافي هي في حقيقة الأمر ليست مشاريع خاصة بالدعم السريع إنما هي مشاريع خاصة بدولة الإمارات، قائلاً إن الدعم السريع مجرد واجهة إضافة إلي بعض رجال الأعمال السودانيين المرتبطين برأس المالي العالمي العابر للقارات.
ورأى أن هذه المشاريع ستطل برأسها مرة أخرى بعد انتهاء الحرب وإحلال السلام وأن مستقبلها رهين بسياسات الحكومة المقبلة وتوازن القوى الإقليمية والعالمية المتصارعة على الموارد.
وأكد مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا في شرق السودان، عبدالله أوبشار، أن كل ذكره مستشار الدعم السريع صحيح بنسبة مئة في المئة، لافتاً إلى أنه ما يتم التصدي ومواجهة الدعم السريع لسقطت بورتسودان قبل الخرطوم.
وشدد أوبشار في إفادات لـ”القدس العربي”، على أن الخطر ما زال قائماً وأبدى خشيته أن يكون حديثه وفضح المخطط بمثابة “بالونة اختبار” وجزء من تسويق تمهد له جهات – لم يسمها – لتمرير الصفقة المشبوهة.