استباحت قوات الدعم السريع مدينة الهلالية شرق ولاية الجزيرة وسط السودان وقتلت خمسة أشخاص وأصيب آخرون، الثلاثاء، بالإضافة إلى عمليات نهب واسعة للممتلكات المواطنين، حسبما أكد مصدر ميداني لـ”القدس العربي”.
في الأثناء، قال مكتب تنسيق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن سكان 30 قرية وبلدة بولاية الجزيرة تعرضوا لاعتداءات جسدية وإذلال وعنف جنسي بواسطة “الدعم السريع” خلال الأسبوع الماضي. وأفاد المصدر الميداني، أن قوات الدعم السريع فرضت حصاراً على مدينة الهلالية، منذ مساء الإثنين، ومنعت السكان من الخروج قبل أن تقتحمها، صباح أمس، وتقتل خمسة مواطنين وتصيب آخرين، بالإضافة إلى نهب واسع للمنازل والمحال التجارية. وأشار إلى أن أعداد جنود “الدعم السريع” الذين استباحوا الهلالية تقدر بالمئات مع كامل تسليحهم وبرفقة مركبات عسكرية مدرعة، مبيناً أنهم طالبوا من المواطنين تسليم الأسلحة التي بحوزتهم. وتأتي استباحة مدينة الهلالية ضمن سلسلة من الهجمات الانتقامية التي تخوضها “الدعم السريع” رداً على انضمام قائدها في ولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل إلى الجيش قبل عشرة أيام.
وإلى ذلك، اتهمت منصة نداء الوسط قوات حميدتي بقتل مواطنين اثنين إثر هجومها على قرية “الكمر الجعلين” جنوبي ولاية الجزيرة، بينما قال لجان مقاومة ود مدني، إن قوات الدعم السريع تقوم بملاحقة الأهالي النازحين من قرى شرق الجزيرة. وأضافت في بيان لها أمس، إن قوات حميدتي اقتحمت قرى “ود الفضل، السدرانة، جبرة، القليع، حداف، والمهيدات” وفرضت بطشها مجدداً في سهل البطانة المليئة بالنازحين.
وتفيد المتابعات إلى مهاجمة قوات الدعم السريع أيضاً قرية “المتمة” شرق مدينة الكاملين وطالبت الأهالي بإخلائها، بالإضافة قرية العوايدات شرق مدينة رفاعة، فضلاً عن ارتفاع عدد القتلى في قرية السريحة 140 شخصاً من بينهم 11 أسيراً تم اقتيادهم من القرية ووجدهم الأهالي مقتولين ذبحاً أثناء بحثهم عن الناجين، وفق ما كشفت منصة مؤتمر الجزيرة التي دعت كذلك إلى ضرورة التدخل ونقل مصابين قرية السريحة الذين يبلغ عددهم 200 مصاب إلى مدينة شندي لتلقي العلاج.
وفي سياق متصل، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إن سكان 30 قرية وبلدة بولاية الجزيرة تعرضوا لاعتداءات جسدية وإذلال وعنف جنسي من قبل قوات الدعم السريع.
وكشف المكتب الأممي أن العشرات قتلوا وجرحوا، في حين فر ما يقدر بنحو 46700 شخص من مدينة تمبول والقرى المحيطة بها في محليتي شرق الجزيرة وأم القرى خلال الأسبوع الماضي إلى ولايات القضارف وكسلا ونهر النيل. وأشار إلى احتمال نزوح المزيد من الأشخاص بحثاً عن الأمان والحماية الوصول إلى المساعدة، لافتاً في الوقت نفسه أن بعض الأهالي يواجهون تحديات في الفرار من المناطق المتضررة بسبب انعدام الأمن ومن كبار في السن قد يواجهون خطر الجوع.
والإثنين، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن المعاناة في السودان تزداد يوماً بعد الآخر، مبيناً أن 25 مليون شخص يحتاجون المساعدة، وأضاف: “شعب السودان يعيش كابوساً من العنف؛ فقد قتل آلاف المدنيين، ويواجه عدد لا يحصى فظائع لا يمكن وصفها، بما فيها الاغتصاب والاعتداء الجنسي على نطاق واسع.
وأشار غوتيريش في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي إلى التقارير الصادمة خلال الأيام الأخيرة عن أعمال القتل والعنف الجنسي الجماعي في قرى ولاية الجزيرة.
وحذر من الاحتمالات الخطيرة لأن يشعل الصراع في السودان انعدام الاستقرار الإقليمي من الساحل إلى القرن الأفريقي والبحر الأحمر. وقال غوتيريش: “في الوقت الحالي، لا تتوفر الظروف اللازمة للنشر الناجح لقوة تابعة للأمم المتحدة لحماية المدنيين في السودان”. وأضاف: “الأمانة العامة للأمم المتحدة تقف على أهبة استعداد للتواصل مع مجلس الأمن وجهات أخرى حول مجموعة من الوسائل التشغيلية التي يمكن أن تسهم بشكل مجد في تقليص العنف وحماية المدنيين”.
وقال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس، إن “الدعم السريع” استخدمت الأسلحة الثقيلة ضد مدنيين عزل في الجزيرة، قائلاً إن الجيش يقاتل “مرتزقة” يستهدفون السودان بالتدمير الممنهج للدولة والمؤسسات والبنية التحتية والمدنيين العزل.
وأوضح أن المفوضية القومية لحقوق الإنسان وثقت قيام “مليشيا الدعم السريع” باجتياح منازل المدنيين والأعيان المدنية ونهب وسرقة الممتلكات والأموال واغتيال وإعدام واغتيال أكثر 250 إلى 260 مدنياً وإصابة المئات مع ممارسة العنف الجنسي والاغتصاب والازدراء ضد أي إنسان وقع في أسرها، وكذلك استهداف النساء والفتيات وإخفاء مئات المدنيين قسرياً وتهجير آلاف السكان من قراها مع ممارسة كافة أشكال التعذيب المبرح.
وفي منحى آخر، قال إدريس إن معبر أدري الحدودي مع دولة تشاد يهدد الأمن القومي السوداني بعد استخدامه لإدخال أسلحة متطورة لقوات الدعم السريع.
وكشف في كلمته أمام مجلس الأمن عن دخول 30 شاحنة على متنها أسلحة متطورة ومضادات للطائرات، ما أدى إلى التصعيد الأخير في الفاشر غربي البلاد، مشيراً إلى دخول آلاف المرتزقة من إفريقيا عبر المعبر إلى دارفور.
رئيس بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، محمد شاندي عثمان، قال الثلاثاء: “لقد أذهلنا النطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان”، موضحاً أن غالبية حالات الاغتصاب تنسب إلى قوات الدعم السريع، وبخصوص منطقة دارفور فتنسب إلى حليفتها مليشيا الجنجويد.
وأكد في تقرير حديث نشره، تلقي البعثة معلومات موثقة بشأن حالات اغتصاب رجال وفتيان، بين أن ضحايا العنف الجنسي بشكل عام تتراوح أعمارهم ما بين 8 إلى 75 عاماً.
ونوه شاندي أن قوات الجيش والدعم السريع والقوات المتحالفة معها ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني الدولي ولربما يرقى العديد منها إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، كما مارسا التعذيب وعرقلا وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
المصدر:القدس العربي