حصص مصر والسودان من النيل مهددة بسبب اتفاقية «عنتيبي»

القاهرة ـ  تصاعدت التوترات بين دول حوض النيل، مع إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أمس الأحد، بدء تنفيذ الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، والمعروفة باسم اتفاقية “عنتيبي”، واصفا إياها بأنها “لحظة تاريخية وتمثل تتويجا لرحلة طويلة نحو الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل”
وتؤكد مصر والسودان رفضهما لاتفاقية “عنتيبي”، وتمسكهما باتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة عام 1959، والتي جاءت مكملة لاتفاقية 1929، وترفض الإضرار بدول المصب، كما تقر نسبة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، ونسبة 18.5 مليار متر مكعب للسودان.

المصدر الرئيسي للمياه

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن بلاده تضع المياه على رأس أولوياتها، معتبرا نهر النيل تحديدا قضية ترتبط بحياة الشعب المصري وبقائه، كونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه في مصر بنسبة تتجاوز 98٪.
وأضاف خلال افتتاح النسخة السابعة من أسبوع القاهرة للمياه، أن الحفاظ على هذا المورد الحيوي مسألة وجود تتطلب التزاما سياسيا دؤوبا، وجهودا دبلوماسية، وتعاونا مع الدول الشقيقة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة، وفق كلمته.
ودعا المجتمع الدولي إلى زيادة دعمه لجهود الدول الأفريقية في مجال إدارة الموارد المائية وتوفير التمويل والتكنولوجيا اللازمة لتنفيذ المشروعات والبرامج التي تهدف إلى تحقيق الأمن المائي والتنمية ونشر السلام في القارة.
وتابع: في ضوء التزام مصر العميق بهويتها الأفريقية، تبنت مصر العديد من المبادرات والبرامج القارية، ذات الصلة بالمياه.

العودة للنقاش

كذلك، طالب وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم دول حوض النيل الموقعة على الاتفاقية الإطارية “عنتيبي” بمراجعة موقفها والعودة مرة أخرى للنقاش حول التعاون بين الدول بما لا يحقق ضررا لأي من دول النهر.
وقال في مؤتمر صحافي أمس على هامش أسبوع القاهرة للمياه السابع، أن بلاده سوف تشارك في النقاش حول الاتفاقية الإطارية، لأن موقف مصر عادل ويتسق مع اتفاقيات الأنهار الدولية المعمول بها دوليا.
وأكد أن أي إجراء لابد أن يشمل جميع الدول ولا يستثنى مصالح دولة على أخرى، بما يوقع عليها الضرر، لافتا إلى أن مصر أسست مبادرة حوض النيل في تسعينيات القرن الماضي، لكن ما حدث وبعد المناقشة أن إحدى الدول سعت للحصول على اتفاق بين دول بعينها دون الاخرى، رغم مخالفة ما جاء في الاتفاق من مخالفة للأعراف الدولية.
ولفت إلى أن بلاده ترفض الاجراءات الأحادية ولا تعترف بالاتفاقيات الموقعة بشكل أحادي.
وزاد: الواقع الآن في حوض النيل غير جيد، حيث تم تقسيمه إلى ثلاث مجموعات غير متفقين وهم دول أعالي النيل ودول شرق النيل ودولتي المصب، وهو ما يشير إلى أنه لا يوجد توافق بين دول الحوض ولا توجد منظمة تمثل الحوض، وهو ما لا يعود بالنفع على الدول المتشاطئة على نهر النيل.
ولفت إلى أن مصر تدعم دول حوض النيل وسبق وأن ساهمت في مشروعات تعاون ثنائية وتسعى لأن يكون حوض النيل كيانا واحدا، مشددا على أن مصر لديها استخدامات حقيقية والمياه الحالية لا تكفي، وبالتالي لا تسمح مصر بالتنازل عن متر واحد من مياه النيل، وترفض بشكل قاطع اتفاقية “عنتيبى” بوضعها الحالي.
وكانت مصر والسودان، أعلنت في بيان مشترك، أمس الأول السبت، أن الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل غير ملزم لهما، في خطوة قد تفشل سعي إثيوبيا لتشكيل تكتل يدعم خطتها لإعادة توزيع حصص مياه النيل من جديد.
وأعلن البلدان أن الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان عقدت اجتماعا يومي 11 و 12 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تباحث فيه الجانبان المصري والسوداني في عدد من القضايا ذات الصلة بمياه حوض النيل في إطار اختصاصها بموجب اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه نهر النيل الموقعة بين مصر والسودان في نوفمبر/ تشرين الأول 1959، بما في ذلك مستجدات موقف تصديقات بعض دول الحوض على مشروع اتفاقية “عنتيبي”.
وأكدت الهيئة أن الجانبين بذلا جهودا مكثفة ومستمرة على مدار الأعوام السابقة لاستعادة اللُحمة ورأب الصدع الذي تسبب فيه تبني بعض دول الحوض لمسودة غير مستوفية للتوافق لوثيقة ما يسمى بالاتفاق الإطاري ولا تتسق مع قواعد القانون الدولي ذات الصلة والممارسات الدولية المثلى، بما في ذلك في التجارب الأفريقية الرائدة مثل حوض نهر الزامبيزي والسنغال، والتي تضمن استمرارية التعاون واستدامة التنمية للجميع.
وزادت في بيانها: سعت الدولتان لأن تكون الآلية التي تجمع دول الحوض آلية توافقية تقوم على الشمولية وتنتهج في عملها القواعد الراسخة للتعاون المائي العابر للحدود، وفي مقدمتها مبادئ التشاور والاخطار المسبق بشأن المشروعات المستندة إلى دراسات علمية وافية للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمشروعات التي تنفذ من خلالها، إلا أن هذه الجهود لم تجد التفاعل الإيجابي اللازم.
وجددت مصر والسودان التزامهما الكامل بالتعاون مع دول حوض النيل في إطار المبادئ المتعارف عليها دوليا والتي تحقق المنفعة للجميع دون أحداث ضرر لأي من الدول.
واكدت البلدان أن ما يسمى بالاتفاق الإطاري للتعاون في حوض النيل غير ملزم لأي منهما، ليس فقط لعدم انضمامهما إليه وإنما أيضا لمخالفته لمبادئ القانون الدولي العرفي والتعاقدي، كما تشددان على أن مفوضية الست دول الناشئة عن الاتفاق الإطاري غير المكتمل لا تمثل حوض النيل في أي حال من الأحوال.
ودعت مصر والسودان دول الحوض إلى إعادة الُلحمة إلى مبادرة حوض النيل وعدم اتخاذ إجراءات أحادية تسهم في الانقسام بين دول المنابع ودول المصب بحوض نهر النيل، اقتناعا بأن استعادة مبادرة حوض النيل لشموليتها هو الطريق الأمثل للتوافق على إطار وآلية تعاون دائمين لحوض النيل.
وتعرف اتفاقية “عنتيبي” أيضا بالإطار التعاوني لحوض نهر النيل، حيث أبرمت عام 2010 وتفرض إطارا قانونيا لحل الخلافات والنزاعات، وتفرض إعادة تقسيم المياه، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية بدون التوافق مع دول المصب، وهو ما ترفضه مصر والسودان.
ووقعت 6 دول على اتفاقية “عنتيبي” هي إثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وبوروندي وجنوب السودان.
وكانت جنوب السودان هي آخر الدول الموقعة على الاتفاقية في شهر يوليو/ تموز الماضي، وطبقا لبنود الاتفاقية فإنها تدخل حيز التنفيذ بعد 60 يوما من مصادقة 6 من الدول الأعضاء، إذ يشترط الجزء الثالث من الاتفاقية تصديق برلمانات 6 دول على الأقل، لتأسيس المفوضية التي سيكون مقرها الدائم في أوغندا.
ويأتي دخول اتفاقية “عنتيبي” حيز التنفيذ في وقت تتواصل أزمة سد النهضة الأثيوبي.
وتوقفت مفاوضات سد النهضة بعد فشل آخر جولة استضافتها أديس أبابا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتتمسك مصر بالتوصل لاتفاق ثلاثي على ملء وتشغيل سد النهضة، لضمان استمرار تدفق حصتها السنوية من مياه النيل، غير أن أثيوبيا ترفض ذلك، وتقول إن السد الذي بدأ تشييده قبل أكثر من عقد ضروري من أجل التنمية ولا يستهدف الإضرار بدولتي المصب.

المصدر :«القدس العربي»

Share this post