الخرطوم- «القدس العربي»: أكدت تنسيقية لجان المقاومة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور-غرب السودان- مقتل 13 شخصاً إثر عمليات قصف نفذتها قوات الدعم السريع، استهدفت سوق المدينة، فيما عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه البالغ إزاء التقارير المتعلقة بالهجوم الشامل الذي تشنه قوات “الدعم السريع” على مدينة الفاشر في السودان.
وطالب، زعيم قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بالتصرف بمسؤولية وإصدار أمر فوري بوقف هجمات قواته على المدينة، مشدداً على أن أي “تصعيد آخر سيهدد بنشر النزاع بين المجتمعات في دارفور. ولفت إلى الأوضاع الكارثية في الفاشر، حيث يعاني مئات الآلاف من الناس من احتياجات ملحة، مؤكداً على أن وقف إطلاق النار ليس ضرورياً فحسب، ولكنه أمر عاجل في الفاشر وجميع أنحاء السودان.
وقال إن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى السودان، رمطان لعمامرة، ما يزال يواصل جهوده لتعزيز السلام، وإنه مستعد لدعم الجهود الجادة لوقف هذا العنف والتوجه نحو السلام. وأشار إلى أن المنظمات الإنسانية جاهزة لزيادة المساعدات بسرعة في الفاشر وغيرها من المناطق المحتاجة في البلاد.
كذلك أدان الاتحاد الأوروبي، بشدة، هجوم قوات الدعم السريع على الفاشر بشمال دارفور. وحذر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، أمس الأحد، من أن الهجوم سيؤدي لتضرر آلاف المدنيين الأبرياء الذين وقعوا في مرمى نيران الطرفين المتحاربين، وخاصة أولئك المحاصرين في مخيم زمزم، الذي يعد من أكبر معسكرات النازحين داخلياً في السودان.
ولفت قوات الدعم السريع بالالتزامات الواردة في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (2736) الذي يطالبها بوقف الحصار وتهدئة القتال في الفاشر على الفور.
وقال إنه لن يكون شاهداً على إبادة جماعية أخرى وسيواصل العمل مع آليات المساءلة الدولية لمحاسبة الجناة على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي ارتكبوها وما زالوا يرتكبونها. وأشار إلى استعداد الاتحاد الأوروبي للنظر في فرض عقوبات إضافية، بما في ذلك ضد أولئك الذين يشغلون مناصب قيادية، داعياً الأطراف المتحاربة و”الميليشيات” التابعة لها وأنصارها الإقليميين للالتزام بالقانون الإنساني الدولي، من خلال حماية المدنيين من الصراع، وتوفير الوصول الإنساني دون عوائق والسماح للمدنيين بالتحرك داخل وخارج مخيم زمزم.
وحث القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” على الاجتماع على طاولة المفاوضات لإيجاد حل سلمي لهذا الصراع. وطالب من وصفهم بأنهم يؤججون الحرب، خاصة الرعاة الإقليميين والدوليين، إلى وقف دعمهم.
وأبدى حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي ترحيبه بموقف الاتحاد الأوروبي، الذي قال إنه يدين قوات الدعم السريع لأول مرة منذ اندلاع هذه الحرب. وطالب الاتحاد الأوربي باتخاذ خطوات متقدمة نحو تجريم قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية.
وتشهد مدينة الفاشر هجمات متتالية لقوات الدعم السريع تصاعدت وتيرتها خلال الأيام الماضية، حيث تحاول القوات التي يتزعمها “حميدتي” الاستحواذ على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور غرب السودان.
بالمقابل، يواصل الجيش السوداني وقوات الحركات المسلحة المشتركة صد هجمات الدعم السريع.
وفي السياق، قالت القوات المسلحة السودانية إنها بالتعاون مع القوات المشتركة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين (المتطوعين من المواطنين) إنهم يواصلون دحر قوات الدعم السريع، مشيرة إلى مقتل قادة ميدانيين في قوات الدعم السريع وتدمير مركبات عسكرية واستلام عتاد حربي بعد هزيمة القوة المهاجمة للدعم، السبت، على الفاشر.
وقالت القوة المشتركة للحركات المسلحة- تقاتل إلى جانب الجيش وتضم عدداً من الحركات الدارفورية- إن قوات الدعم السريع تشن هجوماً واسعاً على الفاشر، السبت من المحاور الشرقية والجنوبية، مشيرة إلى أنه الهجوم رقم 137 من نوعه “ال 1 إي” يستهدف المدينة. وتابعت أن الهجوم بدأ في تمام الساعة الخامسة صباحاً بتوقيت السودان، لكن القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة للحركات المسلحة والقوة الشعبية للدفاع عن النفس (قشن) والمقاومة الشعبية تصدت للهجوم.
وفي وقت تتواصل عمليات القصف المدفعي التي تنفذها قوات الدعم السريع على المدينة، تراجعت قواتها البرية بعد صد الجيش هجومها الأخير على الفاشر.
وقالت القوة المشتركة للحركات المسلحة: “نجحنا في إلحاق هزيمة ساحقة لقوات الدعم السريع وأبعدنا قواتها خارج المدينة”، مضيفة: “لقد كبدنا العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، حيث تم القضاء على المئات من جنود الدعم السريع، وامتلأت شوارع المدينة بجثثهم التي تُعد شاهداً على هزيمتهم”.
وأشارت إلى تمكنها من تدمير عدد من الآليات العسكرية بالإضافة إلى الاستيلاء على عشر سيارات قتالية محملة بمختلف أنواع العتاد والأسلحة.
وقالت إن عائلة “حميدتي” تدفع جنود الدعم السريع نحو المحرقة والهلاك على أسوار الفاشر، مؤكدة أن قواتها جاهزة لأي محاولة جديدة من قبل العدو، وأنها عازمة على دحرهم. ومع احتدام المعارك في محيط مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور تتصاعد المخاوف من أن تعيد “معركة الفاشر الكبيرة” إقليم دارفور الواقع غرب السودان إلى مربع الحرب الأهلية.
وفي 14 أبريل/ نيسان الماضي استطاعت قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة مليط التي تقع على بعد 65 كيلومتراً شمال الفاشر، بعد معارك عنيفة مع الحركات المسلحة استمرت لأيام.
واعتبر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي تمدد قوات الدعم إلى مليط محاولة لإحكام الخناق على الفاشر وقطع جميع خطوط الإمداد ومسارات وصول المساعدات الإنسانية عن سكان المدينة وآلاف النازحين العالقين هناك. وتحاول قوات الدعم إحكام سيطرتها على إقليم دارفور، الأمر الذي قد يمكنها من تشكيل سلطة غرب البلاد، موازية للحكومة التي يقودها الجيش من مدينة بورتسودان شرق السودان.