الخرطوم ـ أثارت حادثة احتراق باص سفري يحمل أكثر من 45 راكبا معظمهم من الأطفال، ردود أفعال غاضبة، فيما وصفته تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» بالجريمة البشعة.
وكان الباص السفري في طريقه من مدينة ربك جنوب السودان إلى العاصمة الخرطوم التي تتوسط البلاد، حينما أصابته قذيفة أطلقتها مسيرة عسكرية ما أودى بحياة معظم الركاب حرقا، معظمهم من الأطفال وكبار السن.
وقالت إحدى الناجيات من حريق الباص السفري: «لقد تحول الركاب في لحظة إلى جماجم وجثث محروقة، معظمهم كانوا من الأطفال وكبار السن لقد التهم الحريق عوائل باكملها».
وأشارت إلى أنها وشقيقاتها وبعض السيدات كن قد نزلن للتفتيش في نقطة تفتيش في منطقة طيبة الحسنات، فيما طلبت بعض النساء من أطفالهن عدم النزول، مضيفة: «لقد فقدت إحدى النساء ستة من أطفالها في لحظة واحدة، بينما احترق وجه زوجها بالكامل، وفقدت سيدة أخرى أبنائها الاثنين، لا يمكن احتمال ما حدث لقد انفطرت قلوبنا».
وأضافت: «هناك رجل وامرأة مسنين الحقتهم أبنتهم بنا في منتصف الطريق، قتلوا وكذلك أسرة أخرى صعدت إلى الباص في منطقة عسلاية مع والدتهم المريضة، كانت في طريقها لتلقي العلاج، احترقوا جميعا».
واعتبرت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» قصف الباص السفري استمرارا لعمليات استهداف المدنيين، مطالبة بالتحقيق في الحادثة وتحديد الأطراف المسؤولة وتقديمهم للمحاكمة.
وأشارت إلى أن تعرض الباص السفري الذي كان متوجها من عاصمة ولاية النيل الأبيض (ربك) إلى الخرطوم في منطقة طيبة الحسناب لهجوم بمسيرة نتج عنه موت الكثير من الركاب الموجودين في الباص حرقاً وهو أمر مأساوي زاد من بشاعته أن جزءا كبيرا من الضحايا هم من الأطفال.
وأكدت على ضرورة الكشف عن المتورطين في الحادثة وتقديمهم للمحاكمة معتبرة ذلك جريمة حرب مكتملة الأركان استهدفت مدنيين وأطفالا.
وشددت على ضرورة التزام طرفي الحرب ممثلين في القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والمجموعات المتحالفة معهما في التوقف عن مضايقة المدنيين وتقييد تحركهم والإساءة لهم والتوقف عن إستهداف المدنيين على أساس إثني أو قبلي أو سياسي.
وقالت «تقدم» أن هذه الجريمة البشعة متوافقة مع منهج استهداف المدنيين منذ اندلاع الحرب موقف التحالف الداعم لتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق المشكلة من قبل مجلس حقوق الإنسان لعام آخر وكل توصيات تقريرها.
وكانت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، قد أوصت في تقريرها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بنشر قوة مستقلة ومحايدة بتفويض لحماية المدنيين بدون تأخير، مطالبة جميع الأطراف في البلاد بوقف الهجمات ضد المدنيين بدون قيد أو شرط. الأمر الذي رفضته الحكومة السودانية، مؤكدة على موقفها المعلن المتحفظ على البعثة والتعاون معها.
واتهمت البعثة بالافتقاد إلى المهنية والاستقلالية، معتبرة إياها هيئة سياسية لا قانونية متجاوزة لحدود تفويضها.
وتقدر مجموعات طبية محلية عدد الضحايا المدنيين منذ اندلاع الحرب منتصف نيسان/ابريل من العام الماضي بأكثر من ثلاثين ألف قتيل، فيما يرجح أن يكون العدد أكبر من ذلك بسبب التحديات المتعلقة بعمليات الرصد للقتلى، وعدم تقييد أعداد كبيرة منهم في الأوراق الرسمية ودفنهم في منازلهم أو الفسحات القريبة منهم بسبب صعوبة الحركة خلال العمليات العسكرية.
وأكدت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» أن حادثة قصف الباص السفري تؤكد على أن الوقت قد حان بعد مرور نحو العام والنصف على هذه الحرب لاستخدام أساليب ضغط أكثر فعالية وصرامة لإجبار الجهات المصممة على استمرار الصراع في البلاد والمستفيدة منه ومن عدم وقفها دون اكتراث.
ولفتت إلى تداعيات الحرب المهددة للملايين بالموت جوعاً ومرضاً، والواجب الأخلاقي والإنساني للمجتمعين الإقليمي والدولي الاستجابة لتطلعات الشعب السوداني المشروعة في وقف الحرب وتحقيق السلام والحرية والعدالة والحكم المدني الديمقراطي.
وأضافت: «ليس هناك المزيد من الوقت للأقوال وحان الوقت الآن وفوراً لاتخاذ أفعال عاجلة وحاسمة تسهم في إنقاذ ما تبقى من السودان وشعبه».
وفي السياق ندد حزب الأمة القومي بحادثة قصف الباص السفري مشددا على أنها جريمة مكتملة الأركان.
وأبدى الحزب أسفه لمقتل معظم ركاب الباص على نحو مروع وإصابة آخرين -معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن- على الرغم من مرور الباص بكل الارتكازات في مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع.
وشدد على أن ما حدث لركاب الباص السفري يعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وانتهاكا واضحا لحقوق الإنسان، مضيفا: «أن الحرب المندلعة في السودان تجاوزت كل المعايير الأخلاقية وباتت تستهدف المواطنين الأبرياء بصورة مباشرة من خلال استهدافهم بالقصف الجوي والمدفعي والانتهاكات المستمرة من طرفي القتال بصورة تؤكد وحشيتها وضرورة وقفها بأسرع وقت ممكن».
المصدر: (القدس العربي)