طرفا الصراع يبديان استعدادهما مجدداً للانخراط في التفاوض وإيجاد حل سلمي استجابة لدعوة بايدن،

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أبدى الطرفان المتحاربان في السودان استعدادهما مجدداً للانخراط في التفاوض وإيجاد حلول سليمة وذلك استجابة لدعوة جديدة تقدم بها الرئيس الأمريكي جو بايدن، فيما تصاعدت وتيرة المعارك في ولاية الجزيرة وسط السودان، أمس الخميس، مع محاولة الجيش التقدم في عدد القرى في الطريق نحو استعادة مدينة “ودمدني” التي استولت عليها الدعم السريع أواخر العام الماضي.
وقال رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، إن حكومته “منفتحة أمام كافة الجهود الرامية لإنهاء هذه الحرب المدمرة”. وأضاف البرهان، في بيان له، رداً على دعوة بايدن: “نحن على استعداد للعمل مع جميع الشركاء الدوليين سعياً للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة شعبنا ويضع السودان على الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة”.
وأعرب عن تقديره لتعبير جو بايدن عن قلقه ودعم الولايات المتحدة للجهود الإنسانية داخل السودان والدول المجاورة، مؤكداً بأنهم مصممون على إنهاء الصراع الحالي بشكل سريع وحاسم وضمان استعادة السلام والأمن والاستقرار في جميع أنحاء البلاد.
ولفت إلى أن ما ذكره بايدن بشأن الهجمات الممنهجة والواسعة النطاق التي تشنها ميليشيات الدعم السريع عن الفاشر لا يعكس سوى جزء بسيط من الفظائع التي “ارتكبتها الميليشيات الإجرامية” في السودان. وقال: “تظهر الميليشيات استهتاراً تاماً بحياة الإنسان والبنية التحتية المدنية والتراث الثقافي القديم للسودان والذي يعود إلى الحضارتين الكوشية والمرّوية”، داعياً المجتمع الدولي إلى ما هو أبعد من الإدانة ومحاسبة الدول التي تواصل دعم وتمكين السلوك المدمر للميليشيات.
و، أبدى قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ترحيبه بما وصفه الاهتمام الدولي الرفيع الذي تجلى في بياني مجلس السلم والأمن الإفريقي والرئيس الأمريكي، مشيراً إلى أن الأزمة السودانية تتطلب استجابة دولية سريعة لوقف الحرب المدمرة والتي أسفرت عن أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وأكد التزام الدعم السريع بالسلام والحكم المدني وتوفير المساعدات الإنسانية، لافتاً إلى تقاعس الجيش عن المشاركة في مفاوضات السلام وطالب بالضغط عليها لإنهاء المعاناة الإنسانية.
وكان قد دعا بايدن في بيان نشره البيت الأبيض الجيش وقوات الدعم السريع إلى سحب قواتهم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والعودة إلى طاولة التفاوض.

إحباط أممي

وفي سياق متصل، رأى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن الهجمات الأخيرة التي تقودها الدعم السريع على الفاشر تعرقل جهود الحل، وشدد خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية المصري، بدر عبدالعاطي، على ضرورة وقف الطرفين للحرب. وقال، إنه تحدث مع بلينكن، عن الأهمية البالغة لعدم وضع الجيش السوداني الوطني في الكفة نفسها أطراف أخرى بجانب أهمية العمل على تعزيز دور المؤسسات والدولة السودانية حتى تضطلع بمهامها في الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية.
وإلى ذلك، أعلن البيت الأبيض، مساء الأربعاء، أن بايدن سيستقبل، الإثنين المقبل، رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد لبحث الأوضاع في غزة والسودان، ويأتي ذلك في ظل اتهام الخرطوم لأبوظبي بالوقف خلف الدعم السريع ومدها بالسلام والمشاركة في الحرب ضد الشعب السوداني.
في الأثناء، عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غرتيويش، عن إحباطه الشديد من قيادتي الطرفين المتحاربين في السودان، وقال في تصريحات صحافية، أمس: “أشعر بإحباط شديد من حقيقة أن الوضع الحالي يجعل الطرفين يشعران أنهما يستطيعان أن يفعلا ما يريدان، وأن لا شيء سيحدث لهما وهذا هو وضع الإفلات من العقاب الذي نراه في أجزاء أخرى من العالم”.
ويشار إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد عقد جلسة الأربعاء، لبحث الأوضاع في السودان واستمع خلالها إلى إحاطتين من مساعدة الأمين العام لشؤون إفريقيا، مارثا بوبي، والقائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، جويس مسويا.
وحذر من أن كثيراً من الناس سيموتون ما لم يتخذ مجلس الأمن والمجتمع الدولي إجراءات حاسمة تتعلق بإلزام الأطراف بالقانون الدولي الإنساني وعدم التسامح مع الفظائع، خاصة التي شهدتها ولاية غرب دارفور ومدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
ودعا مسويا، المانحين إلى توفير الموارد الضرورية لمعالجة الأزمة الإنسانية غير المسبوقة، مبيناً أن التمويل للنداء الإنساني بلغ حتى الـ 17 سبتمبر/ أيلول بلغ 1.3 مليار دولار أي أقل من 50 % من المبلغ المطلوب وهو 2.7 مليار دولار.

ميدانياً

أما على الصعيد الميداني، أفادت مصادر عسكرية لـ”القدس العربي” بوقوع معارك عنيف بين الجيش والدعم السريع بقرية الشايقاب ـ 12 كيلو من مدينة ود مدني ـ بعد أن حاولت الدعم السريع استعادتها مجدداً من يد الجيش. وقالت المصادر إن الدعم السريع هاجمت القرية من ثلاثة محاور إلا أن دفاعات الجيش تصدت لها وكبدتها خسائر بالغة قبل أن تسحب قواتها إلى قريتي الطلحة ومهلة.
فيما قالت المقاومة الشعبية بمدينة المناقل إن قوات الجيش بالمحور الغربي من ولاية الجزيرة ألقت القبض على “قائد كبير” والعشرات من ميليشيات الدعم السريع بعد محاولة هجوم تصدى لها الجيش في قرية الشايقاب.
شرقاً، وفي محور القتال ببلدة الفاو، قال سكان محليون لـ”القدس العربي” إن الجيش قام بتدوين مدفعي عنيف على قوات الدعم السريع المتواجدة في بعض القرى تلك النواحي دون التأكد من حجم الخسائر. السكان كذلك أشاروا إلى أن الدعم السريع ردت بالمقابل عبر المدفعية على أماكن تواجد الجيش بـ”الخياري”.
ويحشد الجيش منذ شهور جنوده وقوات من الحركات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى والمستنفرين في محورين رئيسين غربي ينطلق من مدينة المناقل وشرقي من مدينة الفاو وذلك بهدف استعادة مدينة ود مدني عاصمة الولاية التي سقطت أواخر العام الماضي في يد الدعم السريع.
وفي سياق متصل، قالت منصة نداء الوسط إن الدعم السريع هاجمت قرية “ديم إلياس” وقتلت المواطن الشيخ متوكل عند محاولتها نهب أمواله، كما أفاد بمقتل المواطن سامي بلال وإصابة آخرين خلال هجوم مماثل تعرضت له قرية “الشدايدة عجبنا” شرقي ولاية الجزيرة.
أما في مدينة الفاشر غربي السودان، قال ناشطون محليون إن الطيران الحربي التابع للجيش قصف مواقع لقوات الدعم السريع شرقي المدينة بالإضافة إلى سماع دوي انفجارات قوية في المحور الشمالي الشرقية للفاشر.

Share this post