كاتب أميركي: ذهبت للتو إلى دارفور وهذا ما حطمني

زار كاتب عمود الرأي في صحيفة نيويورك تايمز، نيكولاس كريستوف، الحدود بين تشاد والسودان، ورسم من هناك صورة قاتمة لأوضاع اللاجئين الفارّين من جحيم الحرب في إقليم دارفور غربي السودان.

لاجئون من دارفور بالأراضي التشادية ينتظرون توزيع مواد غذائية (غيتي)

واستهل تقريره بما حدث في قرية بدارفور اجتاحتها مليشيا عربية العام الماضي، حيث أمر المسلّحون الرجال والفتيان بالاصطفاف وقتلوهم في مجزرة بشعة.

وذكر أن أحد قادة المليشيا قال لسكان القرية “لا نريد أن نرى أي شخص أسود”، مضيفا بسخرية “لا نريد حتى أن نرى أكياس قمامة سوداء”. ولتحقيق وجهة نظره، أطلق النار على حمار لأنه أسود، وفق ما أفادت به إحدى القرويات تُدعى مريم سليمان لمراسل الصحيفة.

أعدموا إخوتي الخمسة

ثم أضافت أن أفراد المليشيا أعدموا رجالا وفتيانا ينتمون إلى مجموعات عرقية أفريقية سوداء، واصفة كيف أن شقيقها الأصغر نجا من الرصاصة الأولى، ونادى عليها “لقد أطلقوا النار على إخوتي الخمسة، واحدا تلو الآخر”. ثم أطلق أحد أعضاء المليشيا النار على رأسه وسألها بسخرية كيف رأت ذلك؟

وقالت مريم إن المليشيا حاولت بشكل منهجي قتل جميع الذكور فوق سن العاشرة، كما قتلت بعض الأصغر سنا. وأضافت أن صبيًا عمره يوم واحد أُلقي على الأرض وقُتل، واُلقي طفل رضيع في بركة ليغرق.

وتابعت حديثها مع كريستوف قائلة إن المسلحين جمعوا النساء والفتيات في حظيرة لاغتصابهن. وتذكّرت “لقد اغتصبوا العديد من الفتيات”. وقالت إن أحد الرجال حاول اغتصابها هي نفسها، وعندما فشل ضربها، وكانت حاملا فأجهضت.

 

لا مكان لكم في السودان

ونقلت مريم عن أفراد المليشيا قولهم “أنتم عبيد. لا مكان لكم أيها السود في السودان”. لذلك فرّت مريم إلى تشاد المجاورة وهي واحدة من أكثر من 10 ملايين سوداني نزحوا قسرا منذ بدأت الحرب الأهلية العام الماضي في البلاد، وتسببت في مذابح ضد الجماعات العرقية الأفريقية السوداء مثلها، وفق تقرير كاتب العمود.

وأشار الكاتب إلى أن الفظائع التي تُرتكب في دارفور القريبة من الحدود مع تشاد هي صدى للإبادة الجماعية التي حدثت في الإقليم قبل عقدين من الزمان، مع اختلاف حاسم وهو أن زعماء العالم والمشاهير وطلاب الجامعات احتجوا في ذلك الوقت بقوة على المذابح ووحدوا قواهم لإنقاذ مئات الآلاف من الأرواح.

أما اليوم -يتابع كريستوف- فإن النقيض من ذلك حدث، حيث بدا العالم صامتا ومنشغلا بأمور أخرى، ولهذا فإن الإفلات من العقاب يسمح للعنف بالاستمرار دون رادع، مما يؤدي بدوره إلى إنتاج ما قد يصبح أسوأ مجاعة منذ نصف قرن أو أكثر.

لم نر مثله في حياتنا

وقال الكاتب إن المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، سيندي ماكين، أخبرته أن ما يحدث في دارفور “يتجاوز أي شيء رأيناه من قبل على الإطلاق. إنها كارثة، ما لم نتمكن من إنجاز مهمتنا”.

وأبدى كريستوف تشاؤمًا إزاء اجتماع زعماء العالم في نيويورك لحضور الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة. وقال إنه لا يتوقع منهم على الأرجح أن يتمكنوا من إنجاز المهمة.

وأشار إلى أن المطلوب الآن هو ممارسة ضغوط أشد بكثير لإنهاء الحرب الأهلية بين القوات المسلحة السودانية والمليشيات العربية المنافسة، مع دفع الأطراف المتحاربة للسماح بوصول المساعدات الإنسانية.

واعتبر الكاتب أن كل الأطراف المتحاربة تتصرف بلا مسؤولية، لذا فإن 25 مليون شخص، هم أكثر من نصف سكان السودان، أصبحوا يعانون من سوء التغذية الحاد بالفعل، حسب زعمه.

لكنه قال إنه لا يستطيع تأكيد أن كارثة وشيكة بهذا المستوى ستقع، لافتا إلى أن الأطراف المتحاربة منعته من دخول المناطق السودانية التي تسيطر عليها، مما اضطره إلى تغطية الأحداث على طول الحدود بين تشاد والسودان.

“إن كل ما أستطيع قوله هو أنه سواء كانت المجاعة الكارثية محتملة أم لا، فهي تشكل خطرا كبيرا” على حد تعبيره.

المصدر : نيويورك تايمز

Share this post