الحكومة توصي بإنهاء تفويض بعثة تقصي الحقائق مقابل دعوات حقوقية وأوروبية إلى التمديد

الخرطوم- «القدس العربي»: أوصت الحكومة السودانية بإنهاء تفويض بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، مطالبة مجلس حقوق الإنسان بإعمال مبدأ التكاملية ودعم وإسناد اللجنة الوطنية وعدم فرض أي آلية خارجية بديلة.
وعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، في دورة انعقاده العادية رقم 57، جلسة خاصة بالسودان، استمع خلالها إلى تقرير بعثة تقصي الحقائق الخاصة بالانتهاكات للقانون الدولي الإنساني خلال فترة الحرب. وخاطب الجلسة أيضاً وفد الحكومة ومجموعات حقوقية سودانية وممثلون للمجتمع الدولي.
وطالب رئيس الوفد السوداني، النائب العام الفاتح طيفور، خلال مخاطبته الجلسة، بممارسة الضغوط اللازمة على دولة الإمارات التي يتهمها بدعم قوات الدعم السريع بالتعاون مع عدد من دول جوار السودان.
وقال طيفور الذي يترأس كذلك اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والدولي الإنساني، إن تدخل تلك الدول تسبب في إطالة أمد الحرب محملاً إياها مسؤولية التعويضات للأضرار الجسيمة التي لحقت بالسودانيين خلال الحرب المندلعة منذ منتصف أبريل/ نيسان من العام الماضي.
ودعا إلى تعاون دول الإقليم في تسهيل الوصول إلى الضحايا والشهود واسترداد المنهوبات وتسليم المجرمين، مؤكداً على ضرورة المساعدة في إنشاء ودعم صندوق تعويض المتضررين والضحايا.
وأوصت بعثة تقصي الحقائق الخاصة بالسودان، بنشر قوة مستقلة ومحايدة بتفويض لحماية المدنيين دون تأخير، مطالبة جميع الأطراف في البلاد بوقف الهجمات ضد المدنيين دون قيد أو شرط. وكانت البعثة قد نشرت الجمعة الماضية، تقريرها بالخصوص، والذي أعادت تقديمه، أمس، أمام مجلس حقوق الإنسان.
ودعت إلى توسيع حظر الأسلحة القائم في دارفور، وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1556 للعام 2004 والقرارات اللاحقة، ليشمل كل السودان لوقف توريد الأسلحة والذخائر وغيرها من أشكال الدعم اللوجستي أو المالي للأطراف المتحاربة ومنع المزيد من التصعيد، مؤكدة على ضرورة إنشاء آلية قضائية دولية منفصلة تعمل جنباً إلى جنب ومكملة لمهام المحكمة الجنائية الدولية في السودان.
ويشار إلى أن بعثة تقصي الحقائق في السودان المكونة من ثلاثة خبراء برئاسة محمد شاندي، وعضوية كل من جوي إيزيل، ومنى رشماوي، تشكلت  في ديسمبر/ كانون الأول  الماضي.
ويشمل نطاق تكليفها التحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك تلك المرتكبة ضد اللاجئين، والجرائم ذات الصلة في سياق النزاع المسلح المستمر منذ 15 أبريل/ نيسان من العام الماضي، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وتتضمن مهام البعثة التي أنشئت لمدة أولية مدتها عام واحد، القيام بجمع الأدلة وتحليلها تمهيداً لأي إجراءات قانونية مستقبلية وتقديم توصيات بهدف إنهاء الإفلات من العقاب وضمان المساءلة ووصول الضحايا إلى العدالة.
وفي السياق، أكد الاتحاد الأوروبي، دعمه لتوصية بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، بتجديد وتوسيع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على دارفور ليشمل البلاد ككل. وقال إن أي دعم خارجي يقدم للأطراف المتحاربة في السودان سوف يستمر في تأجيج الصراع، ويشكل تهديداً لاستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن بعثة تقصي الحقائق أصدرت تقريراً مهماً حول الوضع المروع في البلاد بما في ذلك الاستهداف العشوائي والمباشر للمدنيين.
واعتبر تقرير البعثة دليلاً إضافياً على أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فضلاً عن المجموعات المسلحة التابعة لهما، مسؤولة عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الدولي وأن العديد من هذه الانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب.
وقال إنه يتوقع من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال قريباً فيما يلي مزاعم جرائم الحرب في السودان. وأكد أنه سيبذل قصارى جهده بالعمل مع الآليات الدولية حتى يتم تحديد جميع الجهات الفاعلة المسؤولة ومحاسبتها على الفظائع التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها.
وأشار إلى فرض الاتحاد الأوربي عقوبات في وقت سابق على بعض المسؤولين، مشدداً على ضرورة عدم الإفلات من العقاب. ودعا إلى وقف إطلاق النار الفوري والمستدام، فضلاً عن إنشاء آليات مستقلة للرصد والتحقق من أجل فرضه.
وخلال مخاطبتها الجلسة أشادت المتحدثة عن مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان، المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان نون كشكوش بتقرير بعثة تقصي الحقائق مشيرة إلى اتفاق المرصد مع ما توصل له التقرير من نتائج تحقيقات كشفت عن ارتكاب أطراف النزاع العديد من انتهاكات، التي ما تزال مستمرة.
وطالبت المجتمع الدولي بمتابعة تنفيذ التوصيات حسب ما وردت في تقرير بعثة تقصي الحقائق، تحديداً فيما يخص توسيع قرار حظر السلاح وتوسيع الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ليشمل كل السودان.
وأشارت إلى استمرار الانتهاكات في الحرب السودانية بما يتضمن القتل خارج القانون، الاعتقالات، التعذيب، الاختفاء القسري، وكل أنواع العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، التهجير القسري، استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين، استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمتطوعين في غرف الطوارئ بالإضافة إلى محاكمات الطوارئ التي قالت إنها تصدر أحكاماً تشوب إجراءاتها معايير المحاكمة العادلة.
ولفتت كذلك إلى استمرار عمليات القصف الجوي من قبل الجيش والقصف المدفعي من قبل قوات الدعم السريع وقطع الإنترنت والاتصالات، مشيرة إلى تفاقم الأزمة في السودان خلال الشهر الماضي، بسبب الفيضانات المدمرة وتفشي وباء الكوليرا مع خروج الكثير من المستشفيات عن الخدمة، مما زاد من معاناة المدنيين.
وطالبت بوقف الحرب والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعدم التعرض للمتطوعين والمؤسسات الطبية والكوادر وحماية المدنيين بما فيهم حماية النساء والأطفال والكشف عن المخفيين قسرياً وإطلاق سراح المعتقلين. وأكدت على ضمان الحق في المحاكمة العادلة والالتزام بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مطالبة المجلس بتمديد ولاية لجنة تقصي الحقائق وتوفير الموارد الكافية لها.
ودعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى التعاون مع اللجنة والسماح لها بالقيام بمهامها وتعزيز مشاركة النساء السودانيات في كل ما من مصلحته وقف الحرب وتعزيز الحقوق.
وفي بيانها أمام مجلس حقوق الإنسان، قالت الحكومة السودانية إن اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والدولي الإنساني اشترطت في تحقيقاتها المحاكمة العادلة في جميع الدعاوى المقيدة والتي بلغت 741.18، منها عدد من الدعاوى تم قيدها ضد منسوبي القوات النظامية مشيرة إلى رفع الحصانة عن بعضهم. وأشارت إلى شطب 43 من تلك الدعاوى في مرحلة التحريات مبيناً اكتمال التحريات في 273 دعوى أحيلت إلــى المحاكم الوطنية، وتم الفصل في 144 منها، فضلاً عن مخاطبة اللجنة 6 دول لتسليم المتهمين الذين يعتقد وجودهم في أراضيها. وأكد كفاءة ورغبة القضاء السوداني في منع الإفلات من العقاب.
واتهم قوات الدعم السريع بإشعال المعارك وارتكاب فظائع وجرائم حرب ضد المدنيين العزل وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، فضلاً عن الاستهداف الممنهج الواسع النطاق ضد إثنية المساليت في ولاية غرب دارفور وغيرها من الانتهاكات في أنحاء البلاد المختلفة.

Share this post