من كارثة الحرب إلى الفيضانات وانهيار السدود وغرق قرى بأكملها.. كيف يعيش السودانيون… صور

لم تترك الطبيعة المواطن السوداني المُشرد منذ اندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش، حيث هطلت الأمطار وتحولت إلى سيول وفيضانات غير مسبوقة، بل وهدمت السدود ومحت عشرات القرى بالكامل من فوق سطح الأرض، تاركة خلفها مأساة إنسانية وبيئية وصحية إلى جانب الواقع المرير.
ما الذي فعلته السيول بالسودان ولماذا انهار سد “أربعات” وكيف يعيش الأهالي التي حاصرتهم المياة وآخر أخبار مئات المفقودين الذي تساوت قراهم بالأرض؟
بداية تقول نضال مهدي، الناشطة في المجال الإنساني والإغاثي بالسودان، “إن السيول العنيفة التي اجتاحت شمال وشرق السودان وولايات متفرقة في البلاد، خلفت وراءها مآسٍ وكوارث جديدة إلى جانب الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه المواطن بسبب الحرب”.

سيول عارمة

وأضافت في حديثها لـوكالة “سبوتنيك“: “نتيجة غزارة الأمطار التي تحولت إلى فيضانات وسيول عارمة، حدثت الكثير من الانهيارات للمنازل واختفاء سكانها، علاوة على أن تلك السيول العارمة أحدثت انهيارات في السدود سواء بشكل كامل كما في سد مربعات أو جزئي في بعض المناطق، الأمر الذي أدى إلى اختفاء قرى بالكامل من على سطح الأرض، حيث تم إدراج تلك السيول تحت مسمى الطوفان نتيجة لشدتها وغزارتها”.
وتابعت مهدي: “هناك تأكيد أن السودان لم يمر من قبل بمثل تلك السيول والفيضانات بهذا الحجم وبتلك القوة، حيث اجتاحت تلك السيول قرية تلو الأخرى وأخفتها تماما عن سطح الأرض وجرفت معها المئات من المفقودين، ووصلت الخسائر المادية إلى آلاف المنازل وأعداد لم يتم حصرها من الوفيات حتى الآن، حيث انقطعت كل وسائل الإنقاذ والطعام والماء في العديد من المدن الغارقة”.

كارثة إنسانية

وأشارت مهدي إلى أن “تلك الفيضانات غير المسبوقة جاءت في وضع يعيش فيه السودان أسوأ حالاته من حرب محرقة ومآسي إنسانية وانعدام الطعام والشراب والدواء نتيجة الحصار من أطراف الحرب، حيث فاقمت تلك الفيضانات والسيول الوضع الإنساني المتردي أصلا، فالمدن الغارقة تحتاج لإنقاذ سريع من إغاثات وخيم ونقل للأماكن الآمنة”.
وحذرت مهدي من أن “عدم بذلك الجهود الدولية من أجل انقاذ هؤلاء الغارقين والمحاصرين يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الكوارث الصحية والبيئية ويقضي على هؤلاء نتيجة الجوع والمرض، لذا على الجميع التحرك لإنقاذ المدن التي غرقت تحت الماء”.

شح المواد الإغاثية

بدورها تقول المستشارة السودانية، لبنى محمد عبد الرحمن، في حديثها لـ”سبوتنيك”: “لقد بدأنا قبل أسبوعين تقريبا في عدد من المبادرات لمساعدة المتضررين من السيول والفيضانات وأيضا متضرري انهيار سد أربعات والتي شملت العديد من المناطق التي طالها الفيضان، مشيرة إلى أن هناك احتياج كبير في بعض المناطق النائية الذين جرفت السيول بيوتهم إلى الخيام، في الوقت الذي تكفل فيه الكثيرين بتوفير المواد الغذائية وبعض الأدوية، ونتمنى أن تلقى تلك المناطق المنكوبة بعض الاهتمام من المنظمات الدولية والأمم المتحدة”.

انهيار السد

من جانبها تقول الدكتورة نوارة ابمحمد بافلي، الباحثة بكلية تنمية المجتمع جامعة البحر الأحمر، رئيسة منظمة سوركنات بالسودان، “إن انهيار خزان أربعات من الأحداث التي هزت منطقة شرق السودان وولاية البحر الأحمر”.
وأضافت في حديثها لـ”سبوتنيك”: “يقع سد اربعات في شمال بورتسودان في منطقة تعتبر مجاري للسيول الموسمية التي تأتي جراء هطول أمطار صيفية غرب سلسلة جبال البحر الأحمر، وتم تخزين المياه بتنفيذ سد اربعات من قبل شركة دانفوديو المنفذة عام 2003 بارتفاع 24 متر مربع مع وضع فتحات أو بوابات لخروج الطمي عبرها، وبهذا تكون فكرة السد هى توفير مياه الشرب لسكان مدينة بورتسودان والتي تعاني من شح مياه الشرب”.
وتابعت بافلي: “عندما بدأ السد استيعاب الدفعات الأولى لمياه السيول وكانت سعته واجهته التخزينية حوالي 15 مليون متر مكعب، واجه السد مشكلة البوابات التي فشلت في إخراج الطمي، بل أُغلقت نهائيا دون التدخل بالصيانة أو المتابعة
حيث وصل ارتفاع الطمي في السد نحو 10 أمتار، لكن قبل انهيار السد كانت الدراسات تشير على ان ارتفاع الطمي وصل إلى 19 متر من أصل ارتفاعه 24متر”.

إهمال جسيم

وأشارت بافلي إلى أنه “مع ارتفاع منسوب الطمي خلف جسم السد، هنا بدأت الكارثة التي تكمن في ارتفاع منسوب مياه الأمطار التي تدخل إلى السد وتعمل على الفيضان نظرا لامتلاء السد، ومن ثم تقوم بتدمير الأراضي الزراعية التي تقع شرقه في الدلتا للاستخدام الزراعي وتوجهت إلي البحر الأحمر الذي يتاخم السد من جهة الشرق”.
وقالت بافلي: “نحن كمنظمة سوركنات القائدات لتنمية المرأة والمجتمع، قمنا بمبادرة لإزالة الطمي وتحدثنا إلى الجهات الحكومة في الكارثة التي تواجهها المنطقة في حال عدم الاستجابة لإخلاء السد من الطمي، ومن ثم عبر لجنة سد اربعات والتي أنا أحد أعضائها قمنا بكتابة تقريرعن مشكلة السد والحلول الآنية الاستراتيجية”.
ولفتت بافلي: “مع بطء الاستجابة وعدم الإدراك بحجم المشكلة هطلت أمطار غزيرة في غرب سلسلة جبال البحر الأحمر، وكانت كمية المياه التي غمرت السد كبيرة جدا، مما أدى إلى انفجار السد الذي يحتضن 19 كلم مكعب من الطمي الذي حال دونه ودون المياه التي تسقي العطشى من مجتمع محلية بورتسودان”.
وتعرض السودان لكارثة غير مسبوقة، تمثلت في انهيار سد “أربعات” في بورتسودان، نتيجة السيول والأمطار التي هطلت بغزارة على الولايات السودانية منذ بداية الشهر الجاري، مما تسبب في فيضانات أغرقت قرى بأكملها، وقتلت العشرات، وتعرض أكثر من 100 شخص للفقد.
ومسحت المياه المحملة بالطمي العديد من القرى عن وجه الأرض، فيما لجأ المواطنين إلى الجبال للنجاة بأرواحهم.
وأفاد شهود عيان بأن “عشرات الجثث جرفتها المياه، بعضها ملقاة على برك المياه وقارعة الطريق، وأن الوضع حاليا أشبه بكارثة “إعصار دانيال”، الذي ضرب مدينة درنة الليبية، في سبتمبر/ أيلول 2023، وفقا لصحيفة “السوداني”.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
المصدر:وكالة “سبوتنيك

Share this post