فرنسا: توقيف مؤسس تطبيق تيلغرام في مطار لوبورجيه على خلفية تحقيق متعلق بتطبيق المراسلة المشفرة

على خلفية مذكرة تفتيش أصدرها بحقه محققون فرنسيون، تم توقيف مؤسس تطبيق تيلغرام بافيل دوروف مساء السبت في مطار لوبورجيه قرب باريس، وفق ما نقلت مصادر مطلعة. ويتهم القضاء دوروف، الذي يُتوقع أن يمثل أمام المحكمة الأحد، بانتهاكات مختلفة متعلقة بتطبيق المراسلة المشفرة.

صورة أرشيفية بتاريخ 1 آب/أغسطس 2017، يبتسم بافيل دوروف، المؤسس المشارك لتيلغرام، بعد اجتماعه مع وزير الاتصالات والمعلومات الإندونيسي روديانتارا في جاكرتا، إندونيسيا. © أسوشيتد برس/ أرشيف

أفادت مصادر مطلعة، أنه تم توقِيف مؤسس تطبيق تيلغرام بافيل دوروف مساء السبت في مطار لوبورجيه قرب باريس بموجب مذكرة تفتيش أصدرها بحقه محققون فرنسيون على خلفية انتهاكات مختلفة منسوبة لتطبيق المراسلة المشفرة.

وقُبض على الملياردير الفرنسي الروسي البالغ 39 عاما في مطار لوبورجيه بين الساعة السابعة والنصف والثامنة مساء (بين 17:30 و18:00 بتوقيت غرينتش) برفقة حارسه الشخصي ومساعدته، وفق ما أوضح أحد هذه المصادر لوكالة الأنباء الفرنسية.

وذكر مصدر آخر مطلع على الملف أن دوروف كان آتيا من باكو (أذربيجان) وأنه كان سيقضي المساء على الأقل في باريس حيث كان مقررا أن يتناول العشاء. ويُتوقع أن يمثل أمام المحكمة الأحد.

يتهم القضاء دوروف بعدم اتخاذ إجراءات ضد الاستعمال المسيء لتطبيقه من جانب بعض المستخدمين.

وقال أحد المحققين “يكفي إفلاتا لتلغرام من العقاب”، مبديا دهشته من أن الملياردير قرر المجيء إلى باريس على الرغم من علمه بأنه مطلوب في فرنسا. وقال أحد المصادر المطلعة على الملف إنه فعل ذلك “ربما بدافع الشعور بالإفلات من العقاب”.

هذا، وأكد مصدران مطلعان على الملف أن قاضي التحقيق الباريسي المكلف بالقضية قد يمدد بقاءه قيد التوقيف لدى الشرطة مساء الأحد. وفي النهاية، قد يُطلق سراح بافيل دوروف أو قد يمثل أمام هذا القاضي.

ومن جانبه، رفض مكتب المدعي العام تقديم أي معلومات “في ما يتعلّق بالإجراء المتبع أثناء التحقيق”.

ويذكر أن المكتب المسؤول عن مكافحة العنف ضدّ القاصرين (Ofmin) كان قد أفاد بأنّه أصدر مذكرة تفتيش ضد بافيل دوروف انطلاقا من دوره كمنسّق في تحقيق أولي في جرائم تراوح بين الاحتيال وتهريب المخدرات والمضايقة عبر الإنترنت والجريمة المنظمة، مرورا بتبرير الإرهاب والاحتيال، وفقا لمصادر مطّلعة على القضية.

“إحساس بالإفلات من العقاب”

ومنذ ذلك الحين، وفي تاريخ غير محدد، تم فتح تحقيق قضائي من قبل القسم السيبراني في السلطة القضائية الوطنية لمكافحة الجريمة المنظمة، وفق مصدر آخر مطلع على الملف.

وأكد مصدران مطلعان على القضية أن التحقيقات أوكلت إلى الوحدة الوطنية السيبرانية التابعة للدرك وإلى المكتب الوطني لمكافحة الاحتيال التابع للجمارك.

وينتقد القضاء بافيل دوروف لعدم تحرّكه ضد استخدام المشتركين لتطبيقه لأهداف مضرّة، خصوصا في ظل الافتقار إلى الإشراف على المحتوى والتعاون مع المحقّقين.

وأفاد مصدر مطّلع على الملف بأنه “يكفي (تطبيق) تيلغرام إفلاتا من العقاب”، مؤكدا انه فوجىء بأنّ الملياردير قرر الحضور إلى باريس رغم معرفته أنه مطلوب في فرنسا. غير أنّ مصدرا آخر رأى أن حضوره إلى فرنسا مستند إلى “إحساس بالإفلات من العقاب”.

“حرية حرية! حرية؟”

وقد أثار اعتقال بافيل دوروف ردود فعل دولية عديدة، على غرار مالك منصة إكس إيلون ماسك الذي كتب وسم #الحرية_لبافيل، قبل نشره رسالة جديدة باللغة الفرنسية قائلا “حرية حرية! حرية؟”.

وبدوره كتب المرشح الأمريكي المستقل للانتخابات الرئاسية روبرت اف كينيدي جونيور الذي أعلن دعمه لدونالد ترامب، في منشور على إكس “الحاجة إلى حماية حرية التعبير لم تكن أكثر إلحاحا من أي وقت مضى”.

وفي روسيا، حيث يعد تيلغرام إحدى أكثر شبكات التواصل الاجتماعي استخداما مع حسابات يصل عدد مشتركيها إلى مئات الآلاف ، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا إن “السفارة الروسية في باريس ستبدأ العمل على الفور، كما هو معتاد” عندما يتم احتجاز مواطنين روس في الخارج. واتهمت السفارة الروسية في فرنسا السلطات المحلية بـ”رفض التعاون” مع موسكو.

وقالت السفارة في بيان أوردته وكالة ريا نوفوستي “طلبنا على الفور من السلطات الفرنسية شرح أسباب هذا الاحتجاز وحماية حقوقه والسماح بزيارة قنصلية. حتى الآن، يرفض الجانب الفرنسي التعاون في هذه المسألة”.

إلى ذلك، وفي مقابلة نادرة أجراها المذيع الأمريكي اليميني تاكر كارلسون في نيسان/ أبريل الماضي، قال دوروف إن فكرة  إطلاق تطبيق مراسلة مشفر خطرت له بعد تعرضه لضغوط من الحكومة الروسية أثناء عمله في VK، وهي شبكة اجتماعية أنشأها قبل بيعها ومغادرة روسيا في العام 2014. وروى أنه حاول بعد ذلك الاستقرار في برلين ولندن وسنغافورة وسان فرانسيسكو قبل اختيار دبي، التي أشاد ببيئة الأعمال فيها و”حيادها”.

وأضاف أن الناس “يحبون الاستقلالية. كما يحبون الخصوصية والحرية، (هناك) الكثير من الأسباب التي قد تدفع شخصا ما إلى التحول إلى تيلغرام”. وأشار حينها إلى أن المنصة تضم 900 مليون مستخدم.

ومع وجوده في دبي، فقد حمى التطبيق نفسه من قواعد المحتوى للدول، في الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على المنصات لحذف المحتوى غير القانوني.

ومع مجموعات المناقشة التي يمكن أن تضم إلى غاية 200 ألف شخص، يتهم تطبيق الرسائل بزيادة احتمال نشر المعلومات الكاذبة وانتشار المحتوى الذي يحض على الكراهية أو الاستغلال الجنسي للأطفال أو التآمر أو الإرهاب.

هذا، وكان بافيل دوروف وشقيقه نيكولا أطلقا تطبيق تيلغرام في العام 2013. ويمكن من خلال هذا التطبيق أن يسهّل تشفير الاتصالات من طرف إلى آخر. وقد وضع نفسه في مواجهة المنصّات الأمريكية التي تعرّضت لانتقادات بسبب استغلالها التجاري للبيانات الشخصية للمستخدمين. كما يلتزم التطبيق وبشكل خاص عدم الكشف عن معلومات حول مستخدميه أبدا.

فرانس24/ أ ف ب

Share this post