أحزاب سياسية سودانية: ختام مباحثات جنيف بدون تعهدات بوقف العدائيات مخيب للآمال

الخرطوم ـ «القدس العربي»:  اعتبرت قوى سياسية سودانية انتهاء مباحثات جنيف بدون الوصول إلى إعلان وقف العدائيات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أمرا مخيبا لآمال السودانيين. لكنها في ذات الوقت رحبت بالتفاهمات حول فتح ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية.

وبعد مباحثات استمرت لعشرة أيام اختتم منبر جنيف أولى جولاته التفاوضية في ظل غياب الحكومة السودانية وممثلي الجيش، إلا أنه أكد حصوله على التزامات من الأطراف السودانية بفتح معبرين لوصول المساعدات الإنسانية من الناحيتين الشمالية والغربية بينما تستمر المساعي لفتح ممر آمن ثالث.
وكانت المباحثات التي انطلقت في 14 آب/اغسطس، في العاصمة السويسرية جنيف، بمبادرة أمريكية ومشاركة عدد من الوسطاء الدوليين قد حددت العمليات الإنسانية ووقف إطلاق النار كأولويات للتفاوض.
وبينما شاركت قوات الدعم السريع من جانبها في المباحثات، رفض الجيش الانخراط في أي منبر جديد قبل تنفيذ التزامات جدة، وشدد على ضرورة خروج قوات الدعم السريع من المقار المدنية وإبعاد الإمارات من منبر جنيف على خلفية اتهامات توجهها الحكومة السودانية لأبو ظبي بدعم قوات الدعم السريع.
وعلى الرغم من غياب الجيش عن المباحثات قال الوسطاء إنهم توصلوا معه على تفاهمات لفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية. بالمقابل فشلت الوساطة في إقرار وقف إطلاق نار في السودان.
وفي بيان مشترك أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية ومصر وسويسرا بالإضافة إلى الإمارات والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في ختام مباحثات جنيف، أكدت موافقة الجيش وقوات الدعم السريع في السودان على توفير ممرين آمنين للمساعدات الانسانية للتخفيف من تداعيات الحرب الدائرة بينهما منذ منتصف نيسان/الريل الماضي.
وقالت الوساطة أنها حصلت على ضمانات من الجانبين لتوفير نفاذ آمن ودون عراقيل عبر شريانين رئيسيين، هما الحدود الغربية عبر معبر أدري في إقليم دارفور، وطريق الدبة التي تتيح الوصول إلى الشمال والغرب عبر مدينة بورتسودان.
وأكدت على أن الغذاء والجوع لا يمكن استخدامهما كسلاح في الحرب، مشددة على ضرورة أن تبقى الطرق مفتوحة وآمنة من أجل إدخال المساعدات وتحويل مجرى الأمور ضد المجاعة.
وأشارت إلى استمرار المساعي من أجل تحقيق تقدم بغرض فتح ممر آمن ثالث للمساعدات عبر ولاية سنار الواقعة جنوب شرق السودان.
وفي السياق قالت مجموعة تحالف تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان ، إنها قدمت لكلا الطرفين المتحاربين، مقترحا لإنشاء آلية امتثال لحل النزاعات وتلقي الشكاوى ومعالجة المشاكل الناشئة فيما يتعلق بتنفيذ الالتزامات المتعلقة بحماية المدنيين بموجب الاتفاقيات القائمة، بما يتضمن إعلان جدة والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وتشكل التحالف الجديد خلال المؤتمر الصحافي للوسطاء الدوليين المشاركين في مباحثات جنيف، حيث أكد على استعداد للعمل مع الطرفين من أجل تشغيل هذه الآلية.
وأشار إلى أنه – باستخدام نموذج تفاوضي هجين وبناءً على أسس عملية جدة – نجحت المجموعة خلال الأيام العشرة الماضية في تأمين إعادة فتح وتوسيع طرق الوصول المساعدات الإنسانية. وأكد حصوله على التزام من قوات الدعم السريع – بإصدار توجيهات إلى جميع المقاتلين بالامتناع عن الانتهاكات.
وفيما يلي مواقف القوى السياسية السودانية، رحبت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» بموافقة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على فتح المعابر الحيوية لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في السودان.
وقال القيادي في التحالف، رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير إن أنظار ملايين السودانيين، خلال الأيام العشرة الماضية، ظلت شاخصة نحو منبر سويسرا أملاً في توافق الطرفين على إيقاف العدائيات باعتبار ذلك مطلبهم الملح لبداية فعلية لإنهاء معاناتهم، ولكن عدم حضور وفد القوات المسلحة حدّ من قدرة المجموعة على تسهيل تحقيق ذلك المطلب، مضيفا: «نرحب مع ذلك بالالتزامات التي قطعها الطرفان على نفسيهما فيما يخص حماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية ونأمل أن يتم الوفاء بها».
واعتبر تشكيل المجموعة المتحالفة من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان التي أعلنت أنها ستظل منفتحة على انضمام الطرفين إلى جولات مستقبلية من المحادثات لتخفيف معاناة السودانيين بشكل عاجل، أمر إيجابي، مؤكدة على ضرورة مواصلة الجهد الدولي والإقليمي لتسهيل الوصول لإيقاف العدائيات.
وتابع: «إن عدم الوصول لاتفاق إيقاف العدائيات يمثل خيبة أمل لملايين السودانيين، إذ يعني ذلك أن يتحسبوا لاحتمال اشتداد المواجهات العسكرية وتوسيع رقعتها وما يجلبه ذلك من موتٍ وتشريد وتدميرٍ وجوعٍ ووبائيات وانتهاكات».
وأشار إلى أنه مع انفضاض منبر سويسرا بدون تحقيق مطلب إيقاف العدائيات لا يُتوقَع أن تتبلور مبادرة دولية أخرى لتحقيقه في المدى القريب، مؤكدا أن هذا لا يعني الاستسلام لواقع الحرب وكأنه قَدَرٌ لا فكاك منه.
ورأى أن المطلوب في ظل هذا الواقع نهوضا وطنيا يوحد الإرادة العامة للسلام بتغليب لغة التواصل بين مكوناتها واستنفار كل ما لديها من ممكنات وأدوات، لهزيمة إرادة من أسماهم «قارعي طبول الحرب ودعاة استمرارها» بهدف الاحتشاد خلف مبادرة وطنية جامعة لإسكات البنادق واشتقاق مسار سياسي سلمي.
واعتبر حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي فتح معبر أدري مؤقتاً لتسهيل دخول الإغاثة لمواطني دارفور أمرا مهما وخطوة تدلل أن الحكومة السودانية جادة في البحث عن السبل لتخفيف معاناة الشعب. إلا أنه استدرك قائلا: «إن الشركات الناقلة للإغاثة من تشاد إلى دارفور أغلبها تعمل بالشاحنات المنهوبة من السودان وبعضها شركات معروفة تتبع للدعم السريع تتستر بأسماء أفراد». وأضاف: «أن هذا ربما يعد أحد الأسباب وراء إصرار وتمسك المنظمات بهذا الطريق دون الطرق الأخرى».
وقال الأمين السياسي لحزب الأمة القومي الواثق البرير إن الشعب السوداني نظر بتفاؤل كبير مصحوب بحذر لمفاوضات سويسرا، واصيب بإحباط شديد بسبب «التصعيد العسكري من طرفي الحرب في مناطق متعددة والتهديد السياسي المتبادل بين الطرفين».
وأضاف: «رحبنا بالدعوة الأمريكية، وعبرنا عن تفاؤل لا يحجب المعوقات والتحديات، لإدراكنا لحقائق موضوعية وأن صناعة السلام تحتاج لإرادة وشجاعة وتقديم تنازلات للمصلحة الوطنية، وأن الطرفين في حاجة فعلياً للخروج من مأزق الحرب، وأن الشعب السوداني الذي دفع ثمن هذه الحرب يريد التوصل إلى اتفاق ينهي معاناته ويستعيد الأمن والاستقرار، وان تعقيدات المشهد وتناقضاته تجعل من السلام هدفاً صعب التحقيق ولكنه ليس مستحيلاً».
ورأى أن المباحثات منذ البداية كانت تواجه العديد من التحديات التي تجعل من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار أمراً صعب المنال في هذه الجولة، مشيرا إلى أن غياب الثقة بين الطرفين ظل أحد أبرز العوائق أمام أي مفاوضات.
وأضاف: «أن الأمر يتطلب إرادة سياسية قوية داعمة للسلام، إضافة إلى رؤية واضحة للوساطة تركز على معالجة الأسباب الجذرية للصراع وليس مجرد التخفيف من تداعياته وبحث مخاوف المتحاربين».

Share this post