قوات «الدعم السريع» تقتل 11 شخصاً في سنار

الخرطوم – «القدس العربي»: قتل 11 شخصاً وأصيب آخرون جراء الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على قرية جنقلي بولاية سنار جنوب شرق السودان. بالتزامن، تنطلق اليوم الأربعاء محادثات جنيف بشأن وقف إطلاق النار في السودان وإيصال المساعدات الإنسانية في ظل غياب وفد الحكومة الذي دفع بعدد من الاشتراطات قبيل المشاركة في أي تفاوض.
وقالت شبكة أطباء السودان في بيان لها أمس الثلاثاء، إن قوات الدعم السريع استباحت قرية جنقلي، ما أسفر عن مقتل 10 مدنيين ونهب القرية والمرافق الصحية وإيقاف الخدمات الصحية وتخريب المستشفى الريف والصيدليات العامة في المنطقة، مشيرة إلى نزوح المواطنين من القرية إلى القرى المجاورة.
وأوضح تجمع شباب سنار، في بيان، أن قوات الدعم السريع أطلقت النار على المواطنين بشكل عشوائي دون مقدمات، في وقت حاول أهالي قرية جنقلي تصديهم للهجوم بالعصي والأسلحة التقليدية. وأشار البيان إلى منع قوات حميدتي الأهالي من دفن موتاهم، لافتاً إلى حالات تهجير جماعية من القرية إلى المناطق المجاورة “أم درمان فلاتة، بنزقة، والدمازين” وغيرها.
أواخر يونيو/حزيران، استولت قوات الدعم السريع على مدينة “سنجة” عاصمة ولاية سنار، واتجهت في التمدد في عدد من مدن وقرى الولاية، فيما ظل الجيش متمركزاً بثقله الرئيسي في مدينة سنار والمحلية الشرقية.
وفي تطورات العمليات العسكرية، أفادت مصادر ميدانية أن طائرات الجيش الحربية شنت، الثلاثاء، غارات على أهداف تتبع لقوات الدعم السريع في منطقة صالحة وقرى الجموعية جنوبي مدينة أم درمان غربي العاصمة.
وقال سكان محليون لـ”القدس العربي” إن قوات الدعم السريع قامت بإطلاق القذائف العشوائية الكثيفة من مدينة بحري على أحياء الثورات شمال أم درمان، منوهين إلى أن بعض القذائف بالقرب من البوابة الشمالية لمستشفى النو الذي يعد المركز العلاج الرئيسي في المنطقة. أما في مدينة الفاشر غربي السودان، فقال شهود عيان لـ”القدس العربي” إن الجيش قام بعملية إنزال جوي لإمداد عسكري في قيادة الفرقة السادسة بالمدينة في وقت تشهد في محاور القتال خفوتاً في حدة الاشتباكات.
سياسياً، من المفترض أن تنطلق اليوم محادثات جنيف التي دعت لها الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في السودان وإيصال المساعدات الإنسانية دون مشاركة وفد ممثل للحكومة التي شددت على تلبية عدد من الاشتراطات، أبرزها تنفيذ إعلان جدة وإبعاد الإمارات، قبيل الانخراط في أي عملية تفاوض.
وقال المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو، إن الجيش لم يوافق على المشاركة في المحادثات، لافتاً إلى أنهم سيواصلون مع الشركاء الدوليين والفنيين استكشاف كل الخيارات ووضع خطة عمل لوقف العنف ودعم شعب السودان.
وأكد خلال مؤتمر صحافي عقده في جنيف، الإثنين، أن الوساطة التي يقوم بها واضحة تماماً، وأولوياتها التوصل لوقف الأعمال العدائية وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن جنيف ليس المكان الملائم للحوار السياسي الذي يرغب السودانيون في إجرائه بدون وجود الأطراف العسكرية.
ورأى أن هناك “لاعبين سلبيين جداً” في السودان حالياً يحاولون وضع أجوبة سياسية قبل جهود وقف الحرب لأنهم يعرفون عدم قبولهم من الشعب السوداني، بالتالي يحاولون الوصول إلى السلطة من الباب الخلفي عن طريق استغلال السودانيين، وهم أشد الحالات ضعفاً.
وكانت قوات الدعم السريع أبدت استعدادها للمشاركة في جنيف وأكدت مصادر مطلعة وصول وفد رفيع المستوى من قبلها، مساء الإثنين. في حين أعلنت الحكومة السودانية فشل المشاورات التي أدارتها مع الجانب الأمريكي في مدينة جدة السعودية بهدف وضع الترتيبات للمشاركة في محادثات جنيف، وقالت إن لديها أربع نقاط تستوجب التنفيذ قبل الحضور إلى جنيف، وهي إبعاد الإمارات ومنظمة الإيقاد كمراقبين لعملية التفاوض، بالإضافة إلى تنفيذ إعلان جدة الموقع في مايو/أيار العام الماضي، والمشاركة بوفد باسم الحكومة لا الجيش، فضلاً عن استفسارها عن دواعي نقل المفاوضات من جدة إلى جنيف.
وإلى ذلك، أكد عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد قائد الجيش إبراهيم جابر، تمسك حكومة السودان باتفاق جدة وضرورة تنفيذ الالتزامات الواردة فيه، وبين خلال لقائه مع القائم بالأعمال الروسي ماكسيم سلي، والقائم بالأعمال الصيني جانغ شيان هوا، والقائم بالأعمال القطري عبد الله راشد ـ كل على حدة ـ استعدادهم للإعداد خارطة طريق لتنفيذ اتفاق جدة، ومن ثم مناقشة رؤية السودان لاستئناف أي محادثات من شأنها الوصول إلى سلام.
وقال مستشار الشؤون الأفريقية في المركز الدولي للدراسات كاميرون هدسون، إن الولايات المتحدة منفصلة عن الواقع السياسي والحقائق على الأرض في السودان، مضيفاً أنها وقعت في نفس “الفخ” الذي وقعت فيه تنسيقية “تقدم”، وأعرب هدسون في تغريدة على منصة إكس عن خشيته من أن تكون واشنطن ضلت الطريق في محاولتها لفرض وساطة في السودان، وقال: “يبدو أن لا أحد يريد وساطتها أو يأخذها على محمل الجد”.
وفي منحى آخر، ضربت الخلافات الاجتماع الذي يعقده الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد مع قوى سياسية سودانية لحل الأزمة في البلاد بأديس أبابا، إذ أعلنت الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو انسحابها، ووصفت المشاركين بقوى السودان القديم وواجهات سياسية للحركة الإسلامية.
وقالت إنها غير معنية بمخرجات عملية المشاورات التحضيرية التي تجري في أديس أبابا. وأوضحت تقدمها بمقترح عقدة مائد مستديرة تشارك فيه القوى السياسية المؤمنة بإعلان نيروبي الموقع بين الحركة الشعبية وتقدم وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، إلا أن بعض الأطراف تصدت للمقترح وأصرت على الدخول مباشرة إلى الحوار دون معايير محددة.
وشدد على تمسكها بضرورة مخاطبة ومعالجة الجذور التاريخية للأزمة السودانية، وذلك لوضع نهاية منطقية للحرب. وقالت إن التنظيمات المقترحة للمشاركة في الحوار “تمثل قوى السودان القديم ولا تعدو كونها واجهات سياسية ومدنية للحركة الإسلامية”.
وتتواصل في أديس أبابا جولة مشاورات بين الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد مع قوى سياسية سودانية تمثل “تنسيقية تقدم، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، وحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل، وحزب المؤتمر الشعبي، والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل”، وتهدف هذه المشاورات إلى النقاش حول كيفية تصميم حوار سياسي بين القوى السودانية المدنية يسهم في إنهاء الحرب وبناء سلام مستدام.
وفي سياق آخر، أعلن وزير الداخلية السوداني خليل باشا سايرين، في تصريحات صحافية، وفاة 68 شخصاً وإصابة 130 آخرين بالإضافة إلى تخريب 189 ألف فدان زراعي، إلى جانب نفوق عدد من الحيوانات وتدمير 4 ألف بصورة كلية و8 آلاف بصورة جزئية وتضرر 40 مرفقاً عاماً وخاصاً جراء السيول والفيضانات التي ضربت البلاد الأيام الماضية.

Share this post