أعلن الجيش السوداني أمس الثلاثاء، إجلاء خمس راهبات من جمعية “الساليزيان الكاثوليكية” وقسيس من جمعية “دون بوسكو” بالإضافة إلى 20 مواطناً من دولة جنوب السودان، كانوا عالقين في منطقة الشجرة جنوب العاصمة السودانية، التي ظلت تشهد معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/ نيسان من العام الماضي. وحسب المتحدث باسم القوات المسلحة نبيل عبد الله، تم نقلهم جميعاً إلى مدينة أم درمان غرب العاصمة السودانية الخرطوم.
ويسيطر الجيش على نطاق واسع من مدينة أم درمان، وبينما تتقدم قوات الدعم السريع في مدينة بحري يتقارب نطاق سيطرة الجانبين في الخرطوم، وتشكل المدن الثلاث العاصمة السودانية الخرطوم.
من المنتظر أن يتوجه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إلى مدينة أم درمان غرب العاصمة السودانية الخرطوم، ليقود العمليات العسكرية هناك، حسب تصريحات مساعده، الرجل الثالث في الجيش السوداني ياسر العطا، الذي أشار إلى تلقيهم توجيهات بتجهيز مقر للبرهان في مدينة أمدرمان. ويدير البرهان البلاد من مدينة بورتسودان شرق البلاد، منذ اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان 2023.
وأكد أن البرهان كان ملتزماً بالتنحي من منصبه قبل اشتعال الحرب التي حالت دون ذلك، مضيفاً: “لقد كان عازماً على الإيفاء بالعهد كما فعل المشير عبد الرحمن سوار الذهب، لولا الحرب التي أجبرته على الاستمرار حتى هزيمة قوات الدعم السريع”.
ويشار إلى أن سوار الذهب تسلّم السلطة أثناء انتفاضة أبريل/نيسان 1985 بصفته أعلى قادة الجيش وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من أحزاب ونقابات، وحتى تسليمه السلطة عام 1986 لحكومة منتخبة ترأس وزراءها الصادق المهدي.
وخلال كلمته، أكد العطا أن نائب القائد العام للجيش الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي ومساعديه عازمون على هزيمة قوات الدعم وسيظلون عضداً لرئيس مجلس السيادة وتحت قيادته لهزيمة قوات حميدتي، مضيفاً: “نحن لا نحب الحرب، ولكنها فرضت على الشعب السوداني، سنواصل القتال حتى نهاية قوات الدعم”. وتأتي تصريحات العطا، بعد تسريبات تحدثت عن خلافات واسعة في كابينة قادة الجيش.
وفي خطابه أمام الجنود في منطقة أم درمان العسكرية، أكد الرجل الثالث في الجيش إرادتهم وقدرتهم على هزيمة قوات الدعم السريع، مشيراً إلى أن القوات المسلحة السودانية مؤسسة قومية ليس لقادتها أي أطماع في الحكم، متهماً من وصفهم بالجناح السياسي لقوات الدعم السريع -لم يسمهم- بإشعال الحرب، مضيفاً: “لقد زينوا للدعم السريع المملوكة لأسرة دقلو، السلطة وقالوا لها سنكون معكم، ودفعوهم لمحاربة الشعب والقوات المسلحة”.
وتابع: “بدأت الحرب عندما أرسل حميدتي قواته إلى مروي قبل الرصاصة الأولى بأيام، مشيراً إلى إصدار القوات المسلحة بيانات تحذيرية، وأن “الدعم السريع” بالمقابل تمادوا وحاصروا الخرطوم وهاجموا رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في منزله .
ويتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات حول من أطلق الرصاصة الأولى في الحرب المندلعة في البلاد منذ أكثر من خمسة عشر شهراً.
وقال العطا إن القائد العام للجيش له إرادة قوية وعزيمة أكيدة على “دحر المليشيا لمئة سنة وليس عاماً واحداً”، في إشارة لقوات الدعم السريع، مؤكداً أنهم اقتربوا من تحقيق النصر.
يأتي ذلك في وقت تتسارع التحركات الدولية من أجل دفع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى طاولة التفاوض عبر منبر جديد في العاصمة السويسرية جنيف، بينما يتمسك الجيش بأن يكون “منبر جدة” أساس أي عملية تفاوضية قادمة.
وحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الجانبين على المشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار في جنيف.
وقالت الخارجية الأمريكية إن بلينكن هاتف البرهان، حاثاً القوات المسلحة على التفاوض لوقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للسودانيين.
ومن المنتظر أن تنطلق مفاوضات جنيف في 14 أغسطس/آب الجاري، حال موافقة الحكومة السودانية. وكان حميدتي قد أعلن موافقته على المشاركة في منبر جنيف يوليو/ تموز الماضي. في المقابل، طلبت وزارة الخارجية السودانية من الولايات المتحدة مزيداً من النقاشات حول المبادرة التي لم تعلن موقفاً نهائياً بخصوصها حتى الآن.
وقال البرهان في منشور على منصة “إكس”: “تلقيت اتصالاً من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، تحدثت معه عن ضرورة معالجة شواغل الحكومة السودانية قبل بدء أي مفاوضات. وأبلغته بأن المليشيا المتمردة تحاصر وتهاجم الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وتمنع مرور الغذاء لنازحي معسكر زمزم”.
وفي تصريحات، أمس الثلاثاء، قال وزير خارجية السودان حسين عوض، إن موقف حكومة السودان ملتزم بنتائج “منبر جدة” باعتباره منصة وحيدة للتفاوض، وضرورة تنفيذ مخرجاته وتطبيق قرارات حماية المدنيين كشرط مسبق للوصول إلى اتفاق نهائي بوقف إطلاق النار في السودان.
على الرغم من انطلاق منبر جدة التفاوضي بعد عشرين يوماً فقط من اندلاع الحرب في السودان، فإنه ظل يتعثر على الرغم من المحاولات المتكررة.
وانطلقت المباحثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بواسطة أمريكية سعودية بمدينة جدة، في الخامس من مايو/ أيار من العام الماضي.
بعدها بستة أيام، وقع الجانبان على إعلان جدة لحماية المدنيين، إلا أن المعارك الطاحنة تصاعدت داخل العاصمة الخرطوم وتمددت في إقليم دارفور وكردفان.
وفي يوليو/تموز الماضي، ارتطمت المباحثات بين الجانبين بأول جدران الفشل، حيث تعثر الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار، بعدها توالت العثرات في المنبر الذي تم تعليقه مرات عديدة دون إحراز أي تقدم يذكر
المصدر : القدس العربي